19 ديسمبر، 2024 3:48 ص

هل الموساد هم من جعلوا بومبيو يزور بغداد عوضاً عن برلين؟

هل الموساد هم من جعلوا بومبيو يزور بغداد عوضاً عن برلين؟

دور اسرائيل

 

لا يمكن النظر الى الصراع الامريكي الايراني اليوم بعيداً عن اسرائيل التي لم تحصل منذ تأسيسها على هذه الدرجة من التأييد من شخص بمستوى رئيس الولايات المتحدة الامريكية الذي على سبيل المثال قام بنقل السفارة الامريكية الى القدس واعلن تبعية مرتفعات الجولان الى اسرائيل، خلاف الشرعية الدولية، ومواقف اخرى.

 

العصر الذهبي لأسرائيل، ولكن!

 

بالرغم من سير المخططات الاسرائيلية قدماً لاضعاف دول المنطقة كسوريا والعراق وغيرها عن طريق الحروب والصراعات الطائفية بهدف تقسيمها الى دويلات متصارعة فيما بينها فضلاً عن انشاء علاقات متميزة مع عدد من الدول العربية، ولكن لا يزال هنالك ما يقض مضجع اسرائيل وهو ايران وبالذات برنامجها النووي وصواريخها البالستية واسنادها لحزب الله وبعض الجهات الفلسطينية.

 

المخطط الاسرائيلي في توجيه ضربة عسكرية مفردة لايران

 

لقد كانت اسرائيل مستعدة عام 2009 ان تشن هجوماً على ايران لضرب كافة المنشآت النووية الايرانية، وانتشرت هذه المعلومات على نطاق واسع ضمن الدوائر السياسية العالمية،  ولكن ما اوقف العملية هو الخشية من ردة الفعل الايرانية وعدم نجاح الضربة في تحقيق الهدف الرئيسي في القضاء على البرنامج النووي الايراني.

 

السيناريو المثالي لاسرائيل

 

اما الآن فان الفرصة مؤاتيه بشكل مثالي لإسرائيل في تجنب المواجهة مع ايران بشكل منفرد  ودفع اميركا للقتال نيابة عن اسرائيل وإشعال حرب بين الولايات المتحدة وايران للقضاء شبه الكامل على البرنامج النووي الايراني، فإسرائيل بكل ما تملك من قوة فلا يمكن ان توجه ضربة لإيران تبلغ عشر ( 10/1 ) ما يمكن ان تحققه الولايات المتحدة الامريكية بترسانتها العسكرية المهولة حيث ستكون وسيلتها الاساسية للقتال هي  الطائرات والقنابل الموجهة والصواريخ والبوارج الحربية، ولكن قوة ايران ايضاً لا يستهان بها، على مستوى البوارج الحربية والصواريخ الموجهة، وقد تتمكن ايران من قتل المئات من الجنود الاميركان ولكن أي ضربة مؤذية للقوات الامريكية ستواجه بعنف اشد من قبل القوات الامريكية القادرة على التدمير شبه الكامل للبنى التحتية الايرانية من منشأت عسكرية ومنشآت نفطية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وقاعدة صناعية واسعة من الصناعات العسكرية والمدنية.

 

الفرصة الاخيرة لاسرائيل

 

إن هذه الفرصة لا يمكن ان تتكرر لإسرائيل، فرئيس الولايات المتحدة هو دونالد ترامب، ومستشار مجلس الامن القومي الامريكي هو جون بولتن ووزير الخارجية الامريكية مايكل بومبيو ، ومستشار ترامب لشؤون الشرق الاوسط هو زوج ابنته اليهودي جاريد كوشنر؛ ولا يوجد اي ضمان لاسرائيل ان يعاد انتخاب دونالد ترامب في نهاية فترة حكمه بعد سنة ونصف وايجاد مثل هذه التركيبة المؤيدة بشكل شبه مطلق لإسرائيل ومخططاتها في المنطقة.

 

ردة الفعل الايرانية لمصلحة اسرائيل

 

كما ان ردة الفعل الايرانية في توجيه ضربات الى بعض دول الخليج التي تنطلق منها الطائرات والصواريخ الامريكية ستعزز الانتصار الاسرائيلي في تدمير المنطقة وايجاد شرخ عميق بين ايران ودول الخليج لفترة طويلة من الزمن، بل ستعزز الاواصر الخليجية الاسرائيلية قبال ايران التي ستكون عدوهم المشترك.

