لكل دولة نظام اقتصادي معيّن ومُحدد في الدستور ، وبموجب هذا النظام الاقتصادي تتحدد واجبات الحكومة في الميدان الاقتصادي.
وبما ان النظام الاقتصادي في العراق مابعد عام ٢٠٠٣ ، هو نظام السوق الحرة واعتماد آلية السوق( على الأقل من الناحية القانونية والنظرية)، فأن واجبات الحكومة في الميدان الاقتصادي تتحدد طبقاً لذلك.
النظام الاقتصادي الحالي يختلف عن نظام ماقبل ٢٠٠٣، الذي كان يقال عنه اشتراكي في حين انه كان بدون هوية محددة وكان يتأرجح حسب الظروف والمزاج بين النظام السوفيتي ورأسمالية الدولة اضافة الى مظاهر رأسمالية خاصة مشوّهة لاسيما في السنوات منذ نهاية الثمانينيات.
قبل نهاية الحرب العراقية الايرانية تخلت الدولة عن كثير من سياساتها السابقة بما في ذلك التعيين المركزي( ماعدا اختصاصات معينة)
ورفعت شعار الاصلاح الاقتصادي والثورة الادارية ، وتخلت تحت هذا الشعار ، عن الكثير من الالتزامات القديمة بسبب ازمتها المالية وبسبب اعباء الحرب الثقيلة وغيرها من الاسباب.( تخلت عن ضمان حد ادنى من المستوى المعيشي عندما تَركَت التضخم الجامح يجتاح الاقتصاد وراتب الموظف ثابت بحيث اصبح الراتب الشهري يساوي دولاراً واحداً ، وبدأت بطرد الموظفين بحجة الترشيق الاداري واتباع سياسة الفائض).
الآن لازال الناس يطالبون الحكومة بتعيين الخريجين في دوائر الدولة مع ان تلك الدوائر مترهلة ومليئة بموظفين غير ضروريين…
المؤسسات السياسية لازالت تتصرف بأسلوب مزدوج يتراوح مابين سياسات النظام السابق والحالي.
فتارةً يظهر مسؤول ويأمر بتعيين المئات من الخريجين وتارةً يظهر آخر ويطالب باعادة القطاع العام ( الاشتراكي) وآخر يطالب ببيع القطاع النفطي للشركات الخاصة ( مثل ما هو الحال في امريكا).
المجتمع بناء على ذاك التناقض في التصريحات اصبح يطالب الحكومة بتعيين الجميع مع انها لاتستطيع دفع رواتب الموظفين الحاليين.
في العالم الرأسمالي لايخرج الناس في مظاهرات للمطالبة بالتعيين عند الحكومة بل يطالبون بتغيير السياسات الاقتصادية التي لاتخلق فرص عمل كافية وتبنّي سياسات جديدة تخلق فرص عمل ( اساساً في القطاع الخاص).
لم نسمع بمظاهرة خرجت في البلدان التي تشهد بطالة عالية ( اسبانيا مثلاً نسبة البطالة فيها ٢٢٪)، تطالب الحكومة بتوفير وظائف لدى الحكومة ومؤسساتها ، بل يطالبون بسياسات اقتصادية تشجع النمو وتوليد الوظائف.
المزايدات التافهة من قبل بعض السياسيين الذي يحاول رفع شعبيته عن طريق الضحك على الناس والدعوة الى تعيين كافة الخريجين ..باعتباره نصير الجماهير الفقيرة !!!
اضافة الى ذلك ، انتشرت في العراق اخيراً ظاهرة شراء الشهادات من جامعات لاقيمة لها ، والعودة بدكتوراه او ماجستير عديمة الجدوى والمطالبة بالتعيين في الجامعات لكي يزيد من انحطاط التعليم العالي !!
السيدة ثاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ، اجتمعت برؤساء الشركات الحكومية ( قبل تصفية تلك الشركات عن طريق التخصيص)، كانوا ينتظرون منها التكريم والشكر ، لكنها بدلاً عن التكريم قالت لهم انكم مجموعة من الفاشلين عديمي الطموح وغير القادرين على المجازفة !!
لانكم جئتم الى القطاع العام لأن وظائفكم مضمونة ولكن بدون أمل في تحقيق قفزة في حياتكم لان القطاع العام يوفر الراتب المتفق عليه فقط!!
العمل في القطاع الخاص يجبر الشخص على العمل بجد وتطوير مهاراته وخبراته ومتابعة ماهو جديد لكي يحتفظ بوظيفته لان القطاع الخاص لايدفع رواتب مجانية.
تأسيس مشروع خاص للفرد ايضاً فرصة للتطوّر ( بافتراض توفر البيئة المناسبة).
بعض طلاب الماجستير يتصل بي على الخاص ويطلب المساعدة والاستشارة ، لكني اكتشف انه لايعرف معنى رسالة الماجستير ويعتقد انها :
تجميع مواد من الكتب ولصقها مع بعضها ، فقط !!!
ويريد ان يصبح استاذاً جامعياً..