18 ديسمبر، 2024 3:59 م

هذا ما أجاد به العمر بعد الستين (8)

هذا ما أجاد به العمر بعد الستين (8)

القسم الثامن :
إنتاج المعرفة عملية تتطلب إمتلاك عقل نقدي تحليلي متحرر وثائر ، وسعي نحو الكمال .. وتحطيم لما يسمى رموز أو مثال أعلى ، وعدم الرهبة من الكلام المكتوب في الكتب والأسماء الرنانة … لابد لمنتج المعرفة والمثقف الحقيقي ان يتخطى هذا ولاينتظر إعتراف الآخرين به ، وينظر الى البشر بروح الأبوة هم من يحتاج حكمته وليس هو من يحتاج تصفيقهم ، وينتج أفكاره الخاصة وفق معايير منطقية وقيم أخلاقية ، وقناعة بنسبية العقل وتعدد أوجه الأشياء ، وغياب الحقيقة المطلقة ، في فيزياء الكم توجد نظرية مفادها : كيف ماتنظر الى الألكترون يتشكل ، وهذه النظرية الخطيرة يمكن تعميمها على الحياة وتنسف مايسمى الحقائق الثابتة ، وربما تعطي للبشرية الأمل بصناعة أقدارهم كيما يشاؤون !
هنا بعض ماجاد به العمر من أفكار .. علما أنا لست مناضلا ولاصاحب قضية كبرى ، فقط عندما أشعر بخاطر أو فكرة أكتبها بشكل عفوي على شكل عبارات قصيرة مكثفة ، وهي قد تصلح مشروع كتاب لن يتحقق في ظل الشعور باللاجدوى والعدم :
***
– اذا وجدت شخصا كثير الأصدقاء .. فهو إما سطحي غير جاد بالعلاقات ، واما يبحث عن معجبين به على حساب نفسه بسبب الشعور بالنقص ، واما لديه مصالح شخصية معهم ، فالصداقة العميقة الحقيقية لاتكون إلا مع أعداد قليلة .
***
– لاتطرد الأوهام من حياتك إذا كنت غير قادر على السخرية من الحياة وتجاوزها.. فالعيش في الخديعة ضروري لأصحاب النفوس البسيطة .
***
– اليتيم الحقيقي هو المفجوع بحقيقة عدم وجود الرب .. وغياب الأب الرمزي للمخلوقات والكون ، إذ يدخل في متاهات الضياع وإنعدام المعنى !
***
– لاتطلب بأن تكون محبوبا من كل شخص ترتبط به بعلاقة إجتماعية وتريده ان يجعلك صديقا رقم واحد في حياته ، فالحب ليس نختاره بأيدينا وانما يأتي عفويا وهو يحدث حينما يشعر المحب انه وجد فيك شروطه ورغباته وتوقعاته أي انك لاشيء بلا قيمة لديه ماعدا ماتمثله في داخل نفسه .. يكفي في علاقات الصداقة الإحترام .
***
– الجهل بقوانين الفروق الفردية بين البشر .. وعدم الإيمان بها حتى لو عرفناها .. هو أحد أخطاء علاقتنا الإجتماعية التي تبحث عن تطابق الآخرين معنا في الأفكار والسلوك !
***
– ما حاجة الله للشيطان والشر لو كان يريد الخير ويحب البشر .. وما حاجتة الله لإمتحان البشر لو كان يعلم الغيب .. عجز الله امام الشر دليل عدم وجوده !
***
– غالبا يركز البشر على مفهوم (الفائدة) ويهملون مفهوم ( المعنى ) وكلا المفهومين ليس لهما معيار مطلق وهما جزءا من أوهام الحياة.
***
– غيرة العاشق على معشوقته وروح التملك في داخله .. لاتختلف عن سلوك حيوانات الغابة في عدوانيتها .. وهذا دليل على ان الحب ليس ساميا ولايطهر النفوس .
***
– الإنسان الخير الطيب ليس الذي يحب الناس وانما الذي يسيطر على مشاعر الكراهية فالحب مشاعر عفوية بدون إختيار بينما منع خروج الكراهية عملية إرادية نبيلة.
***
– رأيته في الحلم في عالم المنام تمرد على إسطبل الحياة وتحرر من عبوديتها ، وإبتكر لحياته طرق عيش فيها بصمته وجنونه الإبداعي ، سألته من أنت ؟ .. تحسر بحزن وأجاب : كم أنت غريب عن نفسك .. أنا أنت الذي صنعتني .. فأدركت أنه ذاتي الغائبة عني !