23 ديسمبر، 2024 12:31 ص

هل اقتصادات العالم في مأمن من التقلبات السياسية والطبيعية؟

هل اقتصادات العالم في مأمن من التقلبات السياسية والطبيعية؟

من الحقائق المسلم بها هذه الايام هي ان اغلب الازمات التي يتعرض ويواجهها العالم هي ازمات ذات طابع اقتصادي اي انها تتعلق بمعيشة الفرد وحياته وبيئته. ازمات تتعلق بالبطالة والتضخم اي ارتفاع اسعار الغذاء والطاقة بشكل غير عادي على سبيل المثال كما تتعلق بالمناخ الناتج عن التلوث بغاز الكربون وانتشار الاوبئة المسببة لاغلاق الاقتصادات في دول العالم (Lockdowns ). وهذه الازمات عواقبها وخيمة على الاقتصاد العالمي بشكل عام. في الغالب تقع هذه الازمات بعد احداث كبرى كالحروب كحروب الانابة الكبرى والانفلات المدمر للمناخ Climate Climate Change of Mass Destruction) )كالسونامي الذي حدث في 2011 في جنوب آسيا وحرائق الغابات في اوربا وامريكا واستراليا وحتى في افريقيا.
هذه الازمات في مجملها تسبب اوضاع اقتصادية عالمية مزرية وخاصة في اقتصادات الدول والتكتلات الكبرى كالولايات المتحدة والصين والاتحاد الاوربي التي تؤثر بدورها على اقتصادات دول العالم الاخرى كما في القول الانجليزي المشهور “When America Sneezes, the World Catches Cold” اذا عطست امريكا اصيب العالم بالانفلونزا وهو قول اوروبي (فرنسي )نقله المهاجرون الاوروبيون الى امريكا وهو لم يعد ينطبق على امريكا فقط فقد ينطبق على الصين ايضا.
على اية حال هذه الازمات عرفنا اسبابها وهي الاحداث البعيدة الاثر كالحروب الكبرى والتغيرات المناخية ذات التدمير الشامل اما هم مكوناتها : الطلب والعرض والتضخم والبطالة .ولايخفى على احد ان خبراء وعلماء الاقتصاد يؤكدون على وجود علاقة وثيقة بين البطالة والتضخم وبين الطلب والعرض ودورهما في تحديد الاسعار. فقد بنيت النظرية الكنزية نسبة الى الاقتصادي البريطاني (John Maynard Keynes ) الذي يؤمن بان السياسة المالية اكثر فاعلية من السياسية النفدية التي كانت متبعة في امريكا حتى ثلاثينيات القرن الماضي ( زيادة التدخل الحكومي بزيادة الانفاق االعام Public Spending ). اما الاقتصادي الامريكي ميلتون فريدمان(Milton Freedman ) فقد اقر بعكس ذلك اي تفضيل السياسة النقدية على االسياسة المالية في منتصف السبعينيات ( الاقلال من التدخل الحكومي بالاقلال من الانفاق العام ).
عادة يعتقد الاقتصاديون وجود علاقة عكسية بين التضخم والبطالة حيث في حالة الكساد ينخفض الطلب ويميل التضخم الى الانخفاض وترتفع نسبة البطالة وفي حالة الازدهار الاقتصادي يحدث العكس تماما.
لذلك حاليا مع الحرب الاوكرانية- الروسية ومساندة اوروبا وامريكا لها وظهور ازمات الغذاء والطاقة والمناخ وامتداداتها الاخرى وذلك بعيد انتهاء وباء كوفيد -19 والاغلاقات الاقتصادية يشهد العالم وضع غير طبيعي وغير مرغوب لانه مؤلم وهو وضع ترتفع فيه تكاليف المعيشة وترتفع فيه ايضا نسبة البطالة. ويحاول المسؤولون وواضعوا السياسات الاقتصادية تدبر هذين الامرين.
ويذكر ان العالم قد شهد وضعا مؤلم خلال الثلاثينيات هو الكساد الاقتصادي ( Economic Recession ) المتمثل بانخفاض الطلب وميل التضخم الى الانخفاض وارتفاع نسبة البطالة بعكس الازدهار االاقتصادي ( Economic Boom) المتمثل بارتفاع الطلب وميل التضخم الى الارتفاع واتخفاض نسبة البطالة
بعد هذا العرض يمكننا القول بان اقتصادات دول العالم محكومة بالاحداث الكبرى التي يتعرض لها العالم. حيث عندما تتأثر اقتصادات الدول الكبرى بهذه الاحداث تتاثر اقتصادات دول العالم الاخرى سلبا او ايجابا وهناك ارتباط وعلاقة وثيقة بين البطالة والتضخم . فعندما ترتفع البطالة ينخفض التضخم والعكس صحيح. والوضع يصبح غير طبيعي ومؤلم عندما تكون العلاقة بينهما طردية . وان النظريات الاقتصادية قد نشأت بمراقبتها الدقيقة لمكونات الاقتصادات الكبرى وعلاقتها بالسوق والانفاق العام عبر الزمن كما ان الاقتصادات العملاقة في معظم الاحيان قد تتناوب الصدارة وتتبادل المواقع.