من الممكن ان نقف على اهم التطورات التي اصبحت واقعا ملموسا ينتج عن القرارات العراقية والتي تصب في مصلحة ايران ليُبعث من رحم الحدث تساؤلات لا يمكن التغاضي عنها واهمالها ، والمهم في الامر ان ايران لا تخفي حلمها في ضم دول الخليج والعراق تحت جناحها! . إيران هي الدولة الوحيدة التي لم تعترف بالعراق عضواً في عصبة الأمم في عشرينات القرن الماضي. وظلت على موقفها الغريب هذا، حتى أجبرتها السياسة – وتداخلاتها مع بريطانيا – ليتغير الموقف عام 1929. بينما كانت من أوائل الدول، التي اعترفت بالكيان الصهيوني، كدولة مستقلة منذ عام 1951م، أي بعد نشأته بحوالي ثلاث سنوات فقط. ولم يرد الشاه رضا بهلوي زيارة الملك فيصل الأول لإيران عام 1931، إنما انتدب ولي العهد محمد رضا، بعد إلحاح الجانب العراقي لرد الزيارة. وهذا له أبعاده المعنوية التي لا تخفى على المدقق. فالشاه يستنكف من زيارة العراق كضيف على دولة مستقلة. وقد استغلت إيران بريطانيا وخوفها من روسيا آنذاك، فتآمرت معها، وقامت باحتلال إقليم الأحواز عام 1925 في مقابل صد الخطر الروسي.
والتاريخ شاهد حي على الاطماع الايرانية في العراق وعلى لسان وزير خارجية ايران صادق قطب زادة أن العراق جزء من إيران. وبسبب هذه التصريحات، وما جرت على الحدود من تحرشات واعتداءات وقعت الحرب التي استمرت ثمان سنوات . وفي مقابلة له أجراها راديو مونت كارلو في 30/04/1980 علانية ــأنّ كلّ بلاد الخليج تشكل تاريخيّاً جزءاً من الأراضي الإيرانيةــ. ولربما ظنها البعض زلة من لسان متسرع ،فكررها وأكدها روحاني في 15/05/1980 حين ذكر في مؤتمر صحفي ــ أنّ العراق جزء لا يتجزّأ من الأراضي الإيرانيةــ وهي تشكل الإقليم الرابع عشر في إيران بموجب الدستور الجديد… وأنّ الشاه المخلوع تنازل للعراق عن مناطق شاسعة جنوبي إيران، بموجب اتفاق الجزائر 1975، وإننا نشعر بالحاجة الآن إلى إيضاح وضع العراق بالنسبة لإيران، لأن بعض الدول العربية وبينها العراق تطالب بثلاث جزر في الخليج). ومرة اخرى و في برنامج (الاتجاه المعاكس) على قناة الجزيرة يوم 22/2/2005 قال الأستاذ عوني قلمجي الناطق الرسمي باسم التحالف الوطني العراقي((في سنة 1979 جاء احد قادة الثورة الايرانية مبعوثاً عن الحكومة إلى المنطقة الشمالية من العراق – وكنا وقتها في المعارضة – ليقول لجلال الطالباني، وكان فؤاد معصوم حاضراً(( ارفعوا يدكم أيها المعارضة عن العراق؛ العراق عراقنا، والنجف عاصمتنا)).
المؤشرات جميعها تؤكد على الطموحات والاماني على الاستحواذ والسيطرة على المنطقة وما اسم الخليج الفارسي الا مؤشر يبعث القلق من التوسع الايراني فالإصرار على إطلاق اسم الخليج الفارسي من قبل حكومة إيران على الخليج العربي، فقد أخذ منحاً قومياً سمجاً ، في مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية، يقاطع الرئيس الإيراني السابق (محمد خاتمي) مقدم البرنامج الذي تلفظ باسم الخليج مطلقاً من أي وصف، ربما مداراة لمحدثه، ليقول له: (الخليج الفارسي.. نعم الخليج الفارسي)!. حتى وصلت السفاهة والاستخفاف بالعراق وشعبه إلى ان يطلق عبد العزيز الحكيم الذي ردد في لقاء رسمي آخر سنة 2006 اسم الخليج موصوفاً بـ(الفارسي) ثلاث مرات، بطريقة توحي بأنها زلة لسان. وما ندرى بأن زلة اللسان هنا كانت اعلانا للمعتقد المترسب في العقل الباطن لإيران واتباعها ومخابراتها ، الذي يظهر ما فيه من مكنونات حين تخف رقابة العقل الواعي. ولكني لا أرى إلا أنه قالها تعمداً واستخفافاً.
وقد شهدت المنطقة احداث كانت تنذر بإعلان الخليج دولة فارسية وخصوصا العراق مما حدى بالمسؤولين في إيران حداً جعلهم يمنعون دخول أربع ناقلات شحن كبيرة من باكستان محملة بالكبريت إلى إيران، لا لشيء إلا لوجود علامة على الكبريت تحمل اسم (الخليج العربي). كما منعوا دخول صحيفة (انترناشونال جيوغرافيك)، وكذلك صحفييها إلى إيران. وذلك في تشرين الثاني 2004. ويصدر أمر حكومي بمصادرة العدد الأخير من الأسواق. كل هذا بسبب ورود كلمة (الخليج العربي) بدل (الخليج الفارسي) في العدد المذكور! والمنع سارٍ حتى تغير الكلمة!
