18 ديسمبر، 2024 4:52 م

هل إستجاب الله لدعوة السيد السوداني ؟!

هل إستجاب الله لدعوة السيد السوداني ؟!

تسلُم السيد السوداني منصب رئيس الوزراء في تشرين أول عام 2022 ، أي منذ ما يقارب السنتين ، وبُعيد تعيينه قام بزيارة لمستشفى الكاظمية التعليمي ، ويبدو أن الرجلَ تفاجأ من الفوضى وتردّي الخدمات في هذه المستشفى ، إلى درجة أنه أطلق عبارته (الله لا يوفقني على هالخدمة هاي) معقبا على قول أحد أفراد الكوادر الصحية وهو يقول (الله يوفقك)، على غرار كلمة (مبخوت) التي لا يزال العراقيون يتندّرون بها !، وإذا كانت مستشفى الكاظمية من أكبر مستشفيات البلد ، وتقع في قلب بغداد وأقرب ما تكون لمراكز التفتيش وصنع القرار وكانت على هذه الحالة ، فكيف بالعيادات الشعبية المنزوية في أقصى الأقضية والنواحي في البلد والتي لم يصلها السيد السوداني ؟! ، ولا يزال قطاع الصحة في تراجع مضطرد ، فمعظم المستشفيات الحكومية لا تستطيع صرف الدواء للمواطن خصوصا إن كان غالي الثمن ، ولا تحتوي على أجهزة متطورة إلا نادرا ، فتدفع بالمواطن المريض إلى شراء الدواء من صيدليات خارجية ، أو أن يدفع مالا كبيرا للفحص بأجهزة المستشفيات الأهلية .

قطاع الكهرباء في أسوأ حالاته بحيث صار الصيف جحيما ، لا شيء سوى التسويف والحلول الترقيعية العرجاء ، تارة بإستيراد الطاقة من الأردن ، الذي يستورد جلّ محروقاته من العراق ! ، وتارة بالربط مع مصر التي عانت هذه السنة من قحط الطاقة الكهربائية ، أما إستثمار الغاز المصاحب لعمليات إستخراج النفط ، فلا يتعدى عن كونه كليشة إعلامية ، وغير ذلك من التخبّط ، رغم الميزانيات الفلكية التي إبتلعتها وزارة الكهرباء بلا طائل ، والتي تكفي لإنشاء 100 برج خليفة ، أو إثنان من سد الصين على نهر (يانغ ستي) الذي تعجب العالم من هول ضخامته التي تسبب تباطؤ في دوران الأرض وقدرته الإنتاجية الجبارة ، ولا نعلم أين ذهبت الأموال المخصصة لوزارة الكهرباء رغم أن المواطن يدفع ثمن المحولات المعطوبة أو الأسلاك التالفة ! .

الإعلامي اللامع محمد السيد محسن ، خير مَن وصف عمل وزاراتنا التي يترأسها السيد السوداني ، وهو أن لكل وزارة مَلَاك يعمل لصالح أحد الأحزاب المتكالبة على السلطة ، يمتلك فيها مكتبا إقتصاديا الغرض منه النهب ، والسيطرة على جميع عقود وواردات الوزارة ، وهو يمثل رجل الظل الذي يمسك بكل خيوط اللعب ، ووزير مُقيّد .

الفساد في إزدياد ، نزاهتنا بحاجة إلى نزاهة ، الخدمات متدهورة ، لم تجرؤ حكومة السيد السوداني على سَوق أي متورط في سرقة القرن ، أو عتاة المجرمين واللصوص والقتلة ، لا بل بدلا من ذلك قاموا بحج بيت الله ، والله منهم بريء ، بل ظهرت فضيحة سكك حديد العراق التي تلاشت أمامها سرقة القرن ، الأجدر أن يسمونها سرقة الألفية ، ثم تظهر فضائح أخرى أكبر ، ليسمونها السرقة الكونية ! .

إزدادت الضرائب ، والأسعار في إرتفاع ، أحدث التقنيات لم تُستخدم لتسهيل حياة المواطن ، بل لكسر ظهرِه ، كالغرامات المرورية ، وسعر البنزين إشتعل حتى أحرق المواطن ، خدمة الماء متردّية ، والتعليم في تدهور مستمر ، وعملة محلّية تتقزّم بإستمرار أمام الدولار ، فساد مستشرِ في الكمارك والضرائب والمرافيء والمنافذ ، تلوّث بيئي يخنقنا ويقتلنا ببطء ، جفاف يهدد زوال البلد بأكمله ، والبرلمان متكالب لزيادة رواتبه ، ومناقشة قانون الأحوال الشخصية ، الحلول تتطلب جرأة وعزيمة وتفعيلا حقيقيا للقضاء لإنقاذ البلد من كوارث تهدده بالزوال ، لا ببناء مجسّر هنا وهناك ، نعم ، يبدو أن الله إستجاب لدعوة السيد السوداني ، فلم يوفّق ! .