22 ديسمبر، 2024 9:38 م

هل باتت نهاية حكومة المهدي وشيكة؟

هل باتت نهاية حكومة المهدي وشيكة؟

تُعدّ السلطة التنفيذيّة في العراق من السلطات ذات السطوة الواضحة والمتحكّمة في عموم مفاصل الدولة، والسبب هو الصلاحيّات الواسعة الممنوحة لرئيس الوزراء وفقاً للدستور.
يخوّل الدستور رئيس الحكومة بجملة من المهام والصلاحيّات أبرزها أنّه المسؤول التنفيذيّ عن السياسة العامّة للدولة، والقائد العامّ للقوّات المسلّحة، وله الحقّ بإقالة الوزراء، وإعداد مشروع الموازنة العامّة، وخطّط التنمية، والتوصية إلى مجلس النوّاب بالموافقة على تعيين وكلاء الوزارات، والسفراء، والدرجات الخاصّة، وكبار ضباط الجيش والأمن، وكذلك التفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدوليّة، والتوقيع عليها!
وكما يظهر لنا فجميعها مهامّ يسيل لها لعاب تجارّ السياسة في بلاد نُهبت من موازناتها أكثر من 300 مليار دولار باعتراف رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وهذه الأيّام سُلطت الأضواء ثانية على إعادة تقييم أداء حكومة بغداد، وبدأنا نسمع في الإعلام والصالونات السياسيّة نبرة معارضة ناقمة على سياسة المهدي في إدارة غالبية الملفّات السياسيّة والأمنيّة الخدميّة، وهادفة لإجهاض وزارته رغم مرور تسعة أشهر فقط من عمرها!
ويوم الثلاثاء الماضي أكّد رئيس تيّار الحكمة، عمار الحكيم، على الذهاب ” للمعارضة السياسيّة الدستوريّة الوطنيّة البنّاءة”.
أوصلت القوى المسيطرة على البرلمان المهدي لسدّة الحكم على اعتبار أنّه من (المستقلّين)، ويبدو اليوم أنّ هنالك طبخة جديدة في دهاليز السياسة هدفها تنحية المهدي، وربّما تمّت تسمية خليفته!
ويظهر أنّ رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي من أكثر المرشحين حظوة للعودة إلى المنصب، خصوصاً بعد استقالته من حزب الدعوة في أيّار/ مايو الماضي!
وخلال مقابلة صحفيّة في منتصف تمّوز/ يوليو الماضي قدم العبادي نفسه بديلاً لرئيس الحكومة في مجالات شتّى منها مكافحة الفساد، والمراهنة على شارع يشعر بخيبة أمل بالغة إزاء أداء حكومة المهدي!
ومنتصف حزيران/ يونيو الماضي قال نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الاعرجي ” لدي معلومات مؤكّدة أنّ المهدي سيقدّم استقالته قريباً، والعبادي سيكون خلفاً له، وهذا أمر محسوم وانتهى”!
ولوّح النائب عن تحالف سائرون رائد فهمي، في منتصف تمّوز/ يوليو بعدّة “خيارات يملكها تحالفه بعد انتهاء المهلة التي منحها مقتدى الصدر للحكومة، واقتناعهم بقصور الحكومة، وأنّها في وضع حرج”!
تواجه حكومة بغداد جملة ملفّات معقّدة، منها ملفّات رئيسيّة، وأخرى ثانويّة، ومن أبرز الملفات الرئيسيّة التهديدات الأميركيّة – الإيرانيّة المتبادلة، وموقف العراق من الصراع المحتمل بينهما.
وأصعب الملفّات الرئيسيّة إشكاليّة إعادة هيكلة الحشد الشعبيّ، والارتدادات المحتملة لهذا القرار في حال تطبيقه!
ومن الملفّات الثانويّة عدم اكتمال الكابينة الحكوميّة، وأزمة الخدمات والمظاهرات الصيفيّة المطالبة بالكهرباء في غالبيّة المدن، وغيرها من الملفّات الشائكة!
المعارضة ثوب جديد وأسلوب متطوّر لبقاء تلك القوى في الواجهة بعد أن أثبتت المرحلة الماضية هشاشة الأداء السياسيّ لغالبيّتهم، وبالمجمل هي خطوة عبثيّة إن لم تكون مقترنة بضغوطات جادّة على الحكومة لتقديم الأفضل للوطن والمواطن!
ولعلّ هنالك من يتساءل منْ سيُسقط حكومة المهدي؟
أرى أنّ الإجابة واضحة وهي أنّ الذين أوصلوا المهدي هم الذين سيوجهون له الضربة القاضية لأنّ أصل الموضوع كان لتجاوز أزمة شعبيّة وسياسيّة بعد أن فهمت الجماهير أن الحزبية والمحاصصة هي جوهر العمل السياسيّ، ولم يوافقوا على المُجربين السابقين، ولهذا جاءت القوى السياسيّة بشخصيّة قالوا عنها (مستقلّة) لعبور تلك المرحلة الحرجة!
المهدي لن يصمد طويلاً أمام ضغوطات حلفاء الأمس وسيجد نفسه مضطراً لقبول سياسة الأمر الواقع نتيجة إصرار غالبيّة حلفائه على إقالته، وحينها ستعود الكرة ثانية إمّا بملعب نوري المالكي، أو حيدر العبادي، وكلاهما من فريق (المُجرب لا يُجرب) حتّى يقولوا للعراقيّين: ها انتم جرّبتم الذي لم تجرّبوه سابقاً، وقد فشل، واليوم سنُعيد لكم من جربتموه من قبل!
أتصور – وفي أحسن الأحوال- أنّ المهدي سيُعطى مهلة إضافية حتى نهاية العام الحاليّ، وبعدها سيتمّ التوافق على رئيس وزراء جديد!
أتوقّع – حينها- أنّ العراق سيدخل في أزمة جديدة تتمثّل بعودة المُجرّبين، ولا ندري – بعدها- إلى أيّ منحدر جديد سينحدرون بالبلاد؟