الاقتصاد يعتبر المحور المحرك للسياسة العالمية لذلك الغرب خدع العرب بصراع الايدولوجيات وصناعة ثقافة الافكار المتضاددة التي ادخلتهم في صراعات لا حصر لها على الساحة العربية منذ حقبة الستينات من القرن الماضي اهمها الصراع ما بين القوميين والشيوعيين ثم اشتد ما بين اصحاب العقيدة الواحدة من العروبيين كالصراع بين البعثيين والقوميين ثم تجذر الصراع بين القوميين والقوميين وبين البعثيين والبعثيين وكل طرف يستلم الحكم يلعن الاخر، وثروات العباد تنهبها الشركات الاجنبية التي تغذي تلك الصراعات، ولم ينتبه العرب الى الشأن الاقتصادي او ادخاله في الصراع السياسي الا بعد تأميم قناة السويس في مصر وتأميم النفط في العراق بالرغم من بعد المسافة بين الحدثين الا ان تلك الحادثتان نبهت العرب الى كيفية المحافظة على ثرواتهم، وفي المقابل فزع الغرب من خطر فقدان الكنوز التي استحوذ عليها وان التقرب منها من قبل اصحابها الحقيقين يعد جريمة لا تغتفر لهذا اتقن الغرب صناعة الايدولوجيات المفرقة التي تؤدي الى صراعات وحروب لحد كسر العظم لكي لا احد يستطيع ان يضع اصبعه على الجرح النازف وينتبه الى كيف يتم نهب تلك الثروات، وعند بروز وعي عالمي على اهمية الاقتصاد الذي بات المحرك الرئيسي للسياسة العالمية وانحسار الصراعات القومية والاممية فلابد من ايدولوجية جديدة تغذي تلك الصراعات وتشعلها من جديد فتم صناعة الاسلام السياسي بإعتباره اخطر الصراعات حده لانه صراع عقائدي لا يتقبل الآخر بأعتبار العقائد من عند الله ويكفر من يخالفها والاكثر خطورة دخل المال العام في نفق الحلال والحرام فاصبحت السرقه حلال وكنوز الارض ليست ثروات للشعوب .. بينما دول عربية اخرى لم تنجر وراء تلك الايدولوجيات منذ البداية وبدت تعمل على بناء منظومة اقليمية فاعلة لتحجيم القوى التي ارادت ترسيخ سياسة عالمية في نهب ثروات الشعوب تحت مسمى الحماية من عدو يرعب دول المنطقة وصرف الاموال على شراء السلاح فكانت البداية اسرائيل، ولكن عندما شعر ارباب اسرائيل ان عدائها الدائم مع العرب لا يحقق لها التنمية وبناء اقتصاد متداخل مع دول المنطقة فلابد من انهاء هذا الصراع الذي لا يملك مقومات الديمومة لانه صراع سياسي وبالامكان تفكيك وسائل الاشتباك، لذلك لابد من صناعة عدو يؤسس الى صراع عقائدي قائم على مشيئة الاهية يصعب تفكيك وشائجها لهذا تم احتلال العراق ليصبح نموذجاً للصراعات المذهبية والعرقية بعدما تركته امريكا فريسة المنافسة الاقليمية ما بين ايران ودول اخرى فاصبح كل طرف ينهش من لحمه حتى الكويت التي كانت بمثابة البعوضة التي عوقبت شر عقاب على امتصاص شيئ من النفط على الحدود اصبحت المستحوذ على الموانئ والمنافذ الحدودية ناهيك عن ايران التي جعلت العراق بقرة حلوب لفك ازماتها الاقتصادية، بالاضافة الى فتح الباب امام مغانم المحاصصات وهو الطريق الاسلم للدخول في صراعات داخلية وجعل المصالح الشخصية والفئوية تسمو على مصالح الوطن وبذلك تمزق البلد وتبددت ثرواته .. بينما العرب في الطرف الاخر وعوا اللعبة وابتعدوا عن الخلافات الايدولوجية ودخلوا عالم التنافس الاقتصادي والتنمية فكانت القمة العربية الصينية في الرياض ليس لكسر طوق الهيمنة الغربية وانما مقدمة لبناء نظام دولي متوازن بعيدا عن هيمنة القطب الواحد اي اصبحت القمة العربية الصينية امر واقع وضعت اللبنات الاولى لسياسة عدم التبعية الابدية التي ارادت ان تجعلها امريكا احد اهم اسس التعامل السياسي والاقتصادي مع العرب .. مما يعني ان حنكة السياسة السعودية ليس جر السعودية نحو سياسة مستقلة وانما اركبت في سفينتها دول فاعلة في المنطقة والابحار بهم نحو الصين دون المساس بالشراكة الاستراتيجية مع امريكا الذي تحدد مسارها الجديد خلال زيارة بايدن الى جدة والاستقبال الهزيل الذي كان رسالة للعالم ان امريكا لم تعد صاحبة الكلمة العليا في المنطقة، وتوجت تلك السياسة بالتوقيع مع الصين مؤخراً في شراكات تضع العرب في قلب الموازين الاقتصادية العالمية انطلاقاً من موقع العالم العربي الجغرافي الذي لولاه لما فكرت الصين في طريق الحرير ولا فكرت امريكا في مشروع الشرق الاوسط الكبير، لهذا التقارب مع الصين جاء انطلاقاً من مصالح وطنية تجعل العرب طرف محايد وفاعل في نفس الوقت، اي طرف محايد ما بين صراعات قوى عالمية تريد تشكيل اقطاب متعددة على انقاض هيمنة القطب الواحد، وطرف فاعل من خلال المشاركة في بناء منظومة دولية تحقق التوازن بين القوى الاساسية في الاقتصاد العالمي .. مما يعني انها البداية لنهوض عربي ينهي الهيمنة الغربية على المنطقة، والسؤال هنا أين موقع العراق من تلك المنظومة !!!