تختلط الاوراق هذا اليوم بعد قرار وقف النار فهناك من يقول ان اسرائيل انتصرت في هذه المواجه والآخر يرجح ان الانتصار تحقق للمقاومة الفلسطينية، لكننا قبل الوصول إلى استنتاج منطقي لتقييم ما حدث علينا اولا ان نلقي الضوء على طرفي المواجهة
الطرف الاول اسرائيل وهي تملك السيطرة المطلقة على الارض والجو وتملك احدث تكنولوجيا التسلح والمعلوماتية واخر ما توصل له العالم من صناعة الاسلحة من طائرات ودبابات وصواريخ ومدرعات ومدفعية، كما تتمتع بعمق جغرافي سواء ارض يابسة او بحر ممتد ويقف وراءها اقوى دول في العالم من امريكا الى دول أوربية كثيرة مستعده للتدخل عسكريا حين الطلب كما خصصت امريكا مبلغ 390 مليون دولار يوميا لتعويض خسائر اسرائيل اليومي الى جانب تحيطها قبة ذهبية كما اسموها لتسقط اي صاروخ يطلق عليها.
الطرف الثاني المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الذي مساحته لا تتجاوز 365 كيلومتر مربع طوله في حدود 41 كيلومتر وعرضه يتراوح بين 5 الى 15 كيلو متر، ويعيش في هذه المساحة الضيقة أكثر من مليونين نسمة وتصل الكثافة السكانية في الأراضي غير الزراعية الى اكثر من عشرة آلاف نسمة لكل كيلو متر المربع الواحد
في هذا القطاع تتواجد مقاومة فلسطينية تملك اسلحة بسيطة للدفاع عن نفسها وسط حصار خانق على كل سلعة تدخل للقطاع كي لا تستخدم او تدخل في تصنيع الاسلحة هذه المقاومة تعيش تحت الارض في سلسلة انفاق مُحكمة في حالة تعرض القطاع الى هجوم على غرار استراتيجية الحرب الفيتنامية التي هزمت أمريكا فتستطيع الدفاع عنه بما تملكه من اسلحة بسيطة وبعض الاسلحة المصنعة محليا وبعض الاسلحة التي يتم تهريبها الى القطاع بطرق مختلفة
عند بدأ المواجهة الأخيرة قالت اسرائيل ان لديها اهداف معينة لتحقيقها واخبرت امريكا بذلك ولكن بقيت هذه الاهداف غير معلنة ثم أعلنت انها سوف تجتاح القطاع بريا ثم طلبت من امريكا فترة ايام اخرى لإتمام تنفيذ أهدافها غير المعلنة
لكننا ماذا لاحظنا إن اسرائيل تقصف الاحياء السكنية وتقوم بهدم الابراج السكنية وتدمر الشوارع العامة بالقطاع وتقصف بعض مصانع المواد الغذائية مثل معامل الألبان والتعليب وقابلات نقل الطاقة الكهربائية ومحطات تجهيز المياه والمدارس وبعض مقرات الفصائل الفلسطينية والمختبرات الصحية
كل هذه لا تعتبر اهداف عسكرية وهي محرم قصفها في الحروب التقليدية ولكن اسرائيل تتصرف فوق القانون الدولي دائما
أما المقاومة الفلسطينية فإنها عندما دخلت هذه المواجهة لم يكن هدفها تحرير فلسطين ولم يكن هدفها تدمير اسرائيل لإنها تعرف حقيقة إمكانياتها المتواضعة ومع ذلك أعلنت عن هدف واحد هو ايقاف الاحتلال من التجاوز على الفلسطينين في حي الشيخ جراح وتهجيرهم من منازلهم وتحقق لها هذا الهدف
إذا هي مواجهة غير متكافئة بكل المقاييس وكان يفترض ان تحسمها اسرائيل خلال ساعات ولكنها استمرت 11 يوم دون ان تحقق اسرائيل اي هدف من أهدافها غير الدمار غير المبرر فمن حقننا الان القول
عندما يفشل العدو في اجتياح غزة فهذا انتصار للمقاومة
وعندما تطلق عشرات الصواريخ على غلاف غزة وتصيب أهدافها فهذا انتصار للمقاومة
وعندما تفشل القبة الذهبية عن اسقاط غالبية الصواريخ المطلقة فهذا انتصار للمقاومة
وعندما تصل صواريخ المقاومة الى تل ابيب فهذا انتصار للمقاومة
وعندما يبيت الإسرائيليون في الملاجئ فهذا انتصار للمقاومة
وعندما تستمر المواجهة 11 يوم والمقاومة باقية بكامل جاهزيتها فهذا انتصار للمقاومة
وغيرها الكثير في الجوانب العسكرية، ولكن هناك انتصارات حققتها المقاومة في جوانب اخرى
فعندما يتوحد الفلسطينيين من داخل اسرائيل 48 مع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية فهذا انتصار للمقاومة
وعندما يتغير الصراع العربي الاسرائيلي من صراع حدود الى صراع وجود فهذا انتصار للمقاومة
وعندما تصبح فلسطين من النهر الى البحر هو المطلب الرئيسي فهذا انتصار للمقاومة
وعندما تعم المظاهرات حول العالم وتتغير رؤية بعض الساسة حول القضية الفلسطينية فهذا انتصار للمقاومة
وعندما ترتفع اصوات داخل اسرائيل تدعو لمغادرتها فهذا انتصار للمقاومة
وغيرها الكثير الكثير
اما من يقول ويتساءل لماذا لم يشارك حزب الله في هذه المواجهة نقول لهم هذه لم تكن حرب تحرير حيث ان موعد حرب التحرير لم يحن بعد ولكن كانت هذه المواجهة مهمة في سبيل ترسيخ فكرة ان اسرائيل لا مكان لها هنا وهي متجهة الى زوال وعلى عقلائهم التفكير جديا بترك هذه الارض لأن فيها قوما جبارين والى ان يحين موعد صلاتنا في القدس ربما يكون هناك مواجهات اخرى سوف تعزز زوال هذه الدولة المصطنعة
تحية للمقاومة الفلسطينية
الرحمة للشهداء
والذل والعار لكل متخاذل جبان
البصرة 21/5/2021