يعرف عن لبنان انه بلد موزائييك اي بلد متعدد الطوائف والاعراق وهم على مر الزمان متعايشين ومتحدين ويحبون بلدهم وبينهم لحمة وطنية قوية رغم الكثير من التحديات التي عصفت بهذا البلد الصغير جغرافيا والكبير ثقافيا وادبيا .
يمثل الكيان الصهيوني تحديا كبيرا وورما سرطانيا زرع في قلب الامة العربية ومنذ نشاة هذا الكيان الغاصب المحتل من قبل بريطانيا الاستعمارية والامبريالية والمنطقة العربية لم تهدأ ولم ترى السكينة والطمأنينة فالحروب مع هذا الكيان لم تتوقف ابتدأ من حرب عام 1948 ولحد الان ولقد دفعت الامة العربية وخاصة البلدان المواجهة للكيان اثمان باهضة من تقدمها واقتصادها وخسائر لا تعد ولا تحصى بشكل مباشر او غير مباشر .
واهم بلد دفع الثمن غاليا كان لبنان حيث انه تعرض الى اجتياح همجي شرس عام 1982 لم يبقي ولم يذر وعاثت ايادي الكيان الصهيوني ببيروت ومزقتها شر ممزق فكانت مذبحة صبرا وشاتيلا التي نفذها حزب الكتائب اللبنانية بدعم لا محدود من اسرائيل وعلى اثرها انسحبت منظمة التحرير الفلسطيمية من لبنان الى تونس مرغمة على ذلك . واحد اهم النتائج التي كان سببها الجوهري هو الكيان الصهيوني كانت الحرب الاهلية اللبنانية التي وقعت بين عام 1976 الى عام 1990 اي حوالي اربعة عشر عاما كان فيها الصهاينة اهم الممولين والداعمين بالسلاح والمال لبعض اطراف المليشيات اللبنانية واخص بالذكر حزب الكتائب اللبنانية بقيادة بشير الجميل وسمير جعجع من بعده .
لقد كان اهم نتيجة من نتائج الاجتياح الصهيوني لبيروت عام 1982 هو تأسيس حزب الله اللبناني والذي دعمته ومولته ودربته ابران وسوريا وقد كان عدوا شرسا لللاحتلال الصهيوني وبمرور السنين ازدادت قوة وبأس هذا الحزب وتنامت قدراته وتوسعت قاعدته الشعبية المؤيدة حتى اصبح جنوب لبنان احد اهم واكبر معاقل الحزب وفي بيروت في الضاحية الجنوبية وحارة حريك تدين بالولاء المطلق له. وقد اصبح الحزب رقما مهما وصعبا في المعادلة اللبنانية خاصة بعد طرده لللاحتلال الصهينوني من اراضيه عام 2000 وكسر انف هذا المحتل الغاصب .
وكانت حرب عام 2007 وحاولت اسرائيل مرة اخرى ان تجرب حظها في الاجتياح ولكن حزب الله اطبق عليها اطباقا محكما في الجنوب ومنيت بخسائر بالغة لم تتوقعها من حزب لبناني ( اي نعم انها خبرت القتال معه وعرفت اساليبه ولكنها لم تقدر امكاناته التسليحية والتدريبية التي تنامت باضطراد خلال السنوات الاخيرة ) فوقعت في فخ كبير كانت نتائجه مخزيه للكيان المدجج بالسلاح حتى اسنانه.
وتغيرت المعادلة في لبنان فلم يعد الصهاينة يعتدون على القرى اللبنانية في مزارع شبعا وصور وصيدا لانهم يفكر مرتين ان حزب الله سيقوم بقصف الجليل الاعلى ومستوطنات كريات 4 . فوجدت معادلة جديدة هي ما يسمى معادلة الرعب .
اليوم وبعد حرب الكيان مع لبنان والتي نتج عنها وفاة سيد المقاومة الامين العام لحزب الله السابق السيد حسن نصر الله رحمه الله حاول الكيان مرة ثانية ان يقتحم الجنوب لايام ولكنه فشل فشلا ذريعا رغم كل الدعم والاسناد من الولايات المتحدة الاميركية وجهدها الاستخباري الكبير ودعمها اللوجستي اللامحدود ولكن النتائج كانت مخيبة للامال ومحدودة جدا . سبق الاعتداء الصهيوني حرب اقتصادية ضارية دمرت اقتصاد لبنان وحاولت تمزيق النسيج الاجتماعي له ففرضت الولايات المتحدة حصارا ماليا صارما على لبنان وانسحبت رؤوس الاموال الخليجية بأوامر اميركية مما ادى الى تدهور الاقتصاد اللبناني واكل التضخم كل مدخرات اللبنانيين فأصبح معظم اللبنانيين تحت خط الفقر وتدهورت العملة اللبنانية واعني الليرة تدهورا مخيفا وكل هذا من اجل تركيع اللبنانين وخنقهم واذلالهم .
بعد توقف الحرب مع الكيان الصهيوني قدمت الان الصهينونية وعلى لسان الولايات المتحدة الاميركية ورقة مطالب للحكومة اللبنانية الى رئيس الجمهورية والى رئيس الوزراء نواف سلام تطالبهم فيه بحصر السلاح بيد الدولة وان يكون الجيش اللبناني هو البديل لحزب الله وان ينتشر في كل التراب اللبناني . المأسف ان الدولة اللبنانية خضعت لهذه الاملاءات الاميركية وقررت ان يسلم حزب الله سلاحه الى الدولة اللبنانية بحلول نهاية هذا العام . الامين العام الجديد لحزب الله الشيخ نعيم قاسم رفض هذا القرار جملة وتفصيلا . وصرح اكثر من مرة ان الحزب لن يسلم سلاحه الى اي جهة كانت ولو انطبقت السموات على الارض وهذا ماصرح به السيد نعيم قاسم حرفيا.
السؤال الذي يطرح نفسه هل يستطيع الجيش اللبناني بسط نفوذه وحماية ارض لبنان وسمائه ومقدساته وهو جيش كل تعداده تقريبا خمسون الف عسكري بين جندي وضابط يمتلك طائرات عدد 12 طائرة وهي غير نفاثه وقديمة وتفتقر الى قطع الغيار واليات عسكرية اميركية قديمة وزوارق بحرية بسيطة وصغيرة فقط..
اليوم ارى ان اهم تحدي امام الحزب هو نزع سلاحه ونزع سلاح الحزب يعني اعادة منطقة الجنوب الى المربع الاول حيث كانت مرتعا للصهاينة وكانوا يقصفوها متى شاؤوا بحيث كان الصهاينة وقوات جنوب لبنان المساندة لهم او ما يعرف بقوات انطوان لحد تتصرف مثل الكابوي الاميركي في هذه المنطقة حزب الله اعاد الى لبنان هيبته واعاد الى جنوب لبنان كرامته المستباحة من قبل الصهاينة .
حزب الله لن يقبل بقرار الحكومة اللبنانية بنزع السلاح وان يبقى عاريا امام عدوا شرس لا يحترم ايا كان وعليه اتوقع ان المواجهة بين الجيش اللبناني وحزب الله واقعه لا محالة وهي خطة جديدة من الصهيونية واميركا لاعادة لبنان الى الحرب الاهلية وكسر شوكة الحزب بأيدي اللبنانين انفسهم.