23 ديسمبر، 2024 3:45 م

هل بخروج المالكي ستنتهي الازمة العراقية ؟

هل بخروج المالكي ستنتهي الازمة العراقية ؟

منذ اشهر وانأ اقرأ مقالات مختلفة تتناول الوضع المحزن في العراق ؟ وتبادل الازمات وغياب العدالة والخدمات ، وطروحات متضاربة حول الصراع الواضح بين السياسيين العراقيين ازاء هذه الازمة ، ولمست ان البعض الكثير تحمل أجندات طائفية وإقليمية تتراقص ما بين سطور كتّابها ، ولعل الاجماع الذي اتفقوا عليه  فيما بينهم هو ضرورة خروج خروج المالكي …
وهو امر مفرح حقا ان يجتمع السياسيون او الداعمون من خارج الحدود على امر وان كان فيه الكثير من الجدل والشك ، وهي بادرة تستحق الاشادة كونهم اتفقوا اخيرا على امر ما !! ولا اعتقد ان خروج المالكي سيكون صعباً فمحافظات الوسط والجنوب هي المتضرر الاكبر من سياسته الاقصائية ، ومجاملاته الدائمة للكتل على حساب استحقاقاتهم ومعاناتهم والتي طالما انقلبت عليه طمعاً في مكتسبات جديدة يدفع ثمنها أهل الجنوب والوسط الذين لازالوا يعيشوا ما قبل الهجرة من حيث الخدمات والفقر مضافاً لها الامراض والإرهاب وبالتأكيد سأكون اول المتظاهرين والداعمين لخروجه لنصرة دعوات الاصلاح ان كانت تحمل وتتبنى مشروع وطني خارج المكتسبات الضيقة للكتل والطوائف والقوميات … ولكن على وفق السياق المدني – القانوني الذي اقره الدستور العراقي ، لان زمن الانقلابات قد ولى ولن يعود ، ولأننا ببساطة نمتلك منظومة ديمقراطية ولو بالحد الادنى وتجري كل اربعة اعوام عبر صناديق الانتخاب ، وعندها سيكون لها صوت الحسم ، كوننا بلد خرجنا من دكتاتورية عائلية – قبلية – حزبية ، ووصلنا الى برلمان يمثل كافة اطياف المجتمع ، برغم انه (عاجز – كسيح ) المهم هو فعل متغير بالاتجاه الصحيح ومثل انقلاب كبير على النظم السياسية البدائية في المنطقة حتى وان جاء بفعل محتل كما يحلو للبعض ان يسميه ، لأنه ببساطة لا يمكن للحراك العربي ان يصل الى فعل التغير دون شريك (محتل) ولدينا سوريا والبحرين مثال حي نلمسه في المنطقة ، وقد يكون الشريك مستترا كما حدث في فعل التغير لدى بعض الدول العربية لكنه فاعل وقد ادى دوره التغيري كفعل حاضر ومشارك ومؤثر .
والتساؤل الابجدي الذي يساورني الان هل ان التظاهرة القادمة التي سنشارك معكم فيها لإخراج المالكي ستؤتي ثمارها كما اتفق عليها الفرقاء ؟؟ وهل ان الازمة العراقية ستجد حلولا سحرية لها بفعل الاخراج ؟؟ بمعنى ان خروج شخص واحد قادر على تغير المعادلة القاسية واستنشاق العدالة المرجوة ، انها تساؤلات واقعية لبلد متأزم ومتناثر ويعيش اهله تحت خط الفقر ، ولا يأمن فيه الفرد على حياته من القتلة وان كان داخل منزله ، ويفتقد اغلب المتصدين للعملية السياسة الى الحد الادنى من الشعور بحرمة الوطن وقدسية المواطن ، وهنا لا ابالي بشكل وحجم الشعارات المتوارثة التي لازمتنا واكتشفنا انها وهم ننام ونصحو عليه …
وما هو شكل هذا المشروع البديل الذي تطروحوه ؟ وكيف ستحل الازمات الكبيرة (المناطق المتنازع عليها – القاعدة – قانون الاجتثاث –  4/ارهاب – التوازن المنفلت – حقوق الانسان الغائبة – التهميش) هل سيقدمها البديل على طبق من ذهب للسياسيين المعترضين ، وان قدمها الاخر الراغب بالحكم ، فما هو مصير المتضررين من هذه الهبات التي لا يمتلك حق منحها لكم لا سيما وان المتضررين هم بالتأكيد عراقيون ايضا ويمثلون (الاغلبية الصامتة) التركمان والعرب السنة في المناطق المتنازع عليها هل سيلملمون اغراضهم ويتركون مدنهم ومنازلهم ليكونوا مشردين داخل وطنهم ليعيشوا لاجئين في صحراء الانبار منتظرين دعما امميا ومعونات تسد رمق عوائلهم  وخيام مقطعة الاجزاء !!! .
