تتسارع الخطى وتتسابق الايام للظفر بـ “الفوز” في انتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها في اواخر شهر كانون أول لهذا العام 2023 , وكل مرشح يدلو بدلوه للنيل بظفر الفوز بعد غياب عامين عليها , نتيجة الغاؤها وفق ما تطلبته الاحتجاجات الشعبية في زمن رئيس الوزراء الاسبق عادل عبد المهدي عام 2019 , تجربة مجالس المحافظات في الحكم اللا مركزي تشوبها شكوك وقد تكون مثيرة للجدل , في تكريس أساليب البيروقراطية وشبهات الفساد وتعطيل بعض المشاريع التنموية والاستثمارية , نتيجة لشبهات الفساد المستشري في اغلب مجالس المحافظات , وتلكؤ الكثير من مشاريع البنى التحتية , وعدم تحقيق مطالب المواطنين للحصول على ابسط الخدمات التي هي من اختصاص تلك الحكومات المحلية , الدستور العراقي المثير للجدل , كفل الحريات والنظام الديمقراطي بعد الغزو الامريكي للعراق عام 2003 , وكان المفروض من الذين كتبوا الدستور ان يراعوا تطبيق الديمقراطية وفق مراحل متدرجة رويداً رويدا, لكن بمرو السنين لوحظ ان الحكم اللامركزي لمجالس المحافظات كان بمثابت ارضاءاً للطبقة السياسية الحاكمة وأحزاب السلطة , دون تحقيق طموحات وتطلعات الشعب العراقي , الذي كان ينتظر بفارغ الصبر تلك الديمقراطية ” المزعومة ” والتي بقيت حبر على ورق , حيث يرى اغلبية الشعب العراقي في جميع محافظاته ان مجالس المحافظات حلقة فارغة تصب نتائجها في جعبة الاحزاب المتنفذة لارضاء جمهورها والعمل بمبدأ المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية , في التعامل لتوزيع المناصب والمغانم فيما بينها على اعتبار انها ربح وافر على حساب الكفاءة والنوعية , وقد رسخت مفاهيم الفساد والاستيلاء على المشاريع الخدمية من قبل ثلة من الاعضاء الفاسدين وبعض المحافظين غير النزيهين , الذي جعل المواطن العراقي يعيش بين الأمرّين وفي اسوء حالات الخدمات , ومنها أزمة الكهرباء المستعصية على الجميع وازمة التربية والتعليم والادوية والمستشفيات وغيرها من الخدمات التي تخص حياة المواطنين المباشرة , ونرى من وجهة نظرنا كأعلاميين وصحفيين ومواطنين ومراقبين للوضع اليومي لحياة المواطنين , انه من الضروري جداً ان يؤخذ بنظر الاعتبار اعادة صياغة قانون مجالس المحافظات رغم الفترة المتبقية القصيرة , وذلك لحماية القانون من هيمنة النظام السياسي واحزابه المتنفذة التي لها اليد الطولى في كل شيء .
ومن الجدير بالذكر ان نسبة كبيرة جدا من العراقيين المشمولين بانتخابات مجالس المحافظات لم يحصلوا على البطاقة البايومترية الجديدة التي اصدرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات , ونعتقد من وجهة نظرنا ان هناك ضعفاً واضحاً في قسم الاعلام التابع لمفوضية الانتخابات , وعدم التزامه بتوجيهات الحكومة المركزية , ويتحمل الفشل الذريع في عزوف اغلبية المواطنين على الحصول على هوية الناخب الجديدة , وقلة الخبرة في ارشاد وتوجيه الناخب العراقي لما يصب في مصلحة البلد , وان الغالبية العظمى من الشعب العراقي ما زالت لديهم البطاقة القديمة التي اصبحت في ادراج التلف وعدم الاهلية , مما قد يتسبب في حصر الانتخابات على فئة قليلة للتصويت على المرشحين , وحصر الفائزين على احزاب وكتل متنفذه لديها اليد الطولى في الفوز والترشح , أولئك الذين كانوا يدعون إلى التغيير ولا يمكنهم إحداث مثل هكذا تغيير , إلا من خلال نسبة التصويت الكبيرة لفئات الشعب العراقي , وانه ليس من الانصاف والعدالة ان يتجاوز عدد بعض مجالس المحافظات على الثلاثين عضواً بحماياتهم وسياراتهم الفارهة ورواتبهم المهوولة وامتيازاتهم التي تتعدى حدود المعقول , نتمنى جميعاً ان يكون عمل مجالس المحافظات وفقاً لمعايير النزاهة والاخلاص والامانة لخدمة المواطنين , والابتعاد وتجنب السلبيات السابقة وبعيداً عن الهيمنة الحزبية والفئوية والمناطقية , ومن الله التوفيق والسداد .