 

اغلاق مضيق هرمز

 

الوضع المثالي لإسرائيل ولترامب في مواجهة عسكرية ناجحة ضد ايران هو ان تعلن ايران اغلاقها لمضيق هرمز، في هذه الحالة تستطيع الولايات المتحدة حشد التأييد الدولي في ( ان ايران اغلقت ممراً بحرياً دولياً – خلاف القانون الدولي ) وتستطيع ان تكسب تأييدا من الامم المتحدة ومجلس الامن  حيث ستتأثر سلباً اغلب دول العالم بسبب توقف الامدادات النفطية وصعود اسعار النفط في العالم، وفي هذه الحالة ستمتلك اميركا شرعية دولية في توجيه ضربة شاملة ومدمرة لايران بل يمكنها حتى من حشد الكثير من دول العالم للمشاركة في القتال وحربهم ضد ايران.

 

 

 

 

 

 

الحنكة السياسية الايرانية

 

لقد تصرفت ايران بمنتهى الذكاء والحنكة السياسية، فقد لوحت بهذا السيناريو (اي اغلاق مضيق هرمز) في بادئ الامر ولكن عندما تطورت الامور تخلت عن هذا الطرح، بل تخلت عن فكرة اي مواجهة عسكرية ومهما كان الحصار الاقتصادي عليها شديداً، ولكنها لوحت بانسحابها من الاتفاق النووي مع مرور الوقت، وبهذا سيمكنها من تغيير المعادلة وامتلاك زمام الامور في المستقبل، وفرض شروطها كما كان الامر عشية الاتفاق النووي في بداية ابريل عام 2015.

 

مخططات الموساد الاسرائيلي

 

لا يمكن لإسرائيل ان تفرط بهذه الفرصة الذهبية لإشعالها حرباً امريكية ايرانية ، لذلك لا يمكن لاسرائيل ان تقبل خروج ايران من هذا التصعيد لا غالبة ولا مغلوبة؛ فهل سيسعى الموساد لاشعالها حرباً امريكية ايرانية حتى وإن لم يكن البلدان ايران والولايات المتحدة الامريكية راغبان بالحرب؟؟؟

فعلى سبيل المثال عندما ارادت اسرائيل شن هجومها على لبنان في 6 حزيران 1982 قامت بتجنيد ثلاثة فلسطينيين من منظمة (مجموعة ابو نضال ) لمحاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في بريطانيا ( شلومو ارجوف ) في لندن، وشنت هجومها الكاسح والواسع على لبنان الذي خططت له قبل عدة اشهر، بعد ثلاثة ايام فقط من محاولة الاغتيال، وهناك امثلة اخرى تكشف عمليات الموساد في تغيير مسيرة الاحداث العالمية لمصلحة اسرائيل:

 

–   لقد تم اغتيال الرئيس جون كندي عام 1963 وضلت عملية اغتياله لغزاً حتى نشرت جريدة هاآرتس الاسرائيلية مقالاً بتأريخ 2 ايار 2019 كشفت فيه أن الرئيس جون كندي كان يرفض رفضاً قاطعاً تصنيع اسرائيل للقنبلة النووية وخطط لإرسال قوات امريكية لتفكيك مفاعل ديمونا، ولكن بعد اغتياله جاء جونسون فغض طرفه عن المفاعل النووي الاسرائيلي، والبرنامج النووي الاسرائيلي.

 

–   ومن ثم اغتيال روبرت كندي  الذي كاد ان يصل الى سدة الرئاسة الامريكية عام 1968، وذلك انه كان يشكل خطراً على اسرائيل لانه كان يعرف من كان مسؤولاً عن اغتيال اخيه، وتم الامر على يد شاب فلسطيني (سرحان بشارة سرحان) مع العلم انه لم يكن معادياً لقضية فلسطين، لابعاد الشبهة عن الموساد بشكل كامل.

 

–   قضية ايلي كوهين العميل اسرائيلي الذي وصل الى اعلى المراتب في الدولة السورية (حيث كان مرشحاً لمنصب رئيس البلاد) في ستينات القرن الماضي، ولم يتم كشفه إلا بالصدفة.

 

–   اكتشاف العميل الاسرائيلي (محمد شوربة) عام 2014 في اخطر اجهزة حزب الله وهو جهاز امن حزب الله الذي جنده جهاز الموساد الاسرائيلي حيث كشف الكثير من اسرار الحزب للموساد الاسرائيلي.

