20 ديسمبر، 2024 11:20 ص

وهذا يضرب في وجوب التزام النصوص الشرعية، والنهي عن التحايل في تأويلها، وهو مايرد في موضع التوبيخ لمن يصنع ذلك، ويعني المثل ان هذا دين، وليس طينا، واذكر في هذا ان احد مطربي الملاهي الليلية ذهب الى احد المراجع، وسأله، هل ان اموالي التي جنيتها من الغناء حلال ام حرام، فقال المرجع له: اجلب اموالك، واصعد بها الى اعلى بناية في بغداد، ثم ارمها من هناك، وانزل مهرولا، فيكون ماتحصل عليه منها حلال عليك، فاستغرب المطرب وضحك ولم يصدق الامر واعتبره استخفافا بعقله، فقال له المرجع: ( هو دين لوطين، ابني انته شوفة وجهك حرام)، فرجع صاحبنا خائبا، واستمر في الغناء.

هذا المسكين الذي كان يخشى من انغام يمتع بها اسماع الناس، وآلات موسيقية تنعش الفؤاد، ندم على تصرفه ذاك عندما رأى المتدينين من اقسى الناس، وكما يقولون: ( يذبح ويسبح)، والجواب الذي حصل عليه الفنان كان يرزح تحت وطأة العقل التقليدي الذي اسهم كثيرا بظهور الحركات المتطرفة، هناك معارف خاطئة ادت الى نشوء الطائفة، وبرمجت لها ايديولوجية جديدة تحيل الآخر الى النار الموعودة، في حين تضع اتباع الطائفة في الجنة، معارف خاطئة اسست لكل هذا العنف والحروب، وجاءت بالاعتقادات الظلامية الاستلابية.

الاعتقاد الخاطىء يؤدي كنتيجة محتومة الى تبديد الثروات، والدخول في حروب، من الممكن ان تعمم وتصبح حروبا كونية، على اساس الاتباع والمريدين الذين ينتشرون في كل مكان، سيطرة الفكر المتطرف الارهابي الذي يضع نصب عينيه عدم اقناع الآخر بالمنطق، وانما تكون الحروب هي الطريقة الوحيدة، حتى اننا لم نستفد من تنظيرات المفكرين وشعر الشعراء ابان عصر النهضة والذي لم يتطرق الى قضية طائفية واحدة، لقد ضاع كل شيء وسط انفعالات الطائفة وضجيج الاعلام المأجور.

قناة فضائية واحدة رسمت طريقة لتمزيق الاوطان، والطريقة تتلخص بالمناظرات الغبية التي تقيمها، مع استفتاء شعبي كاذب، حيث يضرب المتناظران بعضهما باقداح الماء او الشاي، ويكون الاستفتاء الشعبي مبطنا بعقائدية مريضة، فيلقى تشجيعا، وتكون النسبة لطائفة على حساب طائفة، حتى اصبح حزب الله الثوري

الذي قارع اسرائيل لسنين، اصبح حزباُ طائفياُ ارهابياُ بنظر هؤلاء، في حين كان بالامس يمثل الثورية التي رفضت ان تستسلم لصفقات الحكومات مع اسرائيل.

نعم اصبح الدين طينا، طيّن الاوطان ومزقها، تحت تأثير العقول التقليدية التي تنظر الى الانسان مجرد فكر متطرف ، وطائفة تعبد وتقدس الها غير الاله الذي عرفه الجميع، حتى غدت المقدسات لاتعد ولاتحصى، والقت بمصطلحات الامس على واقع يراد منه ان يكون حداثويا يعاصر على الاقل جزءاُ من تفكير الامم الاخرى، بلدان خاوية وساقطة اقتصاديا لولا ان النفط ينبع من اراضيها، لعادت الى شرب بول البعير للاستشفاء، وهي تعود بكل اصرار، وتبحث عن الغزو لمداراة اوضاعها الاقتصادية المرهقة بكثرة حركات التطرف التي تحتاج الى اسلحة ومصروفات حربية اخرى، لم يكن عصراُ كالعصر الذي سبقه، كانت روح الحضارة ماثلة للجميع، والكل يفكر انه ورث شيئاُ مهما، اما الآن فالجميع يفكر بكيفية امتلاك السلاح المؤثر للقضاء على الآخر، وهذا الامر لن يسلم منه احد بما في ذلك اوربا واميركا، انه الطين الذي سيطين جميع الرؤوس.

أحدث المقالات

أحدث المقالات