يعرف عن المجتمع العراقي انه متمسك بالعادات والتقاليد والاخلاقيات بانواعها “العشائرية و المناطقية والعائلية” وعلى رأس كل الاخلاقيات “الدين” الذي يعتبر اساس كل الاخلاقيات و العادات والتقاليد، فالتعاليم الدينية اساس الاخلاق لدى الانسان.
اختبار الاخلاق والتعاليم الدينية لدى الفرد
يؤمن الكثيرون بالاخلاق و التعاليم الدينية، فتكاد تجزم ان ٩٠٪ من الشعب العراقي يملكها او يعرفها بشكل او باخر، لكن من هو الذي يؤمن ويتصرف بما يعرف من “اخلاق و تعاليم دينية ويعمل بها” في حياته اليومية، والجواب على سؤال “يؤمن ويتصرف بما يعرف من اخلاق وتعاليم دينية” يكون “عندما يكون الشخص في موقع المسؤولية”، فالشخص البسيط الذي يعمل بخلاف ما يعرف من اخلاق و تعاليم دينية “لن يؤثر على احد” او انه يؤثر في عدد محدود من الافراد، لكن الشخص الي يتبوأ
المسؤولية “مناصب حكومية” تكون اعماله و قراراته مؤثرة على مجتمع كبير جدا بل قد تصل تأثر شعب كامل، اذا هنا يظهر عمق و ايمان و عمل الفرد “بالاخلاق و تعاليم الدين” وهل هو من السامعين والمتحدثين بها ام لا.
الاخلاق والتعاليم الدينية قبل عام ٢٠٠٣
كما اسلفت الذكر ان تبوأ المسؤولية يظهر ايمان الفرد و عمله بالاخلاق و التعاليم الدينية التي تربى عليها في البيت والمدرسة والمجتمع، فقبل عام ٢٠٠٣ كان المسؤولون العراقيون يمتازون بالامانة و المصداقية و الشرف في اداء الواجب و المهنة، ورغم ان الوثائق و الحقائق التي ظهرت بعد عام ٢٠٠٣ بينت ان الفساد كان موجودة لدى بعض القيادات الكبيرة و عوائلهم لكن الخط الثاني والثالث من المسؤولين كانوا اكثر امانة في عملهم بكثير من النواحي.
بعد عام ٢٠٠٣ حرية اخلاقية وانتقائية
بعد سقوط النظام دخل الطارئون على السياسية و المجتمع و العراق في غفلة من الزمن وغفلة من الدول الكبرى، فتحكموا بمصير الشعب و البلاد وكانوا بلا شك اشد البشر فسادا و نفاقا فلا حاجة لذكر مدى اخلاقهم وايمانهم بالتعاليم الدينية، لكن الغريب العجيب هم من القيادات والشخصيات داخل العراق والتي تبوأت مناصب في الحكومة العراقية الجديدة والنظام الديمقراطي الذي يتيح للانسان ان يعمل ويعيش ويتحدث بحرية، هذه القيادات والشخصيات “من داخل العراق” مارست فساد مالي واداري و كذب ونفاق و دجل و تلاعب وغيرها من محرمات و كبائر لم يمارسها “ابو جهل” في ايامه، فالصدمة هنا ان المسؤولين و الاجيال الشابة والتي تربت في زمن الانغلاق والانقطاع عن العالم “قبل ٢٠٠٣” والحملة الايمانية “في ذلك الوقت” اظهرت فساد شديد بكل النواحي والاشكال، اذا اين هي الاخلاق و التعاليم الدينية التي تعلموها في البيت و المدرسة و المجتمع لماذا اختفت.
دورة الفساد المستمر
من المعروف ان المسؤولين الذين جاؤوا من الخارج كانوا فاسدين و اشاعوا ثقافة الفساد و قربوا الفاسدين، لكن يبقى احترام الانسان والتزامه و ايمانه بأنه صاحب اخلاق تربى عليها منذ الصغر و في مجتمع محافظ و ان دينه “مهما كان” يحرم عليه السرقة و الكذب و التلاعب وغيرها حتى لو كان صاحب الشأن فاسد لماذ ننجر معه لماذا نفقد ذاتنا و اصلنا و نسرق ونفسد اكثر و اكثر، ماهو السر في التخلي عن ما تربينا عليه لاعوام طويلة.
المشكلة من الداخل
اعتقد ان الديمقراطية والحرية اظهرت مدى زيف ايمان المجتمع بالاخلاق و التعاليم الدينية “واقول اكثره وليس كله” لان نسبة عالية من شخصيات داخل العراق و التي لم تكن في صفوف المعارضة كلما تبوأت منصب اظهرت فساد متنوع كبير جدا، حتى بات الشارع العراقي حائرا من يصدق و ينتخب، فالقيادات السياسية فاسده “اكثرها” ومن يدخل في دائرة المسؤولية الحكومية قد او سيتحول الى فاسد، وكأ، الاصل و الاخلاق و التعاليم الدينية التي تربى عليها، فمع كل صعود في السلم يفقد جزء من اخلاقه و ايمانه بتعاليم دينه، حتى يصبح انسان مفرغ من الداخل واجبه داخل البيت الحكومي هو الفساد المستمر بانواعه، اذا هل نستطيع القول ان الديمقراطية اظهرت لنا حقيقة لم نعرفها منذ عقود وهي ان اكثر العراقيين لايؤمنون او يعملون “بالاخلاق و التعاليم الدينية التي تربوا عليها منذ عقود” وان كل مايذكر من ذلك يقف عند مستوى المنصب و المسؤولية فعند الوصول لها يتغير الانسان لنجد الانسان الفاسد بداخله