يوم الاربعاء الماضي، صادق البرلمان الايراني بأغلبية ساحقة، على مشروع قانون من المقرر أن يتم التصويت عليه الأسبوع المقبل، لمنع دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتفقد المنشآت العسكرية التي تشتبه الوكالة بأنها ذات صلة بنشاطات تتعلق بإنتاج سلاح نووي، مما قد يعرقل و بشکل واضح إمکانية التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول نهاية شهر حزيران الجاري، وهذه الخطوة التي تعتبر تصعيدا من جانب نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في مفاوضاتها مع الدول الکبرى، لکنه في نفس الوقت لايمکنه أن يقدم حلا للمشاکل و الازمات المختلفة التي تعصف بإيران.
المفاوضات النووية التي تجريها طهران مع الدول الکبرى، هي بالاساس نتيجة إنعدام الخيارات و عدم وجود أي طريق او سبيل آخر لمعالجة الاوضاع المزرية في إيران من جراء آثار و تداعيات البرنامج النووي من جانب و آثار و تداعيات التدخلات واسعة النطاق في المنطقة والتي تکلف الخزينة الايرانية و الشعب الايراني أکثر من طاقته، خصوصا وان هناك تخوف جدي من أن تندلع تحرکات إحتجاجية واسعة شبيهة بتلك التي حصلت في عام 2009، مع أن هناك قناعات في طهران بإستحالة السيطرة على التحرکات الاحتجاجية الشعبية في ظل الظروف و الاوضاع الحالية، الى جانب أن هناك أيضا معارضة نشيطة و دائمة الحرکة تتمثل بالمجلس الوطني للمقاومة الايرانية و الذي يتربص بالنظام ليل نهار وصار يفرض دوره و حضوره في مختلف المحافل و الاوساط الدولية.
قرار البرلمان الايراني أيا کان تفسيره او تأويله فإنه لايزيد عن کونه عن محاولة للهروب الى الامام وهو في خطه العام لايساهم بإعطاء او توفير أية فرصة حل او معالجة للمشاکل و الازمات التي يعاني منها الشعب، و ان التصعيد على حساب قوت الشعب الذي وصل الى أدنى مستوى له، لم يعد ممکنا في حين أن القادة و المسٶولين و البطانات التي تلتف حولها تنعم برغد العيش، وأن شعبا صار يعيش 70% منه تحت خط الفقر کما حددته السلطات الايرانية بنفسها و يواجه 15 مليونا منه المجاعة ناهيك عن الملايين من العاطلين عن العمل و المدمنين على المواد المخدرة، هکذا شعب لم يعد بإمکانه أن يتحمل التصعيد و مغامرات الطيش و النزاقة لطهران، ويقينا فإن ماقد طرحته الزعيمة المعارضة مريم رجوي في خطابها الاخير من أن’ الشعب الإيراني لايريد السلاح النووي ولا التدخل في العراق ولا في سوريا واليمن ولا الاستبداد والتعذيب والتنكيل.’ وانه يطالب’ بالحرية والديمقراطية وبالعمل والمعيشة.’، هو في الواقع الوجه الاخر للحقيقة التي تتهرب منها طهران لکن هذا التهرب سوف لايکون فقط تهربا للأمام وانما هو أيضا في کل الاحوال تهرب لجحيم السقوط الذي ينتظره.