تصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران،ووصلت الى اوجها في التصريحات الاعلامية،او من خلال الاعداد اللوجستي والاستعداد الجاهيري للمواجهة بين الطرفين ، وكلاً يحمل في جعبته السلاح الذي يضرب به الاخر،وأرض المعركة ليست امريكا او طهران،بل هي الارض العراقية، والتي تعودت الحرب بالوكالة،وأبنائها وقود تلك الحرب،ولكن اللافت هذه المرة ان العراق بات واعياً لحجم هذا التوتر،وضرورة إيقاف التهديدات بين الطرفين،إذ تأتي الوساطة العراقية بطلب من طرفي الصراع لما يتمتع به العراق من موقع جغرافي في المنطقة،الى جانب العلاقات المتوازنة بين طرفي الصراع ، والتي شهدت تدهوراً ملموساً خلال الاشهر الماضية على خلفية العقوبات الاقتصادية على إيران، وتصنيف الحرس الثوري كمنظمة أرهابية، وتصاعد لغة التهديد بينهما وأرسال مجموعة سفن حربية بقيادة حاملة الطائرات ” إبراهام لينكولن” برفقة قاذفات من طراز بي 52 الى منطقة الخليج .
تأتي الوساطة العراقية الى جانب الوساطة الروسية والقطرية والسويسرية واليابانية والعمانية، وتأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الى قطر والكويت في آطار تفعيل دور التهدئة بين طرفي الصراع،والتي تلاقي ترحيباً أقليمياً ودولياً لما يلاقيه العراق من مقبولية لدى تلك الأطراف،والعلاقات المتميزة بين طرفي الصراع ، ولكن يبقى الامر المهم هو قدرة العراق على اخذ دور الوسيط بين هذه القوى، خصوصاً وان الطرفين ما زالا ينظران الى العراق تابعاً لهما، لذلك فان خطوة العراق لن تكون قوية ما لم تعمل الاطراف الحكومية على صياغة قرار ينص على ان العراق دولة مستقلة ولا يتبع لاحد ، وتعمل الحكومة على فرض القانون في مؤسساتها كافة،والسيطرة على حركة القوات الامنية والحشد الشعبي، ويكون القانون هو الحدل الفاصل في إدارة الدولة، ومنع السفير الامريكي من ممارسة ضغط على الحكومة العراقية وممارسة دور التابع له،والبدء بعملية إعادة هيكلة للدولة على أسس قانونية ودستورية ، والبحث عن وسائل التطور التي تعمل عليها اغلب دول المنطقة .
الواقع الامريكي لايساعد على حرب مباشرة مع إيران،والاسباب عديدة ولكن اهمها وفي مقدمتها ان الولايات المتحدة فقدت اغلب حلفائها وأصدقائها في أوربا وأمريكا اللاتينية، بالاضافة الى الدور الخطير الذي تلعبه الصين وروسيا في العالم،الى جانب الضربات القوية الموجهة الى ميناء الفجيرة وينبع ، والذي بعث برسالة قوية الى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة لم تكن متوقعة ، لذلك بدات الولايات النتحدة بمراجعة نفسها بعد تلك الاحداث الخطيرة في المنطقة قبل أي خطوة باتجاه الحرب، كما ان واشنطن تدرك ان اغلب دول اوربا تسعى الى أن تدخل امريكا هذه الحرب وان تكون حرباً طويلة وذلك للتخلص من السيطرة الامريكية على العالم ، والانعتاق من سطوتها على العالم اجمع .
اما إيران التي تسعى الى إطالة امد هذه الازمة لحين إنتهاء فترة الرئيس ترامب ، والتي تعتبر من أسوء الرؤوساء الذين حكموا الولايات المتحدة ، وادارو ملفات الخارج وقيادة الحروب في الشرق الاوسط الى جانب افتعال الازمات، فهي تراهن على الزمن كون واشنطن لاتتحمل إطالة الصراع في منطقة الشرق الاوسط ، لذلك تسعى جاهدة الى إبقاء الصراع مسيطراً عليه ، لحين انتهاء الفترة الرئاسية للرئيس الامريكي ، على ان تعمل على تكملة برنامجها النووي وبهدوء دون منغصات من هنا او هناك ، مع بذل جهود استثنائية في منع أي مواجهة مع واشنطن ، وان حدثت فانها بالتاكيد لن تكون على الارض الايرانية ، بل سيكون العراق ساحة هذه الحرب ، لذلك لابد ان تسعى الحكومة العراقية الى بذل جهود أستنثائية في تهدئة الاوضاع ، وممارسة دور الوسيط بين طرفي الصراع ، وبما يحقق الصراع في المنطقة عموماً ، ومنع اندلاع اي حرب قادمة .