تعج سجون العراق بارقام غير عادية وذلك من خلال ما تتناوله اخبار الفضائية العراقية الرسمية بنشراتها اليومية ، حتى صار لزاما علينا ان نناقش انفسنا اذا كانت هذه الارقام حقيقية ام لا، ذلك يعني ان ثلثي الشعب العراقي سجناء، واذا كانت قواتنا الامنية بهذه اليقظة والعمق الاستخباري في القاء القبض على المجرمين الذين يعيثون بامن البلاد والعباد ، اذن من الجهة التي تقف وراء التفجيرات اليومية الكثيرة التي تعصف بامن الوطن والمواطن ، حتى بتنا لا نفرق بين المتهم والبريء والقاتل والضحية .
ظاهرة هروب السجناء من معاقلهم المحصنة اصبحت مثار جدل سياسي وامني في ان واحد ، لم تنقشع عن مخيلتنا احداث وماسي هروب سجناء ابو غريب المركزي في شهر رمضان المبارك وما نتج عنه من روايات وقصص لا يمكن ان تحدث الا في افلام ” الاكشن ” اوسلسلة بطولات رامبو ، والغريب في الامر ان هذا السجن يضم عتاة المجرمين والارهابيين واصحاب السوابق ممن تتراوح الاحكام الصادرة بحقهم مابين الاعدام والمؤبد ، لكنهم يتمتعون بحياة رغيدة داخل سجون من فئة ” خمسة نجوم ” تقدم الخدمة فيها على قدر ماتغدقة من اموال وفيرة تجعل القائمين عليها ان يتسابقوا في ارضاء السجناء المتميزين ،حتى يسدل الستار عليهم بهروب منظم ومبرمج يبدأ بالتمرد المسلح وينتهي بخروجهم من الانفاق التي تم حفرها بمعاول السجانين وزنابيلهم الممتلئة بالرمال والاموال .
مع كل عملية هروب منظمة تجعل هيبة الدولة في ادنى حالاتها وسط دهشة وسخرية الناس التي لا تشعرهم بالغرابة والاستغراب وصدمة الحدث ، لانهم باتوا على يقين ان المؤسسات المسؤولة عن هذه السجون قد ترعرع الفساد المالي والاداري فيها بشكل فاضح وهم من يسهلون الامور لهروب السجناء المجرمين الملطخة أيديهم بدماء الشعب, وعند الإطلاع على كيفية الهروب وفضح المكنونات والذين يقفون خلفه من الفاعلين على الساحة أو مساعدين لهم نشاهد معها تبادل الاتهامات، وبعد ايام او اسابيع يعلن أو لا يعلن عن إلقاء القبض على الفارين من اصحاب التهم الصغيرة اما قادة القاعدة والمجرمين فانهم يعودون لمواقعهم التنظيمية مكرمين معززين للمباشرة في الإرهاب والتفجير والقتل و الاغتيالات بكاتم الصوت أو بغيره.تحت حماية حكومية مباركة ، في حين انه من المفترض والبديهي ان بلدا كالعراق الذي يحارب الارهاب والفساد ان يمتلك اجراءات ناجعة في عمليات القبض على الارهابيين وايداعهم السجون والتحفظ عليهم لحين اجراء محاكماتهم العادلة ، لكن استقرار العراق وامنه مرهون باصحاب القرار الذين يتحكمون بمصيره لاجل مسمى.
في جميع الاحوال ان هذه العمليات هدفها هو النيل من استقرار هذا البلد لانها تحمل ابعادا خطيرة في ثناياها وارتباطاتها واثارها النفسية المنعكسة على الناس حيث ترسخ لديهم قناعة مفادها ، ان الامن لن يستقر وان الارهاب لن ينتهي مادام الهروب مستمرا من السجون.