ام سيجلس اهل الوسط والجنوب متفرجين على اجساد ابناءهم المقتولين والمتناثرين غدرا  في الاسواق وتقاطعات الطرق وتكريم القتلة بمناصب سيادية !!! عبر الغاء 4/ارهاب ، وهل ستجد حقوق الانسان ضالتها في تحرير القاتل وإرهاب عوائل الضحايا لا سيما وان رئيس لجنة حقوق الانسان البرلمانية مطلوب للقضاء بجرائم ارهاب متعددة بحق عراقيين يحملون الجنسية العراقية ولهم الحق في ان يعيشوا الامن في وطنهم ، وان توفر لهم الدولة الحماية .
لا افهم حقيقة شكل المعادلة الجديدة المقدمة او المرجوة التي ينادي بها البعض ، لسبب بسيط ان فعل التحول يجب ان يتحرك على متغير (علمي – واقعي – انساني ) يحمل شكل الانصاف لشرائح المجتمع العراقي دون تمايز ، وان يرتكز على مفهوم تكريم الانسان بوصفه مواطن وليس تبعا لرغبات طائفة او قومية ما ، وان يعمل الجميع على صناعة مستقبل آخر يستحقه ، وما اجده الان هو غياب ذلك المشروع للمنادين بعملية التغير فلا وعي اقتصادي او سياسي او مدني يحملوه كبديل يعمل على تغير السائد ، ولا عدالة مجتمعية ترسم شكل التواصل بين ابناء الوطن الذي لا يزال يخشى كل منهم الاخر ، فلم اقرأ مثلا الاهداف او الطروحات البديلة التي سترسم شكل الحياة لوطن اعيش فيه وما هو دوري فيه كمواطن لي حقوق وعلي واجبات .
 بل اجد انها ترتكز على عداء شخصي لرئيس الوزراء ، وهو امر محزن ان تختزل الاشكاليات الكبيرة التي تلف وطننا بشخص واحد ، انه لا يعدوا اكثر من موظف حكومي تم انتخابه عبر عدد من الافراد العراقيين من الذين لهم حق الانتخاب ويمتلكون الجنسية العراقية ولهم حق اختيار ممثليهم وان اختلف الاخر معه ، برغم انني احمل الكثير من التحفظات على طريقة ادارته لمنصبه ، ولأنه ببساطة لم يفلح في اختيار مستشاريه او حاشيته او اعلاميه كما فعل السيد الطلباني مثلا في استمالة الاسماء المهمة والمؤثرة عراقياً وجعل منهم فيلق استشارياً يقدمون له النصح من جانب ويدافعوا عن مشروعه في الجانب الاخر …
ما نحتاجه الان هو مشروع تنموي عادل وشامل لكل مفاصل الدولة يقوده اشخاص اكفاء ومتخصصين لخروج العراق من هوته السيحقة ، مشروع يتجاوز الطائفة والقومية ليسموا بالوطن والمواطن في آن معا ، مشروع يجعل من السياسيين موظفين دون فيالق حمايات تنشر الرعب عند تحركاتهم ، مشروع يجعل الكفاءات فوق المساومات او التوازن الذي يشمل فقط عوائل السياسيين وليس ابناء الوطن المجتهدين ، مشروع يشعر فيه الفرد انه سيد نفسه ويتنفس الامن ولا يخشى الاخر ، وليست المشاريع الكسيحة التي تحملها هذه الوجوه البرلمانية التي مللنا مشاهدتها عبر التلفاز من عواصم العالم التي يعيشون فيها حتى غدوا كمراسلين للفضائيات … شخصيات سرقت واستباحت كل المقدسات ، واختلفت اخيرا فيما بينها في تقاسم الغنائم ، لتجتمع مرة اخرى وسيناريو جديد كي تعيد فعل الانتهاك دون ملل .
ان كان هناك متغير قادم يجب ان يشمل اعادة صياغة المشروع الوطني الكسيح ، مشروع يشعر الجميع فيه بالعدالة ، لان الفشل الحاصل يتقاسمه جميع السياسيين دون استثناءات ، كي يغدوا مشروعا وطنيا لا نشم منه مكتسبات طائفية او قومية يقع ضحيته فقراء القوم .