أن العراق بما يحويه من قوميات كانت قد غمرتهم السعادة في نيسان عام 2003 يوم سقوط صنم العراق وكأن طرق النعيم قد مهدت أمامهم وأبوابها فتحت على مصراعيها لأحتضان الجميع تحت خيمة واحدة أسمها العراق بعد سنوات عجاف من القهر والأذلال والأضطهاد والحرمان ناهيك عن وسائل الأحتقار ومصادرة العقول وكم الأفواه والأستهانة بذوي الشهادات وأصحاب الكفاءات بحيث وصلت دونية النظام البائد لدرجة الحط من شخصية الفرد العراقي ومن دون أن يرف له جفن , وبأختصار أنه كان للشعب العراقي تاريخ طويل ومرعب مع الحكومات الرجعية التي توالت على سدة الحكم منذ تأسيس الدولة العراقية ولما سبقها أيضا وحتى ساعة زوال النطام المسعور …
وبعد أكثر من تسعون سنة من الدكتاتوريات والرجعيات المتعاقبة على العراق والأحزاب الشمولية حيث بين ليلة وضحاها ينقلب كل شيء رأسا على عقب وليتحول العراق ألى بلد ذو نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب برلماني الهيئة قائم على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية , التشريعية والقضائية , والذي في أجمعه يعتبر طفرة لا طبيعية في بيئة لم تكن مهيئة لمثل هكذا تحول مجهول النوايا ناهيك عن عدم ملائمته والأرضية المبنية والقابعة تحت سيطرة النزعات الدينية والمذهبية وتغلب على تصرفاتها العادات والمعتقدات التي في كينونتها أقرب الى النزعات القبلية والعشائرية لا الوطنية والتي لا تتماشى والنظام الجديد مما ولّد المتناقضات داخل البيت العراقي مسببا له الكثير من المتاعب والمشاكل أبتداءا وفترة صياغة الدستور الذي خلط الأوراق بالطريقة التي تتنافر والجانب الوطني وأنتهاءا بحالات الأحباط والأرباك التي سببها بالدرجة الأولى داخل الشارع العراقي مقسما أياه ألى شيعا وطوائف ومن ثم ما جلبه أي بنود الدستور من حالات التشرذم والنفور بين كل القوى السياسية العراقية عربية كانت أم كردية سنية أو شيعية مسلمة ومسيحية التي في أغلبها أصبحت بتصرفاتها وسلوكها وتصريحاتها يطغي عليها روح العداء والأنانية البعيدة كل البعد عن الحس الوطني لتودي بالنتيجة ألى خلق حالة من القنوط لدى الجماهير الذي أختبرهم طيلة سني ما يسمى بالعهد الديمقراطي الذي زاد من من معانات العراقيين اليومية وعلى كل الأصعدة وعلى مدى العشر سنوات من التحول بحيث صار مصير الشعب العراقي أسير للكتل أو بالأحرى المشارب ورؤساء المشارب التي تدعي بتمثيله في خطاباتهم النارية متمكنين عبرها من نقل خلافاتهم وعداواتهم الشخصية أو المذهبية على حد سواء الى الشارع العراقي المليء بالهموم التي مصدرها الوعود الفقاعية العائدة ألى الكتل السياسية البالونية التي تعتبر مرجع الأرهاب الرئيسي , كون سلبيات نزاعاتها يعتبر المغذي الأول والأخير التي يعشعش داخلها الأرهاب وعبرها يفسح المجال له لتنفيذ كل ما بوسعه , أذن بصورة أو بأخرى أن فشل الكتل السياسية في قيادة دفة العراق يعتبر بمثابة دعوة صريحة للأرهاب الذي وبمجرد ما يبدأ عملياته الخسيسة سرعان ما تشرع تلك الكتل برؤسائها وأعضائها مصرحة بأن الأرهاب يريد أجهاض العملية الديمقراطية , نعم أن ذلك لصحيح لكن بمباركة نزاعات الحاكمين …
أن ما يشهده الميدان العراقي اليوم وفي أغلب المحافظات السنية من أعتصامات وتظاهرات لم يكن من صنيعة الخارج بل اسبابه داخلية بحته كون هنالك العديد من الذين يتبؤون أعلى المناصب داخل السلطات العراقية الحساسة والمؤثرة على القرار السياسي العراقي وصل الأمر بهم ألى التفوه بالذي حقا سيجهض العملية الديمقراطية في العراق وما تصريحات أسامة النجيفي ذات النعرة الطائفية رئيس أعلى سلطة سياسية عراقية للأعلام الجزراوي القطري لهو خير دليل ونوايا جادة من لدنه على أثارة الفتنة داخل البيت العراقي والذي لم يكن بأستطاعة كائن من يكون على أيقافه عند حده سوى بعض الأنتقادات لدى الوسائل الأعلامية هنا وهناك لذر الرماد في العيون أما على الصعيد الرسمي فلا يوجد شيء, وها هو يقود البرلمان متربعا على عرشه ليس بأستطاعة احد أن يزحزحه من مكانه , وكذلك فيما يخص وزير المالية العراقي رافع العيساوي الذي يحتمي في الفلوجة خلف عشيرته والمطلوب ألى المسائلة والأستجواب بخصوص تهم الفساد الموجهة أليه , وذات الشيء حصل مع من سبقه على كرسي وزارة المالية وهو ببان جبر صولاغ بتهمة الفساد المالي المطالب للتحقيق لدى هيئة النزاهة … ألخ من الفضائح والعيوب التي لا تعد ولا تحصى وأخذت طريقها ألى الشارع العراقي بعد أن كانت أسيرة المنطقة الخضراء أو كما يسميها البعض ( بالمنطقة الغبراء ) !!!
