22 ديسمبر، 2024 2:15 م
إن الموت دفاعا عن قيم الانسان الرفيعة لهو موت جميل، ولنا في كربلاء شاهد حاضر في وجدان الناس، قد يغيبه القمع عن الممارسة، ولكنه مركوز في كل إمكانية للمارسة قادمة، انه ذلك الموت الجميل، الذي يستحضر مطلق الوجود فوق لحظة الفناء، فيقدم بداية لسردية لن تنتهي، قلت فيها مخاطبا الحسين عليه السلام:
يا صاحب الموت الجميل حكاية   قصب الوجود بسردها مأسور

وعلى منوال شهادة الحسين (ع)، المتوقد جمالا، نسج كل الشهداء، وآخرهم السنوار رحمه الله، وكان قد سبقه السيد المقاوم حسن نصر الله رحمه الله، اللذان لونا بالشهادة لوحة المقاوم النبيل، الذي لا يحول بينه وبين سلاحه سوى الموت، إن لم يتحقق النصر.

   إن الشهادة مفردة في ثقافة النصر، فهي تعني اقرار الشهيد بمعذوريته عن اعلان النصر، كأنه يقول لكل الذي عاهدهم، بعد الله، فالعهد الأول معه جلّ وعلا، عاهدهم بالنصر، إن النصر غير متحقق الآن، ويجب أن يتحقق غدا، انها ثقافة جميلة، مغرية تستفز كل دوافع الروحة الممسكة بفطرتها للامساك بحبل الى الله، الى الوجود الذي لا يقربه فناء، انها قفزة الانبعاث التي تهون صدمة الموت، تذهب بالم انيابه وهي تنغرس في جسد تحررت منه النفس، لحظة عبر عنها علي عليه السلام بارقى العبارات عند استشهاده يوم قال: فزت ورب الكعبة.

   إن الشهادة تحقق هدف الشهيد، ولكنها لا تحقق هدف أُمة الشهيد، إلّا بلحاظ كونها رسالة يتسلمها آخر، ينحى المنحى نفسه، حتى يتحقق النصر، فهي  ليست الهدف الذي يسعى اليه كل مقاتل نبيل، إنما النصر هو الهدف، الذي لا يعذر عن الوصول اليه سوى الشهادة،

   ان شعار المعركة، ليس القول للصهاينة اقتلوني، إنما القول لهم ساقتلكم حتى انتصر عليكم، فاذا قتلتموني قبل ان احرز النصر، ستكون شهادتي رسالة إلى أخر يكمل الطريق الى النصر، وهكذا حتى يتحقق النصر، ليس هذا فحسب فانني على يقين من وقوفنا غدا، جميعا نحن وانتم، امام الله سبحانه، يقضي بيننا بالحق كما وعدنا، ومن أصدق من الله وعدا؟