الإنسحاب الامريكي من أفغانستان،هو زلزال أمريكي،ليس في أفغانستان فحسب،بل حتى داخل امريكا،وهو الوجه البشع للفوضى الخلاقة ،والتي مازالت فصول مسرحيتها الدرامية متواصلة ،وبنجاح منقطع النظير في مطار كابل وحوله،لم يستطع الرئيس بايدن ان يبرر ويقنع الكونغرس الامريكي ،واعتبر الرئيس السابق دونالد ترمب، أن الانسحاب هو (اكبر هزيمة في تاريخ أمريكا)،ووصف الرئيس الابن بوش ((الانسحاب بالخطأ وله عواقب وخيمة جدا)،فيما وصف محللون أن الإنسحاب هذا سينشأ (دولة إرهاب)، مجاورة للمصالح الامريكية في المنطقة،ماحدث في أفغانستان ، أثار التخوف الحقيقي دول الخليج العربي، ودول التحالف الامريكي، ليس من (دولة طالبان)، وإنما من ادارة بايدن،التي خذلت حلفاءها الافغان ،وستخذل حلفاءها في المنطقة،والخليج العربي تحديداً،ولكن الخوف الاكبر،هو من الانسحاب الامريكي من العراق،وكل الدلائل تشير الى أن الادارة الامريكية ،تنوي الإنسحاب الكامل من العراق، بعد إنتهاء الانتخابات البرلمانية المقبلة في تشرين أول،وأزاء الضغط الذي تمارسه أحزاب السلطة والفصائل الولائية في بغداد،على حكومة الكاظمي، وضغوط إيرانية أيضا، بتسريع رحيل الامريكان من العراق، قد يعجّل في (أفغنة العراق)،ففي العراق أزمات كبرى، وتحديات كبرى، لاتسمح بإنهيارات أكثر وتعريض العراق الى حرب اهلية ،تصرّ عليها ايران،لآن ايران هي الرابح الاكبر في افغانستان، وتعتبر إنسحاب بايدن ،هو هزيمة لأمريكا وإنتصار لإيران،وتريد تحقيق (نصر) أخرلها في العراق، من خلال الإنسحاب الأمريكي المنتظر،فالقوى الوطنية كلها، إضافة الى (المكوّن السنّي والاكراد) ،يرفضون الإنسحاب الامريكي من العراق،ولم يصوّتوا في البرلمان على الانسحاب،واليوم العراق يعيش تحديات الانتخابات وورطتها العويصة،فالتيار الصدري والشيوعيون وكتلة المطلق واياد علاوي ،إنسحبوا من نهائياَ من الانتخابات ويطالبون بتأجيلها الى نيسان من العام القادم، فيما تصرّ الاحزاب الولائية، ودولة القانون والفتح والفصائل، والحشد الشعبي والكاظمي على اجرائها في موعدها ،إذن هناك انقسام كبير، فإذا تحققت الانتخابات، فستكون مزوّرة بنسبة مائة في المائة،ومن (مكوّن واحد)،لأن السلاح المنفّلت هو من يديرها وهو مَن سيفوز بمقاعدها،واذا تأجلت الانتخابات فهناك احتمال اكيد سيدخل العراق في نفق حرب شيعية – شيعية ، وسنية شيعية ، إذن بقاء الامريكان في العراق في الوقت الراهن، يبقي العراق خارج لعبة الحرب الاهلية،والتي ترفض الاحزاب والميليشيات والفصائل الولائية،بقاء الامريكان،والسؤال الآن ،على لسان الشارع العراقي للإدارة الامريكية،هل تؤفغن إدارة الرئيس بايدن العراق..؟، وهل من مصلحتها ،أن تكرر خطأها التاريخي، وهزيمتها التاريخية التي خلفتها في افغانستان،وأنزلتْ سمعة أمريكا في الحضيض،بل إعتبرها البعض ترقى الى( فضيحة وتخاذل( أن تترك حلفاءها لمواجهة مصيرهم المجهول،)،هل ستترك العراق يتخبّط في دمه،وأزماته ،وحروبه الأهلية،وفشله السياسي ،وصراعات أحزابه على المناصب والمكاسب، وتبقي السلاح المنفلّت والميليشيات الخارجة عن القانون،تتحكّم بمصير العراقيين،كما تركت طالبان تتحكّم في مصير حلفائها،نعتقد ان الادارة الامريكية ،سوف تعدّ (تجربة افغانستان)، عار لن تكرره في العراق،لأن العراق، موقعه الجيوسياسي لايسمح لها بمغادرته،والتضحية به لايران،وتعتبره الورقة الذهبية التي تفاوض طهران عليه، في مؤتمر فيينا، وبنفس الوقت إيران ،تراهن على العراق، كورقة ضغط رابحة(جوكر)، في مؤتمر فيينا،إذن لامصلحة لإدارة بايدن في التفريط بالعراق، ولهذا تريد أن تتحقق الإنتخابات بموعدها، لتتخلّص