أن العراق اليوم ومع الأسف الشديد واقع بقبضة أمثال هؤلاء الذين يفتخرون زورا بوطنيتهم وعراقيتهم لكن من أعلى المنابر طائفية ومذهبية وعنصرية وشوفينية , أن العراق اليوم ليس ملكا للعراقيين بل هو ملك هؤلاء الديناصورات المرعبة وهم كثّر التي تنوي التفرد بالسلطة للسيطرة والتحكم بمقدرات البلد كيفما تريد ومتى ما تشاء وبالفعل هذا ما أختبرناه طيلة السنوات التي أعقبت السقوط عام 2003 لقد دمروا العراق وأجهزوا على معنويات العراقيين وأجهضوا أماله وزادوا من آلامه وتخطوا كل الخطوط الحمر متجاوزين على المصالح العليا للشعب العراقي ليثبتوا للجميع أن العراق هو من دون سلطة أو قانون أو برلمان وديمقراطيتهم صارت وبالا لأنها لا تنتمي ألى ذلك الواقع ولا تتلائم وتلك البيئة واصبحت نظاما خطيرا يهدد وحدة وتراب العراق الذي أضحى على حافة هاوية التقسيم , كون ولاء سياسيي اليوم هو أما للمذهب الفلاني والطائفة العلانية أو ألى العشيرة وهذه الأخيرة صارت العبائة التي تستر عورات المنتفعين ومرتعا للمطلوبين من أبناء العشيرة وحلت محل الدستور والقضاء والبرلمان وأما الحكومة هي فقط واجهة أعلامية على المنفذ الخارجي والبرلمان لا حول ولا قوة كل قراراته مؤجلة بأستثناء ما يصب في خدمة مصالح الديناصورات وأما السلطة القضائية تستحق أن نطلق عليها سلطة ( البدون ) …
أرددها مرات ومرات بأن العراق وبحسب الواقع وقراءته هو ليس للعراقيين بل هو لعدد من المغامرين المتسترين بلباس الحكومة والذين لا قانون يردعهم بل هم فوق القانون والدستور والأنتماء الوطني وأذا ما أنكشفت فضيحة أحدهم وصار بحكم المطلوب للمسائلة والعدالة وأشتد عليه الحصار تراه محتميا خلف حزبه أو كتلته وأما أذا ضاقت به السبل تراه ملتجأ ألى عشيرته رافعا شعارات التهديد الطائفي أو المذهبي الذي يزيد من الأحتقان والكراهية مستغلا حالة اليأس داخل الشارع العراقي المشحون سلفا والذي تعصر عليه لقمة العيش بينما المتربعين على سدة الحكم على أختلاف أنتماءاتهم تراهم يلفهم الثراء والذي يتزايد يوما بعد يوم وكأن العراق مسجل بأسمهم فقط غير مكترثين بحرمة العراق المنتهكة يوميا ويستميتون على زيادة شقة الخلافات وتجذرها لأن ذلك يزيدهم غنى ورفاهية , وفي الجانب الأخر أي الشعب العراقي يزيدونه فقرا ومعدومية والحط من شخصيته .. أخيرا وبأختصار ( كذب من قال أن عراق اليوم هو للعراقيين ) , كما وأتمنى أن لا تعاد على العراقيين ما تم ذكره عبر الأسطر المدونة في مطلع المقال …
[email protected]