بدأت إيران – من أول يوم لدخول القوات الامريكية – بالتحرك للسيطرة على ما يمكنها السيطرة عليه من مفاتيح القوة في العراق. كان دورها في البداية يتوارى خلف لافتات عملائها. وشيئاً فشيئاً صار التدخل يظهر إلى العلن. وصار المسؤولون في الحكومة الإيرانية هم من يسربون بعض الأخبار، ويتحدثون عن بعض ما لهم في البلد المنكوب من أدوار!
ففي عام 2004 أعلن نائب قائد الحرس الثوري الايراني ، خلال زيارته للندن ، أن لإيران الآن لواء من المجندين لصالحها داخل العراق، ولها علاقة مع فصائل أخرى لضمان حماية الأمن القومي الايراني.
وفي 11/4/2004 فتحت المخابرات الايرانية مكتباً لها في النجف تحت اسم مكتب مساعدة فقراء العراق الشيعة، جندت على إثره اكثر من (000 70) سبعين ألف شاب من الجنوب، للانضمام الى مليشيات بدر الموالية لها. وكل متطوع لهذه المليشيات تدفع له ايران (1000) ألف دولار شهرياً، مـع دفعة أولى قدرهــا (2000) ألفا دولار كمقدمة.
وذكرت مجلة الـ تايم في عدد آب 2005 أن شبكة من المسلحين في العراق تدعمهم إيران مسؤولة عن نوع جديد من القنابل المميتة. وأن لديها وثائق تشير الى دور قامت به قوات قريبة من الحرس الثوري الايراني في السيطرة على مدينتي الكوت والعمارة بعد ايام قليلة من الاحتلال.
واضافت الـ تايم أن لديها وثائق تخص وحدات الحرس الثوري الايراني تتضمن سجلات عن مدفوعات ضخمة، تدفع رواتب لما يقرب من (11740) عضو في مليشيات بدر العراقية التي يقودها هادي العامري.
وصرح وزير الداخلية السابق فلاح النقيب أنه يحتفظ بملفات حصل عليها عن حوالي (35) عضواً من اعضاء الجمعية الوطنية الانتقالية، لهم انتماء ايراني. وخلال الانتخابات الايرانية الاخيرة قد صوتوا للرئيس الجديد (احمدي نجادي) ، في المراكز الانتخابية التي افتتحت في بغداد لتكون الأجنحة الثلاثة الكبرى في العراق:
1. حزب الدعوة بفصائله الثلاثة ويرأسها الجعفري والمالكي
2. المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بقيادة آل الحكيم.
الذي أنشأته المخابرات الإيرانية على يد كبير قضاة إيران محمود الهاشمي، الذي كان أول من تولى رئاسته، قبل محمد باقر الحكيم، أيام الحرب على العراق. وجناحه العسكري (فيلق بدر) بقيادة هادي العامري.
3. حزب الفضيلة وجيش المهدي (( ميليشيات مقتدى الصدر )) وهو الذي يشرف عليه محمد اليعقوبي الذي ظهر فجئه ومن دون سابق انذار ليحصل على الدعم الايراني ليكون الداعم سرا لاعمال العنف التي حصلت في العراق.
إضافة إلى الأجنحة الأخرى الأصغر، التي تمارس دورها، كل حسب حجمه وموقعه، وما هو المطلوب منه.
في بيان لأحدى الصحف الايرانية والتي تصدر في برلين أعلنت يوم (26/1/2007) عن لائحة بأسماء أكثر من (31000) واحد وثلاثين ألف عراقي، أكدت أنهم “عملاء لحكومة الايرانية في العراق، ويتقاضون أجورًا من طهران. واكدت الصحيفة ان إيران تقوم بإرسال ملايين الدولارات نقداً كل شهر إلى العراق، وتهريب أسلحة إليه، وفق وكالة “فرانس برس”. و إن هؤلاء العملاء عناصر في “فيلق القدس” المقرّب من “الحرس الثوري الإيراني”، فإن هذه اللائحة لا تتضمن سوى العناصر الذين جنّدهم فيلق القدس مباشرة في إيران. وتعرض القائمة الاسمين العربي والإيراني لكل من هؤلاء العناصر، فضلاً عن اسمه السري في العمليات ورقم حسابه المصرفي وأجره الشهري بالريال الإيراني.
وقد اعتقلت القوات الامريكية في بداية كانون الثاني (2007) اثنين من ضباط الحرس الثوري الايراني في بغداد، من أمام بيت عبد العزيز في الجادرية.
كل هذه الاحداث جاءت متسلسلة لتكون بعد ذلك اليد الضاربة لإيران وما آلت اليه الاحداث الاخيرة من قرارات عراقية في الظاهر وباطنية لإيران وما خفي كان اعظم ، فالأحداث الاخيرة وتحديدا في سوريا وما جرى من حكومة المالكي باطاعة أوامر ايران بدعم حكومة بشار الاسد وما صدر عن جون ماكين وجو ليبرمان وليندسي غراهام اعضاء اعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في زيارة لهم للعراق محذرين المالكي من دعم حكومة بشار الاسد وفق المصالح الإيرانية والتي قامت مؤخرا بتسيير رحلات الى سوريا بحجة المساعدات الانسانية ، كذلك تسليح المليشيات العراقية وتسهيل دخولها الى سوريا عبر الحدود العراقية .