18 ديسمبر، 2024 4:57 م

هل السوداني مهندس زراعي

هل السوداني مهندس زراعي

كان المامون عالما فقرّب العلماء وانشا بيت الحكمة وأدخل الترجمة ، والقيصر كان نحّاتا فانتشر النحت في شوارع روما والسلطان عبد الحميد مولع بالقطارات فانشا السكك وصدّام كان يحب الحروب فبنى منشآت عسكرية مخيفة وناجحة وسليمان كان حقوقيا فطوّر القانون ،
فاذا كان السوادني مهندسا زراعيا فلماذا لم ترتفع شجرة واحدة منذ مجيئه ولا زرعت نخلة ولا طُور حقل ولا شُق جدول ولا سّوّرت مدينة بحزام اخضر “والناس على دين الملوك”
اكّد لي صديق انه كان يعمل مع الرجل -الذي صار اليوم رئيس العراق التنفيذي- ايام العهد السابق ويعرف شهادته كخريج كلية الهندسة الزراعية حقيقة ، وكان يشرف على مزارع وحقول او يدير زراعة وحدة ادارية كاملة ، الان اموال العراق كلها تحت امرته وكوادره وجامعاته ووزاراته وجيشه وشرطته وطلبته ونسوته واشباله. فكان المتوقع اولا منه هو ان يقوم بحملة زراعية شاملة تعيد للعراق بعض خضرته التي اصفرت ومياهه التي غارت وطقسه الذي اصابه الغليان من التصحّر والاسمنت والمقرنص والجسور التي يزداد الزحام المروري والحر كلما ازدادت .
العوائل في بيوتها يمكن ان تزرع كما كانوا يفعلون في الماضي ، والموظفون في دوائرهم والطلبة في مدارسهم وجامعاتهم يمكن ان يزرعوا فالزراعة ليست اعجازا تكنولوجيا اضافة الى واجب البلديات ودوائر الزراعة المنتشرة في كل مدينة بلا عمل ، ودول المنبع يمكن ان تزيد حصتنا من الماء ، والأمطار يمكن ان تُخزن بسدود وبحيرات للصيف ، كل هذا لا يحتاج الا قائدا حقيقيا مخلصا ويعرف ما معنى التصحر وفائدة التشجير ، وما معنى الاسفلت والمقرنص وفائدة الحشائش والورود وتاثيرها على الطبيعة فيصدر التعليمات ويضع الخطط ويقود حملة خاصة بذلك،
الامر كان يحتاج الى فلاح بسيط يستلم الحكم او كأعلى طموح رجل غني كان يملك حديقة في بيته ، ولكن من سخاء الاقدار وحسن الحظ وعجائب الامور اننا حصلنا في الوقت المناسب على افضل من ذلك في الاختصاص، وكان من المفترض انه وبعد عقود وقرون يذكر التاريخ سبب عودة الخضرة الى ارض السواد المتصحّرة ، فيقال : ذلك انه تولى حكم العراق عام 2023 ، مهندس زراعي. “و يا حسرة”!