23 ديسمبر، 2024 12:34 ص

هل الله نصَّب نفسه هدفًا للإنسان لكي يُطأطئ له رأسه.. فحسب؟!

هل الله نصَّب نفسه هدفًا للإنسان لكي يُطأطئ له رأسه.. فحسب؟!

هل الله نصَّب نفسه هدفًا للبشرية لكي يطأطئ الإنسانُ رأسه بين يديه مِنْ أجل تكريس ذاته المقدسة فحسب؟!!!

هل الدين طقوس وشعائر مجرَّدة فقط وفقط؟!!!

هل الدين غير قادر على بناء الانسان الصالح الذي يتجاوز ذاته لينسجم وينصهر في المجموعة الانسانية ويشارك في المسيرة البشرية نحو السعادة والكمال؟!!!

هل الدين جمود وركود؟!!! وهل الدين تصوف ورهبنة وكهنوت؟!!! هل الدين انعزال واعتكاف وتقوقع؟!!!

هذه التساؤلات ونحوها نجد أجابتها في هذا المقتبس من كلام الأستاذ المُهندس حيث يقول: « ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻛﺮ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻨﺼّﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﺪﻓًﺎ ﻟﻠﻤﺴﻴﺮﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﻄﺄﻃﺊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺭﺃﺳﻪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﺃﺭﺍﺩ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺃﻳﻀًﺎ ﺃﻥْ ﻳﺒﻨﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺫﺍﺗﻪ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﻟﺠﻮﺍﻧﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ ﺣﻴﺚ ﺣﺮﺹ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﻥْ ﻳﻜﺴﺐ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻭﺇﻥَّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻢ ﻳﺨﻠﻖ ﻭﻟﻢ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﺳﺎﺳًﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻧﺴﻴﺞ ﺇﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﺎﻡ ﻻ ﻳﻨﺴﺠﻢ ﻛﻴﺎﻧﻪ ﺇﻻ ﻣﻊ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺠﻌﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﺮﺗﺒﻄًﺎ ﺑﺎﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺑﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ، ﻫﻲ ﺣﺐ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ، ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﺋﺞ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ».

يتضح من كلام الأستاذ المُستوحى مِن القرآن الكريم والسُنة المُطهَّرة أنَّ الله لم يُنصَّب نفسه هدفًا للبشرية لكي يطأطئ الإنسان رأسه بين يديه من أجل تكريس ذاته المُقدَّسة فحسب، بل أراد أيضًا من هذه العبادة والمنظومة الدينية الإلهية أنَّ يبني الانسان الصالح المِعطاء المُتفاعل المُنسجم مع المجموعة الإنسانية الساعي بالقول والعمل الصادق لتحقيق الخير والسعادة والكمال لها، والمُشارك لها في همومها ومشاكلها وآلامها عِبْر حمل وتجسيد ثقافة وأخلاق الله: (حب لأخيك ما تُحب لنفسك، واكره له ما تكره لها)، بل إنَّ الله قد وضع في منظومته الدينية والعبادية التي أمر الانسان بها التشريعات والإرشادات ما يرتقى به الى درجة الإيثار والتضحية مِنْ أجل البشرية والقيم والمبادئ السامية، والتأريخ البشري يشهد لرجال الله المُضحين، ولنا في الحسين عليه السلام أسمى نموذجًا في ذلك،

ويتضح أيضًا أنَّ الدين هو دين الحركة والحركية والتفاعل والتفاعلية وبناء المسيرة التكاملية للبشرية، وقد وردت الكثير من النصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة المُطَّهرة ما يؤكد ذلك، بل ورد ما يشير ويؤكد أنَّ العبادات الفارغة التي لا تحرك صاحبها نحو الخير والأخلاق والإنسانية والرقي والكمال لا خير فيها، ولا تزيده من الله الا بعدًا حتى لو طأطأ الإنسان رأسه لله كل العمر.

في المنظور الإلهي والحكمة والإرادة الربانية حينما يطأطئ الإنسانُ رأسه بين يدي الله تقدَّست أسماؤه فإنه يعني أنْ يطأطئ رأسه لكل معاني الخير والأخلاق وصفات الكمال الإلهية ويتخذها منهجًا وسلوكًا فيرتفع حينئذ رأسه في سماء الرقي والكمال.

طأطأ الحسين عليه السلام رأسه الشريف بين يدي معشوقه الأوحد فصار هامة شامخة ذابت في شموخها وعلوها كل معاني العلو والشموخ، بل هي الشموخ والعلو والعلياء.

فااللهُ نصَّب نفسه هدفًا للإنسان ليكون الإنسانُ انسانَ الفكر والعلم والأخلاق والإنسانية والعطاء والاعتدال والسلام.