سؤال يستوجب الطرح والبحث والإجابة , ذلك أن ما يحصل في مجتمع تساهم في تقرير مصيره ورسم حياته العمائم القائلة بدين , لا يمكن تفسيره بسهولة , لأنه يتناقض مع أبسط مبادئ ومعايير الدين الذي تدّعيه.
فالدين لا يحث على الفساد وإغتصاب حقوق الآخرين , وترويع المواطنين وقهرهم بالحرمان , وفقدان الأمانة , وعدم الشعور بالمسؤولية , والإمعان في الخيانة والتبعية والخنوع لأعداء الأمة والدين , وغيرها من السلوكيات التي لا يمكن قبولها لو كان في رأسك بعض خلق دين.
إذن لماذا ينتشر الفساد في المجتمع؟!
ولماذا لا تصدح المنابر بالحرب على الفساد ونكرانه والحث على الخُلق القويم؟!!
يبدو أن السلوك البشري يضطرب عندما تضيع الموازين وتفقد الدولة هيبتها ويكون الدستور مطية محاصصاتية والقانون كرسي وعمامة , فتصبح المعايير وجهات نظر , ويكون الحق باطلا , والباطل حقا , والصدق كذبا والكذب صدقا , وقس على ذلك , ووفقا لهذا المضطرب تنطلق الفتاوى التي تساهم في جعل الأبيض أسودا والأسود أبيضا , بل وتتحول الفتوى إلى منطوق مقدس وسلوك متصل بالتقرب إلى رب العباد.
ولهذا فالإستنتاج الأقرب إلى الصواب , أن الفساد له عمائم تفتي بالعمل به , وهي مستفيدة ولها حصتها فيما يغنم الفاسدون من السحت الحرام , وهذه العمائم تجتهد في تسويغ الأباطيل والمحرمات وتسعى إلى تنميتها لأنها تدر عليها ربحا وفيرا , وتعتبره رزقا من ربها الذي خصها بنعمته الجماء.
قد يقول قائل أن في هذا الإستنتاج تجني وإفتراء , لكن هل لديه ما يفسر تعاظم الفساد وعدم القدرة على الحد من تناميه في مجتمع الأحزاب الدينية والعمائم المتوغلة في ثناياه والمشاركة في حكمه؟!
فأما تكون العمائم فاسدة , وأما أنها عمائم كاذبة , يضعها سياسيون فاسدون على رؤوسهم لخداع العامة وإمتهانهم بإسم الدين؟!!
فما يحصل لا يتفق وأبسط المعايير التقديرية والتحليلية , ويتناقض مع البديهيات , ويؤكد بأن هناك نار تبعث دخانا , وإلا من أين جاءنا هذا الدخان؟!!
وإذا أنكرت العمائم ذلك , فما هو دورها التربوي ومسؤوليتها الدينية؟!!
علينا أن نواجه أنفسنا وواقعنا بجرأة وصراحة ومسؤولية!!!