23 نوفمبر، 2024 5:36 ص
Search
Close this search box.

هروب الموناليزا .. بوح سومري

هروب الموناليزا .. بوح سومري

حاول الدكتور كاظم حبيب أن يعرض قراءة لرواية ( هروب الموناليزا .. بوح قيثارة)) للشاعرة العراقية المغتربة بلقيس حميد حسن ، إلا أنه وقع في هوّة أسرية لا يُعذر عليها مجتمعياً .
تمنيت على الدكتور كاظم حبيب .. وهو الكاتب المفكر أن يستحضر نصيحة الإمام علي عليه السلام : (أيها الكاتب ما تكتب مكتوب عليك، فأجعل المكتوب خيراً فهو مردودٌ عليك )
والحالة هذه ؛ فعرض كتاب المبدعة بلقيس حميد حسن جاء من باب التحنن والمحبة لهذه العراقية الطيبة ، إلا أنه نسي ـ عن غفلة ـ بأننا نعيش مجتمعاً عراقياً عربياً مسلماً ، طرحه الصريح الدرامي لسلوكيات مغلقة خاصة مارستها الكاتبة في أحدى الحفلات بهولندا لم يكن من اللائق أن يعرضها مع عرضه للرواية ، لأن ليس كل ما هو يراه ممكن أن يراه غيره جميلا ، فنحن مجتمع لا يتقبل الرقص الرشيق ولا يتقبل الغناء الجميل ولا يقبل أن يعتصر النبيذ على شفتي امرأة عراقية .
كما أن الدكتور كاظم حبيب وقع في منزلق آخر أثناء عرضه لرواية الأديبة بلقيس، حيث قال :
 (فالكثير من الرجال الشرقيين، وخاصة المسلمين، يقعون في هذه المزية السيئة بسبب الكبت والحرمان وغياب العلاقة الطبيعية بين المرأة والرجل(…
في الوقت نفسه يلعن فتاوى بعض شيوخ الدين من المسلمين الذين يدعون إلى ممارسة (التفخيذ) تحت غطاء شرعي . فبينما هو يبغض الكبت الجنسي ، نراه هنا؛ يبغض (التفخيذ)، ولا نعرف أي ممارسة يحبذها الدكتور كاظم ، فهو يرفض الكبت الجنسي وهو يرفض التفخيذ  ، ولا يريد لهذا الكبت أن يتنفس !!؟
ثم ؛ أن الدكتور كاظم وقع أيضاً في منزلق غير محبب لدى مجتمع سوق الشيوخ خاصة ـ مدينة الشاعرة بلقيس وموطن أهلها ـ وغير محبب لدى المجتمع العراقي كافة، حين ذكر خلال عرضه لرواية الشاعرة بلقيس :
(تتميز بلقيس بتعدد المواهب والكفاءات، فهي شاعرة موهوبة ومبدعة ورقيقة، تمتلك صوتا غنائياً منعشا ومشنفاً للأسماع ورقصها ساحر وأناقتها وذوقها في اختيار ملابسها يتسم بالبداعة ويعبر عن حس مرهف للألوان وتناسقها أو علاقاتها المتبادلة، ولها طباع تغري الإنسان بحبها, إنها باختصار امرأة نفاذة لا تنسى وجميلة في آن  … سمعتها تشدو شعراً لها بصوت غرّيد ، سحرتني وسحرت من استمع إليها من النساء والرجال الذين طلبوا المزيد  فزادت) ..
هنا ؛ يؤكد الدكتور كاظم بأن الشاعرة بلقيس ترقص وتغني وتطرب الحاضرين وكأنها جاءت من زمن هارون الرشيد وليالي عصر بغداد العباسي !!! ناسياً أو متناسياً أو قاصداً أنها امرأة عراقية مسلمة من أسرة آل السنيد من قبيلة غزي العربية الأصيلة المسلمة ، فهي لم تأتِ من غجر هولندا حتى يعرضها الدكتور كاظم ويصفها بالتفاصيل المملة الدقيقة المؤسفة !..
الكاتبة بلقيس حميد حسن شقيقة النائب حسن السنيد القيادي في حزب الدعوة الإسلامية ، وشقيقة الشهيد حيدر السنيد بطل الانتفاضة الشعبية الشعبانية عام 91، وابنة خال الشاعر الحسيني الحاج المجاهد عبد الرزاق السنيد .. هي ابنة هذه العائلة الكبيرة الكريمة التي تربّت على القيم والأخلاق الإسلامية القويمة التي حاربت رقص الغواني وحرّمت غناء النساء في مجتمعات الرجال ، وقدّمت الشهداء والمعتقلين والمعذبين والسجناء والمشرّدين على طريق الإسلام!!!
ولم يكتفِ الدكتور كاظم حبيب عند هذا الحد ، بل ؛ قال في عرضه لرواية الكاتبة :
