دائما تحظى الاستبيانات والاحصاءات بالاهتمام لاسيما اذا كانت تجرى على وفق المعايير الموضوعية والعلمية لتتحقق الفائدة المرجوة منها وتعطي ثمارها .
لقد حلّ العراق بالمرتبة الخامسة بين الدول الأرخص معيشة للعام 2025 حسب موقع “نمبيو” الذي يعنى بالمستوى المعاشي لدول العالم وذكر في إحصائية ان العراق جاء خامسا بين الدول العربية كأرخص بلد بالمستوى المعيشي من حيث البقالة والمطاعم والايجار و القوة الشرائية المحلية .
الاحصائية على خلاف الواقع , جولة واحدة في الاسواق والتمعن في حركتها تثير الشك في هذا الاحصاء , فالأسعار مرتفعة او لاتزال على حالها رغم انخفاض قيمة الدولار في الاسواق المحلية , والركود في الاقتصاد الوطني ساريا ايضا ,وموسم المنتجات الزراعية الصيفية في اوج انتاجيته والغلاء يقضم مدخولات الاسر , بل ان بعض المنتجات لم يتمكن المواطنون من اشباع حاجاتهم منها .
عدا هذا وذاك , البطالة مرتفعة وتعينات الخريجين ليس لها بند في الموازنة , والامر من ذلك ربع سكان العراق في اقليم كوردستان لم يستلموا رواتبهم منذ ايار الماضي , فكيف نظر الاحصاء الى هذه المسالة وتأثيرها على الرخص والغلاء , فمن لا يملك دخلا يعاني من صعوبة الحياة المعيشية ولا يستطيع ان يلبي حاجاته ويجد ان جميع البضائع ليس بمقدور قدرته الشرائية ان تتعامل معها .
وفي مفارقة مع احصاء سابق , ان بغداد تصدرت قائمة المدن ذات التكاليف المعيشية المرتفعة , وهي يبلغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة ,وعموما تعاني البلاد من ارتفاع ايجارات العقارات واثمانها ,و يشهد المواطن تزايداً في التكاليف اليومية متجاوزا في بعض مدنه تكاليف المعيشة لمدن اوربية ذات الدخل المرتفع وجودة الحياة , الى جانب انه تفرض المزيد من الضرائب وطالت مجالات لم يشهدها العراق طوال تاريخه وهو ما يعسر المعيشة .
فقد حل العراق في مرتبة متوسطة نسبياً بكلفة المعيشة عالمياً، وفق احصائيات تكلفة المعيشة لعام 2024، والتي جاء فيها في المرتبة 85 من أصل 132 دولة بالغلاء وتكلفة المعيشة , أما بشأن كلفة الإيجار، جاء العراق بالمرتبة 81 عالمياً، فيما جاء بالمرتبة 89 عالمياً بتكلفة البقالة، وبالمرتبة 75 بأسعار المطاعم، وجاء بالمرتبة 68 عالمياً بالقوة الشرائية..
مثل هذه البيانات ينبغي التدقيق بها جيدا , فهي لا تعطي صورة واضحة وصحيحة عن الحياة في البلاد وانما مبررا للحكام للامعان في نهج الافقار .ومن الضروري والاولى ان تقوم وزارة التخطيط بمثل هذه الاحصاءات ووضعها تحت انظار المهتمين والمعنين لبناء سياسة صحيحة لتخطي مصاعب الحياة وتلبية متطلباتها التي اصبح بعضها ترفا.
ان تكاليف المعيشة التي يجب ان تكون معاييرها ومؤشراتها تكلفة اسعار المواد الغذائية الاساسية المستهلكة يوميا و إيجار شقة من غرفة واحدة أو أكثر في المدينة أو خارجها وسعر وجبة في مطعم اقتصادي أو متوسط والمواصلات واسعار البنزين وصيانة السيارات والنقل العام والخاص عموما كلفته شهريا , وفواتير الخدمات كالكهرباء والماء والتبريد والانترنت وغيرها أسعار الملابس في محلات العلامات التجارية المتوسطة وتكلفة زيارة الطبيب أو الأدوية الأساسية .
ان القدرة الشرائية للناس على شراء السلع والخدمات مقارنة بمعدل دخلهم منخفضة ولا تكفي لمواجهة الغلاء الفاحش ويضطر الكثير منهم لأداء اعمال اضافية او التكدس في بيت واحد للتخفيف من اعباء الحياة المرتفعة على هذا التقييم يحسب الرخص والغلاء .