منذ أسابيع ثلاث و لحد الآن تشهد الساحة العراقية حراكا شعبيا واسعا هز العملية السياسية بعنف و أرجف جميع السياسيين في العراق و خاصة المشاركون بالعملية السياسية و حكومتها التي أوصلت العراق إلى ما وصلت أليه من فساد و أفساد في كافة المجالات و أصبح العراق يحتل المراتب الأخيرة في الأمن و الخدمات و الجريمة و أصبحت بغداد من أسوأ مدن العالم استنادا إلى تقييمات دولية .. كما تشهد مبادئ حقوق الإنسان في العراق خروقات كبيرة ترتكب من قبل أجهزة الدولة المختلفة بحق أبناء الشعب و خاصة الأمنية منها في السجون ألسرية و العلنية أو غيرها من دهاليز الدولة .. و نتيجة للكبت الكبير الذي تتعرض له بعض محافظات العراق و تهميشها و إهمالها فقد كان هذا الحراك.
خرجت الآلاف المؤلفة من أبناء محافظات نينوى و صلاح الدين و الأنبار و في العديد من أقضية و نواحي تلك المحافظات تطالب بحقوقها و لاتهمها أن كانت هذه الطلبات من اختصاصات الحكومة أو مجلس النواب أو القضاء العراقي و هي فقط تطالب برفع الحيف عنها , و قد ردت الأحزاب السياسية الماسكة للسلطة بعدم شرعية و دستورية تلك المطالب و وصف السيد رئيس الوزراء المتظاهرين بأنهم بعض الآلاف و اتهمهم بأنهم من البعثيين و القاعدة و الإرهابيين و وصف أيضا شعاراتهم و مطالبهم بالنتنة و أن من خرج في هذه التظاهرات خرج بفعل المال الوسخ الذي يتلقونه من الخارج .. وقد مارست أحزاب السلطة ضغوطا على أنصارها و مؤيديها لتنظيم مظاهرات مضادة و لم تفلح تلك الأحزاب إلا بإخراج أعداد محدودة تندد بمطالب تظاهرات الأنبار و نينوى و صلاح الدين و غيرها باعتبارها شعارات طائفية تدعوا إلى أطلاق سراح المجرمين و أعادة البعث .. و لم يكتفوا بهذا فقط فقد تعدى ما تقوم به الحكومة و أحزابها من أفعال مضادة للتظاهرات المذكورة عندما خرج على الأعلام قائد أحدى الجماعات المسلحة الموالية للحكومة تهدد بإبادة كل من انتمى لحزب البعث و تطالب بإعدام المحكومين ..
كما ذكرت أنباء تفيد بقيام السلطة بتحريك قواتها من الجيش و الشرطة نحو مراكز تجمعات هذه التظاهرات و قطع الحدود مع الأردن و قيام عناصر من مختلف المليشيات المسلحة بالتواجد في العديد من نقاط التفتيش في بغداد و التي تسببت إجراءات التفتيش فيها إلى زحام شديد في حركة المرور في معظم أنحاء بغداد .
و الذي يحصل في العراق كما شاهدناه و ذكر آنفا و خاصة المطالب المشروعة كما يراها المنصفون و المحايدون التي خرجت لتحقيقها تظاهرات الأنبار و نينوى و صلاح الدين و ديالى و التي لقيت مساندة من العديد من قبائل و عشائر العراق من سكان المحافظات الجنوبية هي مطالب تعبر عن إرادة شعبية , و بما أن الدستور ينص على أن الشعب هو مصدر السلطات فلا بد للحكومة و مجلس النواب و القضاء إلا أن يستجيب لها و بسرعة و ليس من مصلحة الحكومة إتباع الطرق الطائفية و تسخير من استمالتهم إلى جانبها بشعارات طائفية أو شراء ذممها بالمال الحرام المسروق من قوت الشعب الذي يتضور الملايين منه من الجوع و الحرمان أو من ساومتهم بملفات إرهاب ضدهم لأن المطالب المرفوعة و خاصة فقدان الأمن و خرق مبادئ حقوق الإنسان و الحرمان و سؤ الخدمات و الفساد في كل أنواعه و التوقف عن نهب المال العام هي مطالب كل مواطن عراقي مهما اختلف دينه أو طائفته أو محافظته و هذا الشعب و بهذا الحراك سوف ينتزع حقوقه كاملة و يقرر ما يريد و يرفض ما تفرضه عليه السلطة و خاصة إنها متهمة بتنفيذ أجندات أجنبية تحاول الثأر من هذا الوطن و أبنائه , كما سوف لن تستطيع هذه الحكومة استخدام جيوشها الطائفية للتعرض و ضرب المتظاهرين لأن ذلك سيجعل الشعب يهب من أقصاه إلى أقصاه و يحقق ما يريد و ستكون نهاية من يقف ضد إرادة الشعب هي لقائهم مصيرهم المحتوم أمام المحاكم العراقية أو الدولية و سيدفع كل من تسبب بإراقة الدم العراقي ثمنه باهظا .