من الكثير مما يشكّل على وجودها في العراق،خطراً يعرقل تحقيق مشروعها، ولهذا تدعم الكاظمي بقوة ، والكاظمي ايضا يصرّ على تحقيق إنتخابات ، مستنداً على الدعم الامريكي والدولي اللامحدود،في ضرورة إجراء إنتخابات ، نزيهة بمراقبة مجلس الامن الدولي والامم المتحدة، لهذا فأفغنة العراق، ليس في صالح أمريكا، ولا صالح شعب العراق،الذي كره الاحزاب الطائفية ، والحكومات المتعاقبة التي أوصلت العراق الى قاع الهاوية والفشل، وأدى الى ظهور تنظيم داعش المتوحش، والفساد الناخر في جسد السلطة ،في وقت تشير التحليلات السياسية، أن العراق وأزاء هذا الفشل السياسي، وإنتشار غير مسبوق للسلاح المنفلت، الذي تبدو حكومة الكاظمي عاجزة، عن القضاء عليه،أو حتى تحييّده، وضبط إيقاعه،ويشكّل مثلبة على الحكومة،ويعقتد الآخرون ،أن إنتخابات في ظل السلاح المنفلت ضرباً من الخيال، وإنتحار سياسي،يدخل العراق في نفق لايخرج منه أحد،وقد تتحوّل الأوضاع ،الى سيناريو (الحوثي) ، وهو الأقرب الى التطبيق ،من سيناريو أفغنة العراق،لتباين الاوضاع في البلدين،حيث سيطرة السلاح المنفّلت، على جميع مفاصل الدولة والمناصب الحساسة، بطريقة أو بأخرى،وعلى القرار السياسي، إذن نحن أمام سيناريوهات عديدة،كلها تؤدي الى بالعراق الى المجهول، إن لم يحسم الشعب أمره، ويتحزّم بحزامين، لمرحلة مابعد الانسحاب الامريكي المفترض التي تصرّ عليه الفصائل الولائية،والإعتماد على نفسه،وعلى قواه الوطنية، لمواجهة من يريد إنزلاق العراق الى هاوية الحرب الاهلية،ويحوّل العراق الى مانراه الآن، في أفغانستان من فوضى وخراب،ونزوح له أول وليس له آخر،نعم نخشى كشعب،من سيناريو كابل،لأننا لانثق بأمريكا وإداراتها المتخاذلة،ولا نثق بأحزاب السلطة ،التي تريد إبتلاع ثروات العراق وأمواله وتهرب الى دول الجوار،وتعود الى جحورها ،ما قبل الغزو الامريكي،بعد أن سرقت أموال العراق،نعم إدارة الرئيس بايدن خذلت شعب أفغانستان وخانته، حينما سلمّته لعدوه اللدود طالبان،تماماً كما سلَّم الرئيس اوباما شعب العراق،لإيران وميليشياتها وفصائلها الولائية،وصنعت لنا تنظيم داعش الوحشي ،الذي بطش بالعراقيين،فامريكا لايهمها ذيولها وعملاءها،تتخلى عنهم وتسلمّهم لعدوهم ،حين تحقق مصالحها،فأمريكا صنعت ديمقراطية مزيفة،مهلهلة في العراق،وكتبت دستور طائفي،تحاصصي قميء، وأنشأت جيشاً وسلحّته ودربّته ،ولكنه فاسد بلا عقيدة،بني على أسس طائفية تحاصصية ، هرب أمام أعداد بسيطة من شراذم داعش،تاركا سلاحه الثقيل ودباباته وطاراته ومخازن أسلحته لداعش، تماما كما تركها الجيش الافغاني وسلمها لطالبان،والسبب، لأن الجيشين، لم يكن بناؤهما على عقيدة وطنية خالصة،وإنما بُنيا على الأسس الاثنية والقومية والعرقية، وهذه نتائجه الكارثية،بإعتقادي،ورغم كل ماجرى ،من درس بليغ لبايدن في أفغانستان،أنه سيسلّم العراق لإيران، في نهاية المطاف (كصفقة قذرة)،لإنجاح مؤتمر فيينا ،وإحياء الأتفاق النووي الايراني،ويؤفغن العراق، كما أفغن كابل،فامريكا لاتفرط بمصالحها الاستراتيجية على حساب عملائها،فالتاريخ القريب في فيتنام وكابل ،يؤكد هذا ويدحض ماعداه،العراق مقبل على أفغنة،كما تشير الاحداث كلها،وكما يصرّ أعداء العراق،ممن يروّن في الفوضى فيه ،إنتصاراً لهم ، ولكن وبوعي شعب العراق،وقواه الوطنية في الداخل والخارج ،سيفشل سيناريو بايدن في السماح له بأفغنة العراق،وستفشل نوايا من يريد الشر بالعراقيين لأجنده أسياده، ويصرّ على خراب وتدمير العراق، لسواد عيون أسياده،العراق متيقّظ ،بقواه ووعي وصبر شعبه،لمؤامرة أعداء العراق،ولن يسمح بتمرير سيناريو كابل ،حتى ولو كره الكافرون…!!!!