(رجل محروم ومكبوت إلى حد اللعنة في مجتمع ملعون بالمحرمات، وخاصة الاختلاط بالمرأة … والرواية تكشف بلا رحمة عن المكنون والمخفي أو “السر” المعلن في المجتمع، عن حقيقة وسلوك الناس، عن الازدواجية المرضية التي تفرضها تقاليد وعادات وتربية المجتمع، عن المشاعر التي يخفونها ويخشون الإعلان عنها، عن شتمهم للواط وممارسته على أوسع نطاق، عن رفض السحاق وممارسته على نطاق واسع، عن بؤس وفاقة الفكر والعقل في المجتمع الإسلامي المأزوم دوماً والخالق للبشرية أزمات غير قليلة)…
هنا ؛ يقع الدكتور كاظم حبيب بهوة سحيقة لا يُعذر عليها إطلاقاً ، فهو يرجع السحاق واللواط والممارسات الاجتماعية البذيئة نتاج التربية الإسلامية للمجتمع . كما أنه يلعن المجتمع العراقي ويستخدم عبارة ترّهات ، كوصف لقوانين الإسلام المجحفة لحقوق المرأة …
ويسترسل الدكتور كاظم في معرض عرضه لهذه الرواية قائلاً :
(إلاّ إن السمة المميزة لهذا الكتاب تبرز في طرح الكاتبة وتبنيها الصادق والدائم للموضوع الأساسي في حياة مجتمعاتنا بالعراق والدول العربية وبالدول ذات الأكثرية المسلمة، وأعني به حقوق المرأة وحريتها ومساواتها التامة بالرجل ونضالها المستديم من أجل هذه الغاية. في أغلب صفحات هذا الكتاب يشعر القارئ أو القارئة بأنهما أمام صورة المرأة المغدورة بحقوقها وحريتها وكرامتها لا بسببها بل بسبب موقف المجتمع والقوانين والأعراف والتقاليد البالية والنفور من المرأة التي لم ينصفها الإسلام ومنحها نصف حق الرجل في الميراث وأطلق عليها ناقصة العقل والدين …الخ من الترهات التي تتناقض مع دور وقدرات وكفاءات وحقيقة المرأة وتتعارض معها)…
ولا أرى مبرراً موضوعياً يليق بالدكتور كاظم حبيب ، وهو الكاتب العراقي والأكاديمي المعروف الذي يعيش معاناة المجتمع العراقي ويعرف تفاصيل مجتمعه ، حتى وإن يرى في المجتمع الغربي ما له رأي فيه ، فليس من اللائق بهذا الرجل أن يلعن المجتمع ويلعن التربية الإسلامية . وكان المرجو منه أن يوكل الواقع الفاسد إلى تربية الحكومات التي تعاقبت على العراق ، فهي التي أوقعت الناس في الرذيلة بسبب الجوع والحروب والفقر وصعوبة الزواج ، بحيث لم يكن أمام الشاب العراقي لكي ينفس عن كبته الجنسي إلا أن يتزوج أو يسقط في رذيلة الزنا ، فهو رجل أمام امرأة تفارق زوجها بسبب الحبس الطويل أو الحروب ، أو بسبب الحاجة المادية لمعيشة أطفالها الصغار ، ربّما ؛ تكون هذه أسباب موضوعية لوقوع الرجل والمرأة من المجتمع العراقي في مستنقع الرذيلة ، بعد أن حاربت حكومة البعث كل ما هو إسلامي ، من قيم وأخلاق والتزام ديني ، بحيث أمسى الناس يصلـّون في الخفاء ويزكـّون في الخفاء ويعبدون الله في السرّ ، وكم حاول البعث أن يشوّه الإسلام ويحاربه ، حتى خاف الناس من الإسلام وابتعدوا عن قيم السماء ، فانحرفوا ،ولم يكن الإسلام يوماً إلا حصناً تربوياً للحؤول دون الجريمة الجنسية والانحرافات الأخلاقية المشوّهة ، والتي تناولتها الرواية وثنّى عليها الدكتور كاظم حبيب خلال عرضه لها .
الإسلام ؛ علّق الغريزة الجنسية ، ولم يصادرها .. الإسلام ؛ وضع حلولاً مهذبة لنتائج الممارسة الجنسية بين الجنسين ، نظم العلاقة الجنسية بنوعين من الزواج ، فشرّع الزواج الدائم لمن يستطيع أن يستمر على المدى الطويل في إدارة الأسرة ، وشرّع الزواج المؤقت بزمن معلوم لأجل أن يُشعر الإنسان المسلم أنه تحت الرقابة الإلهية وتحت القانون حتى في حالة اختياره لزواج منقطع ، يلزم فيه أن يتكفل رعاية الطفل الوليد ورعاية أمّه وفقاً لضوابط وشروط معلومة ، فلم يترك الشارع الإسلامي الحبل على الغارب ، بحيث تنطلق سفينة العلاقة الزوجية ـ وإن أوقتت بزمن ـ في مهب الرياح العاتية والأمواج الهائجة .
والحالة هذه ؛ فنسألكم بمعتقداتكم ! ..  
ما هو خيار الرجل المسلم .. ما هو خيار المرأة المسلمة اللذان لم تتح لهم الظروف ، إلا أن يستقيما بحياة زوجية طويلة الزمن ، أو يزنيا ، غير هذا النوع من الاقتران المنقطع المشروط ؟!!
ثم ؛ ما هو الفرق بين زواج دائم تحدث فيه خلافات زوجية في شهر العسل وينتهي بالطلاق ، وبين زواج مؤقت يستغرق شهر ، كلاهما يحصلان في مجتمع مسلم ، وبين مسلمين ؟!!!
الإسلام ؛ يريد للإنسان المسلم أن لا يكون منحرفاً عن العقيدة وضوابطها التربوية ، لذا ؛ شرّع المعالجات التي لا سبيل للغرائز البشرية إلاّها قط !
أليس الزواج المؤقت أفضل حال على المجتمع من الزنا .. الزنا الذي يفرز اللقطاء المرميين على الأرصفة .. الزنا الذي يتاجر القوّادون فيه بالمرأة ؟
أليس الزواج المؤقت أفضل حال على المجتمع من الزواج المثلي ؟
أليس الزواج المؤقت معالجة مؤقتة لمن لم يستطع تحمل الضغط الجنسي، بشروط وقيود وبنود الزواج الدائم ، وتبعية المولود وأمّه للأب وإن كان مؤقتاً على المرأة ـ وهو اختيارهاـ والابن لأبيه ولأمّه دائماً بكل تشريف للنسب وحضور للأصل البشري المعروف السبب ؟
ومن الجدير بالذكر ؛ أن الزواج المنقطع أو المؤقت لا يصح إلا بشرط قبول الزوجين لصيغة وفلسفة هذا النوع من الزواج الشرعي، كما أنه يصح مع الكتابية دون شرط إسلامها ، وبهذا يخلق الإسلام وسيلة لترابط الأديان بوشيجة الابن ، وربّما يؤدي هكذا زواج إلى إسلام المرأة الكتابية ، لكي تكون سبباً لانتشار الإسلام بين المجتمعات الغير معتنقة للإسلام .
ثم؛ أن هذا النوع من الزواج لم يكن موجوداً إطلاقاً ، لا في مدينة سوق الشيوخ ـ مدينة الكاتبة ـ ولا في العراق ، وغير موجود حتى اليوم . فالممارسة الجنسية في العراق تحدث بظرفين لا ثالث لهما : إما زواج دائم ، أو زنا !!! الإسلام يريد زواج دائم أو زواج منقطع !..
ثم أن الكبت الجنسي الذي تتحدث عنه الكاتبة في روايتها ، وعرضه الدكتور كاظم حبيب ، ماذا يعني ؟!!
فهو إما نتاج كبت جنسي يحتاج إلى إباحية جنسية تعالج هذا الكبت ، فتكون هذه هي المعالجة التقدمية للحالة ، وعلى المجتمع العراقي أن ينتظر ويلاتها ، فيمتلأ العراق دور بغاء ودور حضانة ودور أيتام . أو إنَّ الإباحية الجنسية التي سببت اللواط والمفاخذة ونكاح الجهاد والمثلية والزنا والسحاق أشياء مقيتة في المجتمع ، فلماذا إذن ؛ نلعن فساد المجتمع ، الذي هذه من مقتضيات تنفيسه !!!؟
أدعو الدكتور كاظم حبيب ـ مخلصاً ـ أن يعيد كتابة مقاله الذي عرض فيه رواية الكاتبة بلقيس حميد حسن ، على ضوء تداعيات ما ذكرناه آنفا ! ..
أدعو الكاتبة بلقيس حميد حسن ـ مخلصاً ـ أن تعيد صياغة روايتها الرصينة بما يرضي الذوق العراقي العام ، ويرضي القرّاء العراقيين في صحوتهم الإسلامية المعاصرة ، وأن لا تلعن مجتمعها الذي أنجبها ، فعليها ما عليه ، وعليه ما عليها ، وإن نأت ، فهي أبنتهُ !!!
والله من وراء القصد ؛؛؛
***
المصادر:
ـ مقال الدكتور كاظم حبيب ـ مركز النور الثقافي
ـ مقال الدكتور كاظم حبيب ـ www.alhewar.org
ـ مقال الدكتور كاظم حبيب ـ aljadidah.com
ـ مقال الدكتور كاظم حبيب ـ www.bahzani

أحدث المقالات

أحدث المقالات