صعق اللبنانيون على وقع غياب رئيس حكومتهم سعد الحريري ، الذي بدا مسلوب الارادة في اختيار مصيره السياسي ، وأجبر على أن يكون أضحوكة زمانه ولعبة بيد أبن سلمان ، والذي بدا هو الآخر غير مبالياً بلبنان شعباً وقادة وسياسيين ، وكأنما يقول لجميع اللبنانيون أقبلوا بهذا المرسوم الملكي ونفذوه ، وفي النفس أُدخل اللبنانيون دوامة من المعلومات والشائعات التي ذهبت في كل اتجاه ، وجميع هذه الأخبار رجحت قيام حرب خليجية على لبنان وبدعم مباشر من إسرائيل ، وبدأت أولى هذه الخطوات بإقالة الحريري من رئاسة الحكومة اللبنانية يعقبها حصار اقتصادي خانق لإجبار القوى السياسية على القبول ببديل الحريري ، وفرض رئيس وزراء جديد على لبنان ، يكون أكثر تعاطياً من ميول السعودية وتنفيذ مخططاتها في إثارة الصراع السياسي والطائفي في لبنان ، والذي سيكون اللبنة الاولى ليمتد الى سوريا والى العراق ، والضرب على وتر الطائفية ، ودعم السنة لضرب الشيعة ، كما أن أول من أصيب بالذهول والصدمة على هذا القرار السعودي هو الحريري نفسه والذي بدا ومن خلال اللقطات الاولى ان الرجل أُجبر على الاستقالة ، وإعلان استقالته عبر التلفزيون السعودي ، الأمر الذي يجعل لبنان تدخل منعطف ليس من السهل الخروج منه ، ويتعين على ساستها الاستعداد لمرحلة جديدة في تاريخها الحديث .
الانطباع العام في لبنان أن الحريري قد خرج ولن يعود على الاقل الآن ، وأن الرجل أُقيل من منصبه ولم يستقيل ، وهذا ما كان واضحاً من خطابه الذي ألقاه في الرياض ، ومن خلال لغته بدا ضعيفاً منكسراً ، كما ان ما جرى من أحداث استقالة الحريري يمكن قراءته باتجاهين :
الاول : الاحداث الداخلية التي تشهدها السعودية ، وحملة ابن سلمان على أمراء الفساد وحجزه العشرات منهم بمن فيهم مقربين منه على خلفية ملفات فساد كبيرة وخطيرة ، وذلك باعتبار الحريري جزء من هيكلية الحكم السعودي ، الى جانب امتلاكه الجنسية السعودية ، وهو شريك في التجارة والأموال السعودية .
الثاني : الاتجاه الاقليمي والمتمثل بسياق التصعيد في الحرب الكلامية بين الرياض وطهران والتي بدأت تترجم الى مواجهة وحرب بالوكالة ، ودخول لبنان كساحة حرب وموجهة اخرى بين الطرفين .
أن إقالة الحريري مثلت اهتزاز سياسي خطير في لبنان ، وربما اللبنانيون لم يظهروا فرعهم من هذا الحدث المفاجأ ، إلا ان لبنان باتت ابوابها مشرعة على كل الاحتمالات وأولها الفراغ الدستوري ، واحتمالية تأجيل الانتخابات الى إشعار آخر ، وانهيار صفقة مجيء العماد ميشيل عون الى رئاسة الجمهورية ، والاهم من ذلك كله ، ان كل الاحتمالات مفتوحة في لبنان وارتفاع حدة التصعيد الداخلي ، واحتمالية عودة ” حروب الوكالة ” في لبنان ، والذي سيبدأ بحرب شاملة تقودها إسرائيل ضد لبنان وهذه المرة سيكون بغطاء عربي ، والهدف سيكون ” حزب الله ” وتحطين بنيته العسكرية والإستراتجية ، كما ومن المتيقن ان هناك حرباً ستقوم في المنطقة ، ولكن متى لا يمكن التكهن بهذا الامر ويترك الى الايام المقبلة ، والتي ستكون حبلة بالأحداث الساخنة في المنطقة .