 

 

اعلاه خمسة نماذج من مئات النماذج من قدرات الموساد الاسرائيلي في التغلغل والتخطيط وتغيير مسيرة الاحداث العالمية لما يحقق مصلحة اسرائيل.

 

 

ما الذي يمكن ان يشعل فتيل الحرب

 

إن لم تبادر ايران الى الغاء الاتفاق النووي فعلاً ولكن اكتفت بالتلويح بإلغائه في هذه المرحلة فلا يمكن للولايات المتحدة اعلان الحرب على ايران؛ نعم هناك حالة واحدة يمكن للولايات المتحدة من اعلان الحرب وهي تعرض اشخاص اميركان للقتل بأي طريقة، ووجه الاتهام الى ايران أوالجهات المرتبطة بها، في هذه الحالة يمكن بشكل طبيعي ان تعلن الحرب ضد ايران وتوجه لها ضربة موجعة

 

لقد كادت الولايات المتحدة ان تتخذ قراراً بتوجيه ضربة الى ايران في سبتمبر 2018 على اثر سقوط بضع قنابل في محيط السفارة الامريكية في بغداد لولا معارضة  البنتاغون لجون بولتن ومايكل بومبيو في وقتها لوقعت الحرب؛ فماذا لو تعرض مثلاً بعض الاشخاص من الاميركان الى القتل بطريقة او اخرى؟؟؟

وهذا يقود الى التفكير في الدور الذي يمكن ان يلعبه الموساد الاسرائيلي لتأجيج نار الحرب المنشودة ضد ايران.

 

 

السيناريو المحتمل للموساد الاسرائيلي

 

ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية إن جهاز الموساد هو الذي حذّر الولايات المتحدة من هجوم سيستهدفها ، وقد علقت وكالة بي بي سي (BBC) البريطانية على هذا التحذير بتاريخ 8 ايار 2019 متسائلةً عن من اوصل هذا الخبر الى الموساد الاسرائيلي من دون اعطاء الجواب، وهنا يمكننا ان نجيب بالتالي:

 

هناك احتمالين، الاول ان يكون جهاز الموساد قد استقى هذه المعلومات بطرقه الخاصة؛ والاحتمال الثاني هو ان الموساد بقدراته وامكانياته قادر على ان يوجه ضربة شديدة وموجعة للاميركان في المنطقة على يد اشخاص تابعين في الظاهر لايران ولكن موجهين من قبل الموساد بشكل مباشر او غير مباشر، وهذا الاحتمال الاقوى، بل هو من طبيعة جهاز الموساد طبقاً لما ذكرناه من امثلة، ولعل تفجير السفن الاربع مؤخراً في الفجيرة هو على نفس السياق.

 

لماذا اوقف مايكل بومبيو زيارته الى برلين وتوجه الى بغداد

 

ان ما ذكرته صحيفة معاريف الاسرائيلية بالشأن اعلاه  من الطبيعي ان يصل الى الادارة الامريكية، ولعل هذه الاخبار قد دفعت بوزير الخارجية الامريكي بالتوجه مباشرة الى بغداد فالامر يستدعي هذه الدرجة من الاهتمام ؛ فلعل ذلك سيكون السبب لإشعال فتيل الصراع بين الولايات المتحدة وايران حسب استدلالات الموساد؛

 

هل استقى الموساد هذه المعلومات من جهات خاصة؟؟ وهو الاحتمال الاضعف؛ او ان الموساد هو الذي سيقوم بهذه العملية ؟؟

 

قد تستطيع ايران ان تخفف التصعيد الحاصل وتجنب الاصطدام مع القوات الامريكية في المنطقة، ولكن ان تآمر الموساد فكيف يمكن للإيرانيين تجنب الوقوع في الفخ وتجنب الاصطدام مع الأمريكان؟؟؟ هذا ما ستكشفه الايام القادمة، ولكن نستطيع ان نقول ان الامر خطير وخطير جداً واننا امام مستقبل مجهول، وإذا حدثت الحرب فستطال ويلاتها ليس ايران فحسب بل جميع دول المنطقة … والمستفيد الوحيد هو اسرائيل؛ ولكن من مراجعة احداث تأريخ نقول ان اسرائيل لا بد ان تدفع ضريبة طغيانها وجبروتها وظلمها في المستقبل، ونسأل الله ان يكون ذلك في المستقبل القريب.

 

محمد توفيق علاوي

 

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات