23 ديسمبر، 2024 5:11 م

“هذا الموجود” في ولاية فرهود

“هذا الموجود” في ولاية فرهود

أمس وعندما أنهى (أبو المولدة) تشغيل مولدته في الليل صعدت لأنام على سطح الدار رغم حرارة الجو ولكنني مازلت أصدق المقولة التي تقول “ان آب في النهار لهاب وفي الليل جلاب” وماهي الا لحظات حتى دخلت في عالم الأحلام ومنها حلمت إنني كنت مسافرا في قطار بين مدينتين ولكن ليس في العراق وجلس الى جانبي رجلا قال انه هاربا من جحيم الدكتاتورية في قريته وقص علي قصته وقال … قدر لي أن أعيش في قرية أطلق عليها إسم (قرية فرهود) وفرهود إسم حاكم هذه القرية وجاء في الزمخشري ان فرهود جاء من (فرهد يفرهد فهو فرهود) حيث جرت العادة أن تسمى القرية على إسم حاكم هذه القرية وقبله كان (عبود) حاكما لقريتنا الغنية بالنفط والغاز والاحجار الكريمة والزراعة وقد حكمها حكما طويلا بسبب سكوت ابناء القرية وخضوعهم له وخوفهم منه لانه كان قاسيا ولايرحم من يقف بطريقه وكان له جماعة كثيرين يدعون (المصفقين) فقد كانوا أشد الناس تملقا لعبود وكانو قبله يصفقون للحاكم الذي كان يحكم قريتنا وكان عبود يغدق عليهم بالمكارم لانه يعرف نقطة ضعفهم هي الاموال و(النفخ) أي إعطائهم أكبر من حجمهم. وكان يعرف أنهم مجرد أبواق (يهوسون) له ويطبلون ويحشدون له المؤيدين وهذا ديدنهم لكل حاكم جديد وكان حكمه قاسيا وكان أكثر أبناء القرية لايريدون بقاؤه بسبب ما عانوه من اضطهاد وظلم وجوع وحروب وقام عدد من اهالي القرية الاتفاق مع عدد من القرى المجاورة التي كانت في نزاع وعداء مع عبود لانهاء حكمه وفعلا كانت النهاية .
وإستبشر أهالي القرية خيرا بالحاكم الجديد (فرهود) وأقسموا على ان يكونو يدا واحدة ولم يسمحوا لأي حاكم يظلمهم بعد ويكون حكمه اربعة سنوات فقط وبعدها يأتى حاكم جديد وقبل ان تنقضي الاربعة سنين قام (فرهود) بالتودد للجماعة (المصفقين) الذين كانوا على أهبة الاستعداد للتصفيق لأي كان بمجرد ملء جيوبهم بالاموال وإعطائهم مزايا أكثر من إستحقاقهم كونهم أميين ويؤثر فيهم (النفخ) وبدأوا بإشاعة ان فرهود هو أفضل الحكام وأنسبهم وقاموا بالتظاهر وجمع ابناءهم مطالبين ببقاء (فرهود) لمدة أطول رغم ان فرهود (فرهد) ماتبقى من لم يفرهده (عبود) قبله وقاد القرية الى الدمار والفشل والحروب والفرقة بين أبناء القرية ولكنه إستطاع بفضل المصفقين والمنتفعين والمتملقين أن يبقى أربعة سنين أخرى وانقضت الأربعة الاخر ومازال (فرهود) متمسكا بحكم القرية بحجة ان مؤيديه ممن تكاثروا بفعل الاموال التي كان يغدقها عليهم يريدونه وهم الان يقودون التظاهرات مطالبين ببقاءه اربعة سنين أخرى وكل يوم يجمع (فرهود) أبناء القرية ويقول للمطالبين بالتنحي من حكم القرية (هذا الموجود) .. وإن أبناء القرية بدأوا يوقنون انه لم يتغير شيئا عن حكم (عبود) . بسبب ماوجدوه في ظل حكمه…وإنهم ينتظرون فرجا للخلاص من (فرهود) ولايريدون أن يتدخل أحدا من خارج القرية للخلاص منه كما حدث مع عبود من قبل وليس لهم سوى الدعاء بأن تنفرج الغمة عن هذه الأمة.. وحينها إستيقظت على طنين الذباب بواجبه الصباحي يالقرص وصوت أبو (العتيك) “العنده باتريات للبيع .. طحين للبيع..إكسسوارات موبايل للبيع..مولده للبيع” ووجدت إن حالنا لايختلف عن حال قرية فرهود حينها وقبل أن أقوم من فراشي أطلقت (الهوسة) المