عندما ظهرت الأفكار القومية في أوربا بادر اليهود إلى اعتناق هذه الأفكار وتأسيس حركة قومية على أساس ديني ثقافي عرفت باسم الحركة الصهيونية، وقد تحوّلت الحركة الصهيونية من شكلها الديني إلى الشكل السياسي، ومن أبرز أهدافها حشد اليهود في جميع أنحاء العالم ـ بشتى السبل ـ لتوطينهم فلسطين .
ويدّعي اليهود بأنَّ لهم حقـّاً تاريخياً في إقامة موطن لهم بفلسطين، إذ ينسبون أنفسهم إلى سكان مملكتي إسرائيل ويهوذا اللتين كانتا قائمتين على أرض فلسطين منذ القرن التاسع قبل الميلاد قرابة الـ 250 سنة،ثم بقيت مملكة يهوذا لوحدها حتى القرن الأول للميلاد. حيث تعتبر فلسطين (أيرتس إسرائيل) ـ باللغة العبرية ـ أرض الميعاد في التراث اليهودي .
القضية الفلسطينية أو (النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي) مصطلح يشار به إلى الخلاف السياسي التاريخي والمشكلة الإنسانية في فلسطين ، بدءاً من عام 1897م (المؤتمر الصهيوني الأول) وحتى يومنا هذا ، وهي تعتبر السبب الرئيس للصراع العربي الإسرائيلي ، وما تبعه من أزمات في منطقة الشرق الأوسط . وإنَّ هذا النزاع ؛ يرتبط بنشوء الصهيونية ، والهجرة اليهودية نحو فلسطين، والاستيطان فيها ، ودور الدول العظمى في أحداث المنطقة.
تتمحور القضية الفلسطينية حول قضية اللاجئين الفلسطينيين، وشرعية دولة إسرائيل ،واحتلالها للأراضي الفلسطينية بالحروب المتلاحقة، وما نتج عنها من مجازر بحق الفلسطينين وعمليات المقاومة العربية والإسلامية ضدها.
هذه القضية ترزح تحت نير ضغوطات اللوبي الصهيوني وقراراته السياسية الاقتصادية ، بمساعدات دول عظمى وغربية كبيرة ، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية .
ولأنَّ فلسطين عموماً ؛ ليست قضية العرب المسلمين وحدهم ، بل؛ هي قضية المسلمين والمسيحيين واليهود معاً، فعلى الذي يريد أنْ يصنع حلاً جوهرياً للأزمة ، عليه أن يؤدلج للحلول التي تتوافق عليها الأديان الثلاثة . وبطبيعة العمق التاريخي والأيديولوجي لموضوعة الأديان السماوية على الأرض ، تجعل الأمر معقداً جداً ومجهض المخاض ، مالم يؤَسَّس لمشروع عالمي يجمع الرضاءات المتباينة ببوتقة التوافق المشترك ، ولعله ؛ كما يلي :
أولاً : عولمة فلسطين ـ بحيث تصبح فلسطين منطقة عالمية وليست منطقة عربية.
ثانياً : تقسيم فلسطين ـ إلى منطقة مسلمة + منطقة مسيحية + منطقة يهودية .
ثالثاً : تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل إسرائيل ..كاملة ً .
الخيار الأول : لا يمكن من الناحية الجغرافية فرز منطقة عربية داخل الجسد العربي إطلاقاً، وإذا ما تم فرزها عنه لمن ستنسب؟ فإذا نسبت إلى الأمم المتحدة سوف لن تكون دولة ذات عضوية ، بل منطقة متنازع عليها في الجغرافية السياسية .
الخيار الثاني : تقسيمها ، وهذا ما يجعلها دولة ضعيفة ، من النواحي السياسية والاقتصادية،كما يسلبها فعل التقسيم هذا هويتها العربية الإسلامية ، ومن ثم ضياع مجد دماء التضحيات التي سالت عليها عبر أكثر من ستين عام.
الخيار الثالث : تحريرها ؛ وهذا هو الخيار الأفضل لحسم الصراع العربي ـ الإسرائيلي،بجعل السلطة العربية الفلسطينية .. (مسلمة عربية ـ مسيحية عربية ـ يهودية عربية) تحكم إرادتها المشتركة كلَّ فلسطين (العربية المسلمة المسيحية اليهودية)، بأنْ يتعايش الجميع على أرض ميعادهم .. أرض يسوعهم .. أرض إسرائهم متواطنين ، وعودة كافة يهود عام 1948 كلاً إلى وطنه الأمّ .
والحالة هذه ؛ والسنون تمرُّ مع عقارب عقود الزمن ، والصراع العربي الإسرائيلي باق ٍ لا يزول .. الدماء البريئة لأبناء هذا الوطن تهدر وتراق على مذابح الإصطراعات المُؤَيَّدة والمُحَرَّضة بدول الغرب ، التي لم تصنع آلة واحدة للسلام ، لكنّها ؛ تصنع وتصدّر كلَّ يومٍ آلاتٍ للموت وللقتل وللدمار ، تصدّر آلات التجريف ، وتصدّر الإسمنت والآجر والمرمر كي تبنيَ إسرائيلُ مستعمراتِها على أرض الإنسان العربي(المسلم ـ المسيحي ـ اليهودي)،وإنَّها لتبني السكنى لليهود القادمين من أوطانهم إلى غير أوطانهم، وتشرّد الأهل العمّارَ عنها ، أو تقتلُ وجودَهم عبر التاريخ البشريّ السحيق، متحججة بكذبة ادّعتها ، كيما تبرر الوجود الصهيوني الزائف على أرض فلسطين العربية.
لماذا استقطبت الحركة الصهيونية العالمية أبناءَها اليهود من أصقاع الدنيا، ولم تستقطبْ الحركة الصليبية العالمية مسيحيي العالم من أصقاع الدنيا إلى الفاتيكان ؟!! ولو كانت الصليبية قد فعلت ما فعلته الصهيونية لقامت عليها الدنيا ولم تقعد.
يبدو أن الحركة الصليبية عام 1897م اكتشفتْ وسيلة ً للتخلص من يهود العالم، ويبدو أن بلفور عام 1917م لم يكن محبّاً ليهود العالم، لكنْ؛ رأى في فلسطين منفىً تاريخياً يجمع فيه يهود العالم على حساب الفلسطينيين .. لا أحد إلاّ الفلسطينيين ، فالعرب الآخرون كلّهم يعيشون في أوطانهم ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقِّ وتواصوا بالصبر !!!
قالوا ؛ سنلقي إسرائيل َ في البحر، فألقتْ إسرائيلُ الثورة َ العربية َ الساخنة َ في بحر الربيع العربي المتجمّد !!!
قالوا ؛ إنَّ صواريخنا (ظافر) قادرة على ضرب أعماق .. أعماق إسرائيل ، فتعانقوا مع قادة إسرائيل ، وأبرموا معهم المعاهدات الكويّسة أوي !!!
قالوا ؛ أعطونا شبراً بفلسطين البعيدة عن المواجهة ، فغزوا جارتهم الكويت !!!
تآكل الجميع تحت صدأ التصريحات الفارغة ، وها هي إسرائيل تبني قبتها الفولاذية فوق تل أبيب ، بسواعد أمريكية و اقتصاد أسواق الذهب الأصفر، بمعدات ٍ وقودها البترول العربي الأسود !!!