22 نوفمبر، 2024 6:04 م
Search
Close this search box.

هل اسرائيل دولة مثالية أم جلطة دماغية عالمية؟

هل اسرائيل دولة مثالية أم جلطة دماغية عالمية؟

عندما تم طرح مشروع تأسيس دولة اسرائيل كان مخطط لها ان تكون دولة يلجا اليه كل اليهود الاحرار الذين تعرضوا أو سيتعرضون لمضايقات دينية او حياتية او اجتماعية او سياسية او اقتصادية في بلدانهم الأم، اعقب هذا المشروع دعم غربي وأمريكي على اعتبار بانها ستكون دولة يلجا إليها أقليات يهودية لاقت الأمرين في كل دول العالم ٫ وبنفس الوقت لتكون مثالية لتفتح افاق نوعية لإحترام حقوق الانسان والديمقراطية وتطبيق حكم القانون في منطقة الشرق الأوسط وربما العالم، وظل الخطاب الأمريكي والغربي يكرر هذا الهدف مع كل تحدي امني او سياسي يواجه اسرائيل في المنطقة،حتى بعضمن المتنورين في عالمنا العربي كانوا ينظرون لها بهذا المنظار، بما فيهم بعض فلسطيني الأراضي المحتلة الذين كانوا يلاقون الويلات من ادارات محلية أردنية بإشراف إسرائيلي قبل ان تتحول بعد اتفاقيات اسلوا إلى فلسطينية ،بحيث كنت شاهد مع بعض الطلاب الفلسطينيين الذين كانوا يزاملونا في كلية القانون بداية الثمانينات من القرن الماضي ٫يرددوا بجلساتنا الخاصة ملاحظات وصلت للسخرية من حماستنا للقضية الفلسطينية ٫منها السؤال الواقعي التالي، كيف يمكن للحزب والثورة في العراق اوسوريا اوبقية الدول الثورية ان يقوموا بتحريرنا نحن الفلسطينيين من اسرائيل الديمقراطية بشعوب هي مقموعة إلى حد فقدت آدميتها امام سلطات غاشمة فاسدة في سوريا أو العراق لا تعرف معاني الديمقراطية والانتخابات والتداول السلمي للسلطة وحكم القانون؟

حتى لما جاءت اتفاقيات اسلوا صار بيننا الكثير من يعتقد بأن اسرائيل هي بالفعل دولة ديمقراطية سلمية ستكون نبراس لدولنا المبتلية “بديناصورات القيادات الملهمة من المهد إلى اللحد” ،وحتى الاخبار المفاوضات المتعثرة وعودة اللاجئين ورفض عودتهم واخبار التوسع الاستيطاني ٫كان بعضنا٫ نحن المضطهدين المشتبكين مع سلطاتنا الوطنية٫ نفسره بانه نوع من الخصومات العقارية اكثر منه نزاعات وجودية تحررية، بل كانت برأينا ٫حتى الانتفاضة الفلسطينية نعتبرها نوع من ممارسة الحقوق الديمقراطية للفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة أنذالك ٫خاصة إذا قارناها مع انظمتنا التي لا تتردد بسحق كل مجموعة تتظاهر منتفضة ولو أمام مطعم شعبي ،

ولكن الغريب اثناء صعود حروب الثورة الإيرانية وارهاب القاعدة وطالبان ثم داعش واستخدامها شعار تحرير الفلسطينيين ومقدسات المسلمين ضد إسرائيل وداعمها الأمريكي والغربي والتعبئة الحربية والأيدلوجية التي ضحت من اجلها الكثير امريكا وحلفائها الغربيين ،كنا نتوقع ان تسلك الحكومات الإسرائيلية سياسات وأفعال سلمية تنويرية بناءه ترفض بها خطاب القوة والتوسع على حساب حقوق الفلسطينيين وعموم العرب والمسلمين ٫بالقليل لتعزيز جهود حلفائها الدوليين والإقليميين من حولها لينجزوا بناء دول ناجحة تتبنى الحوكمة الرشيدة والقانون والعدالة ،ولكن الذي حدث أن إسرائيل لم تكتفي بالتعسف بحقوق الفلسطينيين والتجاوز على حقوقهم واراضيهم وسلطاتهم ، وانما راحت مرة تجند شخصيات من ضعاف النفوس والفاسدين الباحثين عن السلطة والنفوذ بأي ثمن في بعض الدول العربية لتعزيز تأثيرها وتنفيذ أجنداتها ولو ضد مصالح هذه الشعوب وإستقرارها ٫ومرة تتشفى حتى بولي باقائها على قيد الوجود والصمود امريكا ، فبدأنا نسمع عن مؤامرات يهودية اسرائيل لافشال جهود أمريكية وأوربية وأممية لبناء سلطة فلسطينية نظيفه وفعالة تلبي ولو الحاجات الإدارية المعقولة للفلسطينيين ٫أو إن إسرائيل هي ترفض بناء دولة لبنانية قابلة للدفاع عن مصالحها ٫وإسرائيل هي التي أمرت الأمريكان بتأسيس مؤسسات أمنية وعسكرية كارتونية “مسحوبة القوة” بلا هوية أمنية ولا جندية وطنية ولا عربية ولا إسلامية في العراق أيام التغيير أو في سوريا ومصر بعد الربيع العربي ٫حيث اصبحت المؤسسات العسكرية الى ما يشبه مقاولين أو دكاكين للتوظيف والارتزاق لملاحقة من يتصدى للحكوماتالفاسدة بتوجيهات الأمريكيان. ٫وتأكد ما كان يقال ٫ظهرت قيادات مخابراتية وفكرية وسياسية اسرائيليه في الإعلام تتحدث بصراحه وسعادة عن إخراج جيوش فولاذية عربية عن الخدمة وكيفية تحويل  مجتمعات عربية مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن إلى مجتمعات متقاتلة هائمة عائمة بالفساد والجهل والإحباط والمظالم التي أرجعتها لعصور ما قبل نهاية إمبراطورية عثمان .

لم يفكروا بتبعاتها الخطيرة٫ سواء من زاوية نقمة المجتمعات التي راحت تبحث عن من ينقذها من هذا الهوان أو من ناحية استغلال إيران نقمت هذه المجتمعات من الفاشل أو “الفاعل الأمريكي الغربي الإسرائيلي المسبب لخرابها ٫فراحت بعض الجماعات المسلحة تقفز مرة بحضن داعش ومرة بحضن إيران الجهاد من أجل مباديء الإسلام ٫ولو بطريقة العصابات التي تذبح فتنتصر فيخضع لها الناس والحكومات ٫ بدات بحماس التي انتفضت على الموظفين الفاسدين لمحمود عباس وألقتهم من شاهق العمارات وحزب الله الذي إستولى على مقدرات لبنان وسوريا وميليشات العراق التي أصبحت هي المتحكم بالسلطات ! وانتهينا بالحوثيين الذين ذبحوا ودمروا و صاروا اليوم عنوانين للقوميين العرب في كل مكان، ثم راحت إسرائيل تستغل الإستسلامالأمريكي وضياع القرار العربي تتجاوز على مبادئها ومكوناتها الدينية والمجتمعية بمشروع إعلان إسرائيل دولة يهودية٫ أنا أجزم نصف الإسرائيليين لا يريدوها بهذا الثوب الديني الفاضح٫ ومرة تستغل الهوان العربي بمشروع أحفاد إبراهيم للقفزعلى أهل القضية( الفلسطينيين )بالتصالح مع أولاد عمهم سواء في المغرب العربي أو بالخليج !

كما أن اسرائيل بدل ان تصحوا من هذا الطيش الذي أنتج لها ٧ أكتوبروتلاحق فاعلين معلومين بالأسماء والعدد بعدالة ٫راحت تمارس الإنتقام البربري بالذبح والهدم الجماعي وبالجملة ،ودون أن تخفي بأن الغزاووين الذي أنتفضوا على حكومة أبو مازن الفاسدة هم الذين إنتخبوا بديمقراطية قادة حماس ٫ولهذا فان كل اهالي غزة مستحقين لهذا العقاب الجماعي ! الأسوءامن ذالك فأن الأمريكان ومن تورط معهم من الدول المتقدمة في دعم إسرائيل ظالمة أو مظلومة لم يعينوا أنفسهم بتذكير إسرائيل بالمواصفات التي تأسست عليها كدولة كان يفترض أن تكون مثال دول الشرق الأوسط وإنماأصابتهم إسرائيل بالجلطة الدماغية ، وبالتحديد الأمريكان ٫ الذين إنتقلوا يد يمدون المهاجمين الإسرائليين بأعظم شحنات الأسلحة الهجومية والدفاعية الجبارة المدمرة للبشر والحجر ويد تمد الفلسطينيين المنكوبين من المذابح والجوع والتشرد بالمغذيات الجوية والبحرية والأرضية بمناظر لم تشهد لهاالبشرية!

ليس هذا فحسب ان امريكا وبعض الدول المرغمة بالسير معها استسلمت للجنون الإسرائيلي٫ بحيث لم يحصل بتاريخ امريكا التي كانت ومازالت تدفع باهظ الأثمان من اجل إستقرار النظام العالمي المدعوم بمكافحة الفساد وبالديمقراطية وحقوق الانسان في الشرق والغرب. تتولى هي بنفسها ولو لوحدها لتتحدى كل المجتمع الدولي بجمعيته الاممية و مجلس الامن والمحاكم الدولية بل وقبلت بالمشي وراء إسرائيل التي أعلنت خطتها بتغيير الشرق الأوسط بالقوة والقتل والتدمير المسلح ولو أدى لإنتحارها ٫ثم إمتدت هذا الجلطة الادماغية الى داخل أمريكا الحائرة لمن تعطي أصواتها ٫للديمقراطيين وهاريس المتورطين بحرق الشرق الأوسط من أجل عيون إسرائيل أم للجمهوريين وترامب الذين سيجهزون على ما تبقى من النظام العالمي و قيم الأمريكيين؟

أحدث المقالات