18 ديسمبر، 2024 6:07 م

هل الله هو الحرية و الله هو الخبز مقولتان كفريتان

هل الله هو الحرية و الله هو الخبز مقولتان كفريتان

… أو هكذا قتل الحلاج..وخون التيار العقلاني و التأويلي في تراثنا
أو “هكذا غلب الحرفيون و التراثيون العقلانيون و التأويليون و نكلوا بهم و كفروهم و قتلوهم…
أو هكذا اغتيل العقل و النظر و التأويل وهيمن البيان بالبيان نظيرا للعقل و البرهان و النظر و ضمر العرفان المتعقلن و العقلانية العارفة…
لله هو الحرية ..الله هو الخبز ..مقولتان أزعجتا التيارات النصية و العقل الفقهي السلفي الظاهري فعدوها تجسيما و انتقاصا من الذات الإلهية بل كفرا و إلحادا…
كانت هذه المقولة ل “حسن حنفي” الذي تناساه طلاب الفلسفة اليوم و المشتغلين بالهرمنطيقا و التأويل خاصة المدرسة العراقية و منهم بعض التوانسة…

و عدوه قد تجوز و بات تقليديا بل منهم من لم يقرأ له بحجة ظهور وجوه تأويلية حديثة و هذا عين الجهل و القصور فشتان بين الثرى و الثريا…
طلاب الجامعات و دكاترة اليوم على جهل مطبق بمنجزات قريبة زمنيا منا و قوية و راهنية فما بالك بموقفهم من قديمها فهو بين تقديس و شيطنة وتتفيه…

قال حنفي “الله هو الخبز” فحاشاه أن يعني الذات الإلهية بالسوء إلا عند عشاق التكفير كان يعني أن الله في جنب الفقراء و الجوعى و المستضعفين و المظلومين …
و لما قال الله هو الحرية كان يريد أن يفهم الناس بأن الله حرر الناس من العبودية ..بل من عبوديات شتى بأنماط مختلفة اليوم… رأس المال..البورصة ..السلطان…الجنس..الشهوة بمعناها الواسع لا المختزل في مخيال المسلمين و عقولهم و تراثهم…
لا يستطيع العقل الديني المنحبس داخل أقنومه أن يوسع الأفق والنظر ولا يفهم هذا إلا مروقا من الدين…
كان حسن صعب قد سبق ربما حسن حنفي في إشاراته المخلخلة للوعي الجمعي لكن بأدوات مغايرة…
لقد قدم حسن حنفي قراءات على عموميتها تنحى هذا الإتجاه الذي انطفأ بين نخبنا و هو ” اليسار الإسلامي” االذي يستوعب أطروحة اليسار داخل تراثنا و يجردها من أداءاتها الأيديولوجية و ان كنت لا أشاطرهم الكثير من القضايا…
و قد اشتغل هذا الإتجاه على مشكلات النص و العقل الظاهر و التأويل فظهر في تونس عند صلاح الدين الجورشي و ربما النيفر و جماعة (خمسة عشر / واحد و عشرين ) و نسب لمحمد عمارة ميله لهذا الاتجاه و كذلكك محمود فتحي عثمان و حسن حنفي …الخ..
و كان يمكن لو تطورعملهم النخبوي الثقافي افقيا و عموديا أن يقف سدا منيعا أمام تيارات القراءة الحرفية للنص والظاهرية الحديثة و منها السلفية الماضوية برؤيتها الإستلابية للماضي “خير القرون قرني ثم الذي يليه ثم الذي يليه” و ايضا يقف امام التأويل المادي و الماركسي لتراثنا بما له و ما عليه…
كان حسن صعب على بساطة ما قدم في بعض كتبه مثل ” اسلام الحرية لا اسلام العبودية ” ..قد اهتم بمسألة الحرية على مستوى التصور و أراد أن يسكنها و يستخلصها من كلمة التوحيد أي العقيدة من مستلزمات الإيمان..ذلك ما عناه حسن حنفي أيضا لكن بأكثر مفهمة و تعميق في سلسلة ” من العقيدة الى الثورة “..
لا إله الا الله..نفي و إثبات…
كلمة التوحيد هي عبر النفي هدم لأصنام العبودية…
كل الأصنام ينبغي أن تأفل عبر كلمة التوحيد و تمثلاتها بل ينبغي أن تسقط و تزول..مع نفي صفة الألوهية على كل الموجودات بشرا و عالم أشياء…..
إله اليوم يستعبدنا عبر بورصة ” وال ستريت ” بنوك ” ال ” ” روشفيلد” و النظام المالي الجيد و عبر الليبرالية الوحشية العالمية و الأويغارشية الدولية …
لا إله عبدا أو نبيا أو نظاما أو حاكما يحكم أو زعيما أو رأسمالا قذرا أو هيئة أو لوبي ضاغطا أو أي وصاية أرضية…
أليس التنوير رفض الوصاية على العقل…
الإلحاد هو ثمرة لضمور الحرية عند المتدينين و فهومهم للدين…
الإلحاد هو انعكاس لوعي مستلب يتوقف عند باب سماء الحرية فلا يدخلها و لا يحلق فيها…
الإلحاد هو ثمرة ضمور مركزية الحرية و التحرر في خطاب المتدينين و أهل الدين و المبشرين به خلاصا…
الإلحاد هو خيبة الأمل في الدين وحالة تحرر من كل الأقانيم المغلقة بما فيها خيبة الأمل في الرأسمال الفاسد الذي ضخ في دورة اقتصاد رباها ( من الربا ) ليس في النسب المئوية و الهوماش البنكية الربوية فقط بل في فسادها و عدم قيامها على أخلاق لا وضعية و لا دينية…
لا إله هي تأشيرة عبور و منح لجواز السفر العمري (نسبة الى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه) بكل التأشيرات الكونية “متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا…..”
لا إله عتق من كل الإستلابات و التشيؤات…
لا إله خرق لكل العبوديات و دعوة للثورة ضد الطغيان…
لا إله مانفستو إقلاع ثورات تتحرر من إستلابات الأرض و فهوم الظاهر لوحي و رسالة السماء..و هي استلابات نصية تعدم أدوار التحرر العقلي و النقدي……
لا إله عبور إلى جدلية السماء/ الأرض…
لا إله ” ..ليست إلحادا ما دام شقها الثاني ” إلا الله “…”
“إلا الله”.. لا شريك له ..لا فقيه و لا حاكم و لا قابض صكوك غفران و لا مانحها و لا متحدث باسمه كهنوتا”… ”
كل الناس ملزم بتطوير أدوات التحرر و منها العقل الفقهي و الاصولي إلا من أبى…
كلهم قراء النص و ليست الطبقية التي تتناول الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إلا تكريسا و تأكيدا على ضرورة إرتقاء الذين لا يعلمون إلى مصاف الذين يعلمون…
و ليس هذا إقرار من أجل بقاء هذه الطبقية..بل تشخيص لحالة من حالات العبودية و تحفيز على الإنتقال الى مجتمع بطبقة واحدة يتقارب فيها الوعي و يتناصح فيها الناس و يتشاركون في رؤيتهم للقضايا الكبرى نعم ليس إقرار بما يسميه البعض بالمرجعية وهي طبقة الذين يعلمون اذا تصرفوا كسلطة كهنوتية تحكم الناس …
فلا هي بالعلمانية و لا هي بالثيوقراطية ..إنها رؤية لا تستبعد الدين من المجال العام لكنها تطور أدوات التحرر من التشيؤات و الإستلابات و التمركزات و الميتافيزيقيات و اللاهوتات المتأرضنة الموظفة و الأدلوجات الترابية المستلبة و كل الأقانيم الأرضية المغلقة…
لا إله إلا الله بموجبها نؤسس لميثاق العبور إلى الحرية الدينية و الحرية الإنسانية…
لا إكراه في الدين…
الله هكذا يلمح إليه حسن حنفي و حسن صعب و غيره عبر منهج التأويل فيختصر القول و يجعل منه صادما حتى يقرأه من صنع منهم الدين حجارة و رهائن للجهل…
إستفز القارىء و “رجل الدين” و حراس معبد الدين و القيم و سدنته من العلمانيين و أسرى و رهائن الإغتراب و التغريب…
و الاسلاميين أسرى متون مشيخية باتت أقوى من القران و أصناما تعبد…
و القوميين في مقولاتهم الجامدة التي كان ينتظر منها أن تطور عبر مسألة اللغة و اللسان و الألسن رؤية للقومية العربية تتعدى” العفلقية ” و “الحصرية ” و تتحرر من مقولة الأرض و العرق إلى مقولة السماء/ الارض..الارض/ الكون..الارض/ الانسان…
و كذلك الماركسيين العرب الذين سجنهم اقنومهم المغلق فلم يتمثل منهم الا القليل التراث كملهم و قابل للفرز و النقد و التوثب لكنه سياق فغلب عليهم تفسيرهم الطبقي ليلغي بقية العناصر …
هم أيضا أسرى أصنامهم و مقولاتهم المحنطة التي لا ننكر جدوى قديمها و أهميته في سياق كان لا بد ان يتخذوه معبرا نحو قراءة أخرى ثورية يلتقي فيها العروبي والإسلامي واليساري والماركسي و الأمازيغي …

و الكردي و الدرزي و العلوي و السني و الشيعي.و كل مواطن عربي او تعرب و مسلم فيتحررون من مقولات الخلافة النمطية و مقولات الدولة القطرية و العربية و القومية سواء مقولات التفتيت أو مقولات الوحدة النمطية القديمة التي باتت مجتثة من التراث و السياق…
الكل منكفىء على ذاته منغلق على أرثدوكسياته بل الكل يلعن بعضه بعضا و يفتت و يشظي و يزيف الوعي و لا يوقظه من سباته و ينتحل النماذج من الاخر الى التراث محاكاة و تقليدا و مجتثة من سياقاتها
كيف للسباة ان يوقظ السباة…
الله هو صانع الحرية التي تدفع بك الى إقتلاع الخبز من مغتصبه و سارقه…
الله هو الخبز ليس تجسيما بل تأويلا رمزيا لما ينبغي و يجب أن يكون عليه عباد الله لا الله …
أليس هو من اطعمهم من جوع و امنهم من خوف…
الحرية ثم العدالة الاجتماعية…
الليبرالية و الرأسمالية هي استلابات خطيرة و الهة جدد..
و في الماركسية ايضا تختبىء بعض هذه الاستلابات في رحمها تنام و تتأهب…
الله هكذا و كلمة التوحيد هكذ…ا
أما غيرها فتكريس لتوحيد غير متبصر و غير متيقظ و متسلب و هجين و مشوه الفهم…