أثبتت الضربة الامريكية لقاعدة الشغيرات الجوية في سوريا ،أن الرئيس ترمي حقق ثلاثة أهداف سياسية في وقت واحد ،في سياسته الخارجية،وهي أن الرئيس ترمب إذا قال فعل ، وإن الاستراتيجية الامريكية في المنطقة قد بدأت ،والتي سميت ب(الخطة الامريكية)،وان روسيا وأيران لم يعد لهما تأثير وحضور في الملفين العراقي والسوري، بظهور تحالفات عسكرية استراتيجية جديدة ،بعد إستلام ترمب الادارة الامريكية، وما عليهما إلا الانسحاب المهين من سوريا، وإلا فإن حربا عالمية ثالثة ممكن أن تنتظرهما ، خاصة بعد تهديد الادارة الامريكية،لتكرار قصف سوريا ،ولاسيما الضربة هذه المرة ستكون (لقطع رأس النظام في القصر الجمهوري السوري)، وسط صمت خجول، وإدانة خجولة لكل من روسيا وإيران ،لضربة قاعدة الشغيرات الجوية ،وسكوت صيني متناغم مع امريكا وترحيب دولي وعربي للضربة ، كل هذا يجري ،والمعارضة السورية، تطالب الرئيس ترمب المزيد من القصف على المواقع والقواعد العسكرية والمقرات ،واصبح رحيل الاسد مسألة وقت لا أكثر بالنسبة للادارة الامريكية ، ولكن بعد الانتهاء من معركتي الرقة والموصل ، والقضاء على تنظيم داعش وذيوله ، وفي العراق ،الوضع يختلف تماما ،فالخطة تسير على وفق ما تريد الادارة الامريكية بسلاسة واضحة، ومنها ظهور تحولات كبرى في المواقف لرموز العملية السياسية ،تدعم وتشجع تنفيذ الخطة ،مثل السيد مقتدى الصدر الذي طالب بحل الحشد الشعبي والميليشيات وأولها سرايا السلام التابعة له، والاحزاب الكردية التي رحبت بسياسة ترمب الجديدة،وهذا ما أكده رئيس الاقليم أثناء زيارة الوفد الامريكي لمستشار الرئيس ترمب جاريد كونير ورئيس اركان الجيوش الامريكية جوزيف دانفورد للاقليم ، في وقت استلم السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي الخطة من الرئيس ترمب،وبدأ تنفيذها حال رجوعه الى العراق ، مع تبرم شديد ورفض غيرمعلن من قبل التحالف الوطني التابع ولاؤه لايران ، ووسط ترحيب واضح من الكتل الاخرى كإتحاد القوى وغيره، في وقت اعترف قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب اهل الحق،بوصول أرتال الجيوش الامريكية ليل نهار الى العراق ،وانتشار السريع في الجنوب والوسط والشمال ، وهذا أول إعتراف لاتباع إيران بعودة الجيوش الامريكية الى العراق،لتنفيذ خطتها في إعادة إعمار العراق ،والسيطرة على النفط، وهيكلة الجيش العراقي والاجهزة الامنية والاستخبارية ،وحل الحشد الشعبي ،وإحالة حيتان الفساد الكبار الى القضاء، وتغييرات جذرية في دستور بريمر ،والغاء المحاصصة الطائفية في الحكم وغيرها،إن معركة الموصل بكل صفحاتها العسكرية ،قد وضعت حكومة العبادي أمام خطر داعش وجها لوجه ،وما يمثله من خطر حقيقي على مستقبل العراق والمنطقة،ولولا التدخل الامريكي والتحالف الدولي ضد داعش ،لكان داعش يصل ويتمدد الى حدود لا يتصورها أحد ، وظهور قوة وشراسة وإمكانيات داعش الخيالية في هذه المعركة ،التي تشارف على الانتهاء بهزيمة ساحقة لداعش ،بفضل القصف الامريكي والتحالف ،لمقرات ومضافات ومعامل ومصانع داعش،وقتل قياداته وقطع امداداته من الرقة، هو من جعل العبادي والاحزاب في العملية السياسية ،تقبل ولو على مضض بعودة الاحتلال الامريكي بصيغة وتحت يافطة اعادة إعماروبناء العراق، مقابل الاستيلاء على نفطه،لهذا فإن التسريع بتنفيذ خطة ترمب بات ملحا،خاصة بعد فشل حكومي متواصل وفساد إداري ومالي قل نظيره في تاريخ العراق، وصراعات سياسية بين الكتل والاحزاب ،تنذر بحرب شيعية-شيعية،وحرب كردية-كردية ،وسنية –سنية ،في ظل تغول داعش، وتدخل ايراني غير مسبوق ،وسيطرته على القرار السياسي والديني في العراق، وأطماع إقليمية في الاراضي العراقية،تمهيدا لتقسيمه،وجعله (غنيمة حرب)، لهذا تأتي الخطة الامريكية لتعيد العراق ،الى مسار الطبيعي ومحيطه العربي، لادراكها أن العراق يمثل ثقلا عربيا لايمكن تجاهله ، وإن استقراره يعني إستقرار الشرق الاوسط كله، والواقع الان يؤكد هذه الحقيقة،إضافة الى موارده النفطية والاقتصادية الهائلة وموقعه الاستراتيجي في قبل العالم ، والقضاء على داعش والارهاب ،وإبعاد التيارات الاسلاموية المتطرفة عن السلطة ،التي هي أساس الفوضى والفشل ،وزرع بذرة الطائفية وترسيخها وتغذيتها في المجتمع العراقي،والذي إنتقل الى دول الجوار ،هو أحد اخطر أسباب ظهور تنظيم داعش وماعش والنصرة وغيرها ، لهذا نرى أن البدء بتنفيذ الاستراتيجية الامريكية ،هي استشعار الخطر الاكبر لتنامي وتغول الاسلام الراديكالي في المنطقة ،وخطره على الامن والسلم العالمي، وما تفجيرات في اوروبا والدوال العربية آخرها في السويد وبريطانيا ومصر والاردن ،إلا جرس إنذارلتسريع تنفيذ الخطة، وهكذا كانت عملية قصف قاعدة الشغيرات بسوريا ، بحجة ضرب النظام السوري،قرية خان شيخون بالاسلحة الكيماوية ،وهذا قد يعلن حرب عالمية ،ونحن نرى التصعيد الخطير والتهديدات ،في المواقف الروسية والايرانية وحزب الله ،بالرد العسكري واستعدادها المواجهة مع امريكا اذا تكرر العدوان على سوريا،وقابلها تصريحات امريكية أشد وأقسى لوزير الخارجية تيلرسون ،بمزيد من العمليات العسكرية للنظام السوري، وهذا بحد ذاته ،إعلان حرب عالمية تدخل لها المنطقة ، فهل روسيا جادة في المضي قدما لمواجهة امريكا، أم هي تهديدات لجس نبض لادارة ترمب، نعتقد أن الموقف الروسي هو إبتزاز سياسي لتقاسم النفوذ هناك، اولا وثانيا أن روسيا لايمكنها ان تدخل في حرب مع امريكا لاعتبارات عسكرية تفتقدها روسيا واقتصاد روسي شبه منهار ،لاتقوى على مواجهة امريكا عسكريا، لاسيما وان التفوق العسكري الامريكي واضحا ، فكيف بايران وحزب الله ، نعتقد أيضا أن التصريحات والتهديدات الروسية والايرانية وحزب الله وسوريا ،ماهي إلا ورقة محترقة ،لاقيمة لها ،أمام الاصرار الامريكي،والتفوق الامريكي عسكريا وسياسيا،لاسيما في جمع اكبر تحالفي عسكري تاريخي، هو التحالف الدولي لاكبر قوى عظمى هي بريطانيا وفرنسا والمانيا وإسرائيل ، إضافة الى التحالف الاسلامي العسكري الذي تقوده السعودية وتركيا وقطر والباكستان والذي سمي ب(الناتو العربي)، نرى ان الاستراتيجية الامريكية ماضية في طريقها الى التنفيذ ،وقد إبتدأت في العراق وسوريا ، وبقيت الضربة العسكرية لايران هي الهدف القادم بعد القضاء على داعش في معركتي الموصل والرقة ، وهكذا تبدو التهديدات متصاعدة لامتصاص رد الفعل الامريكي، في وقت تعطي الادارة الامريكية أذنا طرشة لهذه التهديدات ،فعملها على الارض هو الذي يتكلم ،والايام القادمة ستثبت أن ترمب سيعيد النفوذ الامريكي وسمعة امريكا الى واجهة الاحداث، وعندها ستتحقق نبوءة كيسنجر ان القرن الواحد والعشرين ،هو قرن أمريكي بإمتياز ، ولمن يرى أن تهديدات إيران وميليشيات وحزب الله ،تغير وتخوف ادارة ترمب فهي واهمة وتعيش في الخيال،لان باول ضربة امريكية ستتفلش وحدة وتحالف حزب الله والمبليشيات مع ايران وستتفكك بسهولة ،لسبب بسيط ،هو أن أيران تتخلى عن حلفائها بسرعة ،إذا كان الخطر يهدد داخلها ووجودها ، وإنها تستخدمهم كأداة لتنفيذ مشروعها الكوني الديني باقامة الامبراطورية الفارسية في العالم وعاصمتها بغداد ،اذن التهديدات الروسية –الايرانية للاستهلاك الاعلامي،ولاثبات وجود فقط ، وإن التصعيد العسكري هذا ماهو الا لذر الرماد في العيون،وبالونات اختبار ،وهي تعرف إن تم تنفيذها ستكون نهاية ايران وزوال دولتها وولاية الفقيه الى الابد ،وهكذا روسيا ايضا، نحن نرى أن الخطة الامريكية سوف تتحق دون أن تشتعل حرب عالمية ثالثة ، وستغير وتطيح بالاسد ونظامه في نهاية المطاف عسكريا،أو سياسيا كما تفضل ادارة ترمب ، وتعمل عليه في مفاوضات المعارضة مع النظام ،وستعزل الاسلام الراديكالي عن الاسلام المعتدل ،ليس في سوريا بل في المنطقة كلها ، نعم الان نستطيع القول أن الخطة الامريكية في مسارها الصحيح، كما يريدها ويصر على تطبيقها الرئيس ترمب مهما كلف ادارته الامر ،وهو جاهز لكل احتمالات الحرب العالمية الثالثة ان تطلب الامر ،وركبت ايران رأسها وورطت حلفاءها ،في مواجهة امريكا والتحالف الدولي والعربي عسكريا في حرب لاتبقي ولاتذر ،وهذا ما لاتريده روسيا ابدا في هذا الوقت بالذات ……