كان يوم سقوط الموصل وهزيمة القوات العراقية على ايدي مقاتلي تنظيم الدولة اﻻسﻻمية في العراق والشام ( داعش ) الذي قُدر عدد مقاتليه يومها بما يقرب اﻻلف مقاتل صدمة للجميع فكيف استطاعت تلك القوة الصغيرة نسبياً مع ماموجود للحكومة العراقية في المدينة والذي قدر بأربعة فرق عسكرية مع قوات الشرطة المحلية والتي تقدر ايضاً بثﻻثون الف عنصر من هزيمتهم جميعاً .! والزحف جنوباً والتمدد نحو محافظة صﻻح الدين وكركوك وديالى واﻻنبار واحتﻻل مناطق شاسعة منها .وبعيداً عن تحليل اسباب سقوط كل هذه المدن بيد التنظيم اﻻرهابي … أعتبر الكثيرين هذا الحدث هو نقطة تحول في موازين القوى على الساحة العراقية منذ سقوط النظام السابق .
حيث إن سقوط الموصل بيد تنظيم داعش وتقهقر القوات العراقية على جميع جبهات القتال شمال بغداد كان للكثير من سُنة العراق بمثابة اﻻمل لتحقيق احﻻمهم في العودة الى السلطة حتى لو في حدود اقليم يُبعد عنهم سطوة الشيعة .. واستبشر الجميع خيراً بحكم داعش خصوصاً وإن التنظيم اﻻرهابي لم يُكشر عن انيابه ساعتها وبدأ البعض من الزعامات السنية يتحدث بصوت عالٍ وبقوة المنتصر واعلن صراحتاً إن داعش يمثلهم .. وبايع الخليفه منهم من بايع ضناً منه انها ليس سوى ايام ويدخلون بغداد .!!
منذ سقوط النظام قبل اكثر من عشر سنوات وسيطرة الشيعة على مفاصل الدولة والحكم في العراق يُشعر سُنة العراق بالغبن والتهميش ولم يفارقهم هذا الشعور طيلة هذه الفترة الطويلة .. ﻻعتقادهم إن الوﻻيات المتحدة وايران قد تآمروا عليهم وسلبوهم حكم العراق الذي هم احق به من الشيعة.!!.
هذا اﻻعتقاد الخاطيء الذي تربوا وربوا ابنائهم عليه بأنهم اﻷحق بالحكم من غيرهم وأعتبار انفسهم اﻻكثرية بأمتدادهم الى محيطهم العربي السني وإن باقي ابناء الشعب العراقي أقليات ومواطنون من الدرجة الثانية وﻻ يحق لهم اﻻقتراب من كرسي الحكم .!!. كان هذا الحائل مابينهم وبين رضوخهم لﻻمر الواقع بأن موازين القوى قد تغيرت بالفعل لصالح الشيعة ومن خلفهم حليفهم القوي ايران .
ومازاد من تعنتهم هو الدعم العربي الذي قدمته لهم دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وقطر .. هذا الدعم النابع في حقيقته من صراعات واجندات لقوى اقليمية تريد أن تطبق مافي جعبتها على ارض العراق وعلى حساب وحدة وسﻻمة شعبه وارضه .
لكن لﻻسف أدركوا متأخرين إن دول الخليج تبحث عن مصالحها فقط وعن من ينوب عنها في تصفية حساباتها المتراكمة مع عدوها الذي تخاف منه ايران … وتأكدوا من ذلك بعد أن تخلت عنهم تلك الدول الواحدة تلو اﻻخرى وتركتهم يواجهون مصيرهم لوحدهم مابين سندان داعش ومطرقة الشيعة .
مادفع بهم هذه المرة الى المراهنة على ( داعش ) الذي اعتبروه اخر حصونهم بوجه المد الشيعي القادم اليهم … ولو انهم تعاملوا مع الوضع الجديد في العراق ببراغماتية اكثر لما حصل لهم ماحصل …وما تجشموا عناء المطالبة بحقوقهم التي فرّطوا بها بعد سقوط النظام السابق يوم حرموا المشاركة باﻻنتخابات ومنعوا شبابهم من التطوع في الجيش العراقي الجديد وحملهم للسﻻح بوجه الحكومة العراقية.
لقد اخطأوا حين وضعوا كل بيضهم هذه المرة في سلة داعش وراهنوا على انتصاره وكان هذا اﻻمر بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير … لكن يجب أن ﻻنلومهم على فعلهم ..فسُنة العراق اليوم بدون زعامات سياسية وطنية واضحة فمعظم من جعجع وكبر في ساحات اﻻعتصام هم اما في اربيل يتسولون ما بين القنوات الفضائية مُصرين على نفس المنهج واﻻسلوب او خارج العراق مُتنعمين هم وعوائلهم .. واغلب من وصل باصواتهم الى الحكومة والبرلمان هم عبارة عن لصوص يبحثون عن مصالحهم الشخصية فقط … واصبح المطالبة بحقوق ملايين النازحين والمهجرين من ديارهم كأسقاط فرض ﻻ يكلف صاحبة سوى القاء الخطابات الرنانة تحت قبة البرلمان … اضف الى ذلك أضطهاد الحكومات الشيعية المتعاقبة وخذلان العرب لهم مادفعهم ان يلقوا بأنفسهم في احضان داعش …
وبعد أن باتت هزيمة داعش شبه المؤكدة على ايدي القوات العراقية والحشد الشعبي kهنا سيصبح سنة العراق مكشوفين في العراء فلا دعم خارجي وﻻ داخلي بعد اليوم ولم يبقى امامهم سوى الرضوخ او الرضوخ لﻷمر الواقع.