8 أبريل، 2024 1:18 ص
Search
Close this search box.

هذه مشكلتنا، يهزنا الأسم الرنان !

Facebook
Twitter
LinkedIn

قالوا الشعوب أقوى من الطغاة،عندما تملك ضميرا حيا ووعيا ثاقبا وإرادة قوية واختيارا صائبا، وأما إذا فقدت هذه العناصر فإنها تتحول إلى مصنع لإنتاج الطغاة، ولذلك قالوا أيضا الشعوب تصنع الطغاة، وتكون ولّادة لهم، وحاضنة لجبروتهم، وحطبا لنيرانهم، وقرابين لبقاء عروشهم، فالشعوب هي من تُقاتل وتُقتَل وتُذبَح، ولتحيى الطغاة…
نعم هذا هو منطق الجبابرة، وثقافة الشعوب المستكينة، وهذه هي مُحصِّلة صناعتهم واختيارهم، القائم على أسس خاطئة ناشئة إما من نزعة دينية أو طائفية أو عرقية أو غيرها تنم عن جهل، وارتباط بالعناوين الفارغة والصور الجوفاء التي تصنعها الشعوبُ نفسُها، مع وجود عوامل تُغذّي وتُعمِّق وتُركِّز هذه الأسس ومن أبرزها الجهات الراعية والداعمة للطغاة والأصنام،
ولهذا تجد وعلى طول المسيرة البشرية أن القيادات الواعية غالبا ما كانت تعيش في غربة، خذلتها الشعوب، ورمتها في غياهب السجون، وعلقتها بحبال المشانق ، لأنها أدارت بوجهها وقبضت يدها عنها، وبسطتها لمن ليس أهل للقيادة والتصدي، بسطتها ليد البطش والقمع والاستخفاف، وإن بعض الشعوب لا يروق لها ابن جلدتها ولا تميل إلى من وُلِد من نفس رحمها، وعاش معها معاناتها، ويفهم ويجسد ثقافتها وتقاليدها وأعرافها، نعم إن أمثال هذه الشعوب تختار وترقص وتصفق لمن جاء من خارج الحدود ولا يملك أي مؤهلات القيادة، وغريب عن ثقافتها وتقاليدها، ولم يذق طعم آلامها، لا يحمل معه إلا هالة من القداسة والعناوين الرنانة صُدِّرَت معه لا يُعرَف من أين وكيف حصل عليها وهل هي واقعية أم وهمية؟!!!،
تلاقفتها تلك الشعوب وسَلَّمت لها تسليما، وكأنَّ فيها نصُّ منزل من السماء، وكأنَّ المجيء من خارج الحدود يمنح صاحبه صكّ الوثاقة والقداسة والتأليه، كمال قال احد المفكرين : يأتي من بلاد السند والهند، لا يُعرَف!!، مجرد أن يدعي ….، ويقول أنا ….، وانتهى الأمر!!!، لا يوجد مَنْ يحكي!!!، لا يوجد مَنْ يعترض!!!، لا يوجد مَنْ يناقش!!!، لا يوجد مَنْ يُشير بإصبع!!!، لا يوجد مَنْ يتنفس!!!، لا يوجد من يأمر أو ينهى بأي كيفية كان!!!!.
هذه العناوين هي التي تنجذِبُ إليها بعضُ الشعوب وهي ضابطة ومعيار اختيار القائد عندهم مهما كان مجاله دينيا أو سياسيا أو غيره ، فقائدٌ غريبٌ من خارج الوطن ، وعنوانٌ رنانٌ… تملك به القلوب وتحكم البلدان!!!،
هذه الثقافة وهذا التفكير مخالف للقوانين السماوية والعقلية والوضعية بمختلف إيديولوجيتها، ومخالف للنُظم الإلهية في اختيار الأنبياء فمثلا في القرآن نقرأ أنَّ النبي يُرسَل ويُبعَث من نفس القوم الذي بُعِث إليهم، قال الله تعالى: ( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه…)، والنبي محمد بُعث من نفس القوم، فأهلُ مكة أدرى بشعابها، وهذه ليست دعوة عصبية وإنما هي منطق العقل والفطرة والتجارب كشفت عن ذلك بكل وضوح،
إلا انَّه من المؤسف جدا، نجد أنَّ هذا المنطق الإلهي العقلي الفطري غائب عن ذهنية الشعب العراقي الذي عاني وذاق الويل والثبور وكان ولا يزال حطب نار الحكام وسياساتهم، بسب ابتعاده عن القيادات الحقيقية، بل خذلانه لها، لأنه يختار وتسحره العناوين الرنانة وخصوصا القادمة من وراء الحدود، وكأن ارض الحضارات عُقُمَت عن إنجاب الكفاءات العلمية المهنية الوطنية المخلصة التي يزخر بها عراق الرافدين، والتي لو ثنيت لها الوسادة لقادت العراق إلى برِّ الأمان وباحة الرقي والازدهار،
يقول احد الحكماء: هذه مشكلتنا يهزنا الاسم الرنان…، تهزنا الأسماء والعناوين والأماكن الرنانة…. ،من البلاء الذي يمر على العراق وأهل العراق.. لا يوجد قائد ولا يوجد قيادة في العراق…وأهل العراق في الوسط !! أين الصراع..؟، في العراق..! ، من الذي يُقاتل..؟، أهل العراق..! من حطب النار…؟، أهل العراق…!، من حطب المعركة وزاد المعركة…؟، أهل العراق…!.
والواقع والتجربة المريرة خير شاهد ودليل، وإذا ما أردنا الخلاص فعلينا اعتما الضوابط العلمية المهنية الوطنية في اعتماد القيادات بمختلف مجالاتها، فعراقنا غني بكفاءاته وطاقاته.
محمد جابر

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب