كل عاصرنا زمن التغيير السياسي في العراق عندما رحل الرئيس العراقي السابق عن منصة التتويج الرئاسي عام 2003 وكان واضحا على العيان حجم الخراب والدمار الذي لحق بالعراقيين جميعا . وقد تعرض العراق بكل أطيافه وقومياته ومذاهبه اقتصاديا وسياسيا وثقافيا لتجريف لا مثيل له في تاريخه الماضي والحاضر وربما حتى في مستقبله كما عانى الشعب من ظلم سياسي واجتماعي واقتصادي نتيجة للسياسات الخاطئة التي انحازت بشكل كامل لبعض الفئات و الشرائح في المجتمع العراقي وكانت في حينها تنقصنا العدالة الاجتماعية والتوازن السياسي ، وان الشروع في تحقيق هذه العدالة يتطلب برنامج عمل وطني متكامل وخلق أجواء ملائمة تتيح إمكانات فتح حوارات اجتماعية وموضوعية حادة بحيث يضع الركائز الأساسية الأزمة للتعاون في تحقيق هذا البرنامج من خلال المشاركات الواسعة لكافة الأطياف في الساحة السياسية في العراق ولا يمكن التطلع إلى شيء من ذلك في ظل حالة انقسام سياسي وجغرافي واجتماعي وفكري حاد تخلق استقطابا شديدا وتجعل الشارع العراقي بالإضافة إلى الشارع السياسي ساحة صدام مسلح وقد لا تحمد عقباه إذا لم تضع حدا لهذه الحالة وتحاصر مستصغرات الشرر قد يشعل أي منها نارا تأكل الأخضر واليابس . ولم تكن دعوات التي تبناها بعض القيادات السياسية والكتل السياسية الكبيرة إلى عقد اجتماعات ولقاءات بحجة الشراكة الوطنية إلا تعبيرا عن الحاجة الملحة لحماية تركة ثقيلة ومليئة بالظلم والتهميش وسلب الحقوق وفي مقدمتها الظلم السياسي المتراكم عبر سنوات من الزمن ، فألان لا سبيل إلى التحرك في هذا الاتجاه بدون حوار سياسي يجمع كافة المكونات الاجتماعية والأطياف العراقية جاد ولا التطلع إليه في ظل الصراعات الدائرة بين المتخاصمين ينطوي على انقسامات سياسية وجغرافية واجتماعية بلغت مبلغ الاستقطاب الذي قسم العراقيين على نحو لا مثيل له . إذن الشراكة الوطنية ليست بمعناها تقاسم السلطة أو توزيع المناصب سيادية في العراق وإنما الشراكة تعني مشاركة كافة المكونات العراقية في الإدارات والسلطات والوظائف بشكل فعلي وليس القول على ضوء العدالة الاجتماعية والتوازن السياسي غير إن تجاهل أصحاب السلطة أدى إلى توسيع فجوة الخلافات العالقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم وربما بين جميع العراقيين بكافة قومياته فقد ازداد شعور معظم هذه المكونات والكتل السياسية بالإقصاء والاستبعاد من استحقاقاتها القومية الشرعية وتنامت مخاوفها من تداعيات انفراد فئة أو جهة أو طرف واحد بالسلطة وغلق الأبواب بوجه الآخرين الأمر الذي أدى إلى اشتداد التوتر السياسي والاحتقان الطائفي والتطرف القومي ووصول هذا الصراع إلى مستوى ينذر بالخطر الذي يعلو فيه صوت الصراع السياسي على صوت الحق لكن الحق يعلوا ولا يعلى عليه وأخرها الأحداث الدموية التي أودت بحياة الأبرياء من المواطنين العزل وخاصة الضحايا كانت من القومية التركمانية حصرا والسؤال يطرح نفسه لماذا كانت أكثر الضحايا من التركمان ؟ ولماذا لم تلتجئ الأطراف المتصارعة إلى حل خلافاتها تحت قبة السلام والمصالحة الحقيقية النزيهة ؟ وفي ظل هذه الظروف ونحن التركمان في العراق في شعور دائم بالأمن والاستقرار في البلاد لكن هذا الاستقرار لم يتحقق لحد اللحظة وفي طريقه إلى الزوال وما يحدث حولنا وفي محيطنا من عمليات خطف وقتل واغتيالات المواطنين التركمان الأعزل من السلاح المحبين لشعبهم ووطنهم يجعلنا في حالة ارتياب وخوف وقلق لان كبار الساسة والقادة أصحاب السلطة والقوة لم تلعب دورهم الضامن للحقوق المشروعة بكفاءة ونزاهة لذلك لا ثقة في ضمانات مستقبلنا في العراق ومن هنا أصبحت القناعة الراسخة لدى شعبنا التركماني هي تحقيق أمنها واستقرارها القومي من خلال قدرتها الذاتية وقوتها التسليحية بالدرجة القصوى لحماية نفسه عند احتدام الخطورة وفق القاعدة المعمولة ( لا يحميك احد غير نفسك) . هذا كل ما يدور في ذهن كل مواطن تركماني عن مؤشر عسكرة القوم وهو مؤشر يرصد حجم وقوة التركمان وثقله السياسي ولكن ليس ضد لأي طرف سياسي وإنما لحماية الذات . وكل هذه المؤشرات هي ناقوس الإنذار لافت لشعور الجميع بارتفاع وتيرة التوترات والصراعات السياسية والأمنية في العراق . ولا يخفى على الجميع كلما زاد التوتر زاد القلق وزادت الحاجة الملحة إلى حمل السلاح والتسلح الذاتي للمواطن التركماني رغم إننا فضلنا السلام ولازلنا نفضل على استخدام السلاح لسنين طوال ونسال من الذي جعلنا نفكر باستخدام لسلاح والتسلح بدلا من مطالبتنا السلام ؟ بطبيعة الحال المتصارعون والمتخاصمون والخارقون بالفساد هم من يريدون استمرار حالة الصراعات الدائمة وقتل المواطنين وسيل دماء الأبرياء وإلحاق الأذى والدمار من اجل البقاء على كراسي الحكم وإذا عدنا إلى الحكمة القائلة التي تقول السلام أفضل من الحرب والمال أفضل للبناء وليس لاستخدام السلاح المدمر للبناء إذن على الجميع الاحتكام إلى منطق الحوار والعقل السياسي الناجح ومنع الانزلاق بالاقتتال الطائفي وتسعى لأجل السلام فالتصنع الشعوب السلام ، وليس القوي من يكسب الحرب وإنما من يكسب السلام . .