17 نوفمبر، 2024 9:53 م
Search
Close this search box.

هكذا كفروا بالوطن ..

أحدهم رزم ثيابه استعدادا للسفر …
وآخر يسعى للاتصال بالمعارف خارج الوطن لشد الرحال …
وتلك تبيع ماتبقى من اثاثها وذهبها ان كان لديها ذهب لتذهب …
وثالث يودع احبابه لذات الغرض …
ورابع سلّم مفاتيح بيته وأمّن داره لدى جاره ورحل …
من يدري ؟ قد يرحل ماتبقى من الاصدقاء والاحباب ولن يبق منهم احد !!
مهزلة من مهازل القرن الحادي والعشرين ، حتى تراجيديات (سوفوكليس ويوربيدس وارستوفان ) (* ) لاتصل مرارتها لما آل اليه حال شعبنا !!
صرخت بأعلى صوتي :- مابالكم ؟.. الى اين احبتي ؟..
قالوا بمراره :- ماعاد يجدي البلد نفعا ..
الوطن الذي يهّجر فيه الانسان ، ويرحّل من داره ، ويجرّد من ماله ماعاد صالحا للعيش والسكن ..
بقيت انظر احبابي وهم يهربون زرافات وفي داخلي صوت ينادي :-
آه من هذا الزمن ..كيف تترك الطيور اعشاشها في هذا الزمن ؟..
كيف يهجر الانسان امه التي انجبته ايام المحن ؟..
كيف يكفر المرء بالقيم والتراب والشجر والوطن ؟..
بعضهم اجاب :-
خذوا هوية الاحوال المدنيه ..خذوا البطاقه التموينيه ، والجنسيه العراقيه …
خذوا مذكراتنا وأوجاعنا وكل قيودنا ، خذو ا البطاقه السكنيه ، والبطاقه الذكيه والغبيه ..
فنحن ماضون الى بلاد الغرباء نبحث في ربوعها الحريه ..
× × × ×
كنا لحد الامس القريب نحيي الندوات ونكتب القصص والعبر والمقالات للحد من خطر الرحيل والسفر ..
اليوم ماعاد لنا وجه للحديث بهذا الشأن والحياة في خطر ..
الكل صار يفكر بالسفر ..
الشيب ..الشباب ..النساء .. الرجال ..الصغار والكبار ..
حتى المثقفين الذين اصروا التشبث بالوطن
قرروا هجر الوطن !!
نعتب من ؟.. ونلوم من ؟..
اللوم كل اللوم يوجه لحكامنا اللصوص والفاسدين والخونه ممن رحّلوا الامان والاطمئنان خارج الوطن ..
إدّعوا الديمقراطية والرخاء والامان والاطمئنان لنا ..
استبشرنا خيرا .. صدقنا وقلنا انها نهاية المأساة ..
لكننا صرنا اليوم نترّحم على ايام وحكم الطغاة لما آلت اليه حقوق الانسان !!
طعنتم السلام ، وكبلتم ايادي الحريه ، وعصمتم عيون الامان لترموها خارج الوطن ، وبنيتم أسوارا وسدودا عالية لكي لاترجع او تعود ..

(*)سوفوكليس ويوربيدس وارستوفان / يعدون من ابرز كتاب التراجيديا لدى الاغريق – ولهم الفضل في نشوء بدايات الحركه المسرحيه في العالم ..

أحدث المقالات