هل تتصوّرون أنّ الحرب الأهليّة اللبنانيّة المتفجّرة صيف 1975 جاءت هكذا صدفّةً وتلقاء رغبة شعب لبنان؟
إذًا يمكننا والحالة هذه القول من المعقول عمليّات اغتيال عناصر “فتح” وحركات التحرّر الفلسطينيّة في لبنان ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي وتصفيتهم ومطاردتهم وتوطين “حزب أمل” ووريثه حزب الله بديلًا ,جاء صدفةً وليس بفعل فاعل؟ أم تحسب بداية لمخطّط رسم ملامح أوّليّة لخارطة “الهلال الشيعي”؟ بانحسار اليسار تجاه “طوئفيّة” المنطقة بدأت بالثورة الدينيّة في إيران, ثمّ لتبدأ بإعادة بناء أضرحة ومقامات السيّدة زينب والسيّدة رقيّة والسيّدة سكينة بسوريّا عام 1991 وإعادة بناء مقام جعفر الطيّار في الأردن وبنفس الفترة.. بالنسبة للمتابع برأيي لا يراها إلّا مرحلة متقدّمة لإبراز ملامح ذلك الهلال؟..
ثمّ ما هو رأيكم إن أنّ كلّ ذلك تمّ بُعَيد حرب الكويت مباشرةً 1991! ..بالنسبة لي لا أعتقد بوجود صدفة لهذا التزامن في تشييد صروح رموز لها دلالاتها دون البدء بتحديد جغرافيّة الهلال الشيعي ,كما ولن نجد لمثل هذه المتغيّرات غير ثمار تعاون إيراني مستجيب في حرب شنّت عالميًّا على العراق فأخلط “المتعاونون” معتقد إيراني “الشيعي” بمعتقد شعب سوريّا “السنّي” ولا ننسى دور إيران المستجيب في تمرير “الجهاديين” إلى أفغانستان ثمّ إلى يوغسلافيا 1999؟ بينما لم ينل مصر من تعاونها البطولي مع “الحلفاء” من حرب الكويت سوى مناقصات إزاحة الأزبال الّتي خلّفتها تلك الحرب؟
وبمَ نعزو سماح “ليبيا” بعد حرب الكويت فتح أبواب السفارة الايرانيّة للعراقيين “الشيعة” المتواجدون بليبيا الهاربون من حصار العراق؟ ..وفي السودان ماذا بإمكاننا نفسّر “دورات تعليميّة مختلفة” للسودانيين داخل سفارة إيران في الخرطوم “مع توزيع الحلوى”؟ ..ولأجل ماذا تفتح أبواب سفارة إيران في رومانيا تسعينيّات القرن دورات التثقيف الديني للعراقيين “وتناول الأطعمة”؟.. ومن أوعز لتونس فتح أبواب “التثقيف الشيعي” في التسعينيّات أيضًا؟ ..في الجزائركذلك؟.. وفي المغرب وفي نيجيريا وفي غيرهما أيضًا؟.. وأقصد بالشيعي وفق أدبيّات الرؤية القوميّة الفارسيّة في التشيّع..
كيف ظهر حزب الله اللبناني للوجود ,من موّله ومن سهّل أموره التدريبيّة وعمليّات تنظيمه وتسليحه؟ وبالاتّفاق مع مَن ولبنان امتداد ثقافي فرنسي غربي لا تنتقل بندقيّة فيه من مخفر شرطة إلى آخر إلّا بعلمهم؟.. ومن نقل ذات “التجربة” للحوثيّين؟ لأنّ الّذي نعلمه كلّما كان يجري كان بعلم الأميركيين.. ومن سمح للتظاهرات أيّام “الربيع” بالاستمرار لعدّة أشهر في اليمن وأوعز لها تستمرّ وفق نفس نسغ تظاهرات البحرين؟.. إنها حقًّا خارطة لوحة فسيفساء كبيرة متجانسة المواضيع تبعث على الرغبة في لصق قطعها الموزائيكيّة الصغيرة المكمّلة لبعضها وفق خريطة مجمل الموضوع الّذي خطّطته جهات تريد تغيير المنطقة والعالم؟
دولة “الهلال الشيعي” متفق عليها “سرّا” بمثابة جائزة لما قدّمته إيران الوليّ الفقيه ما عجز عن تقديمه شاه إيران؟ أم هو مخطّط “سامريّ” واسع؟.. وبماذا وعدت أميركا الخليجيّين “سرًا” جرّاء تعاونهم في نكسة حزيران وفي إزاحة عبد الناصر وفي المشاركة المحمومة لإسقاط السوفييت “خفض السعوديّة وقطر لأسعار النفط لإضعاف الاقتصادر الروسي اليوم دلالة على مشاركتهم السابقة لإسقاط السوفييت” ؛ وفي عمليّة اغتيال السادات؟.. والرنتيسي وياسر و”صلاح” وعرفات والشيخ ياسين بحملة تصفية جماعيّة مدبّرة وخلال ثلاثة أشهر تقريبًا انيط التنفيذ بالكيان الصهيوني! ..وفي تدمير العراق لماذا؟ ..ثمّ في تدمير سوريّا وليبيا ,ومصر على الطريق؟ هل وعدت أميركا جهات التنفيذ لتلك التصفيات “بدولة للخلافة” والّتي هبّت نسائمها بعد احتلال العراق عبر الأنترنت باسم “خلف أبو الحكم” قبل الربيع وداعش على نسغ وعود بريطانيا العرب بدولة الهلال الخصيب مقابل التحالف مع بريطانيا ضدّ العثمانيين؟.. وهل داعش جيش الخلافة الموعود لنفس جهات “التمويل والتصفية والتنفيذ”؟.. ثمّ هل كان تأسيس الوهّابيّة صدفة؟ أم حاجة دينيّة أم تخطيط بريطاني بالتوازي مع إحياء الصفويّة في إيران وتثبيت رضا بهلوي شاهنشاهًا عليها؟.. وهل إظهارهما للوجود عمل فِتنوي مشابه لربيع اليوم لإدامة السيطرة على قلب العالم؟ ..وما سرّ تخلّف شعوب المنطقة وإبقائها عنوةً تدور في فلك ثقافة الماضي والانغماس فيها وإبقائهم على سجيّتهم يتمنّعون التغيير رغم أنف سنّة الله في تجديد الحياة؟ ..وبعدما سرقوا النبوّة بأحاديث موضوعة واحدة منها تقول: “العلماء ورثة الأنبياء” قفزًا من فوق قول صحيح للرسول: “غير انّه لا نبيّ من بعدي” مصداقًا لنصّ قرآني يقول: “وخاتم النبيين” ولذا ؛ فهل الدين لا يعدو صناعة رأسماليّة تحرّف أيّ دعوة للإصلاح لتتاجر بها قرونًا طويلة قبل ظهور دعوة إصلاح جديدة ؛ما أن يهدأ زلزال التغيير ويلين دعاته؟ ..وعلى ذكر “التمويل” ألا يرى المتابع أنّ العراق وقع عليه عبئ تمويل الهلال الشيعي بتمويله إيران “المحاصرة” وكتب عليه تمويل دولة الكرد المزعومة كما كُتب عليه من قبل النهوض بالاقتصاد الأردني لمستويات مرتفعة زمن النظام السابق, وعلى أكتاف العراق وبأموال العمالة المصريّة رسّخ الرئيس المصري مبارك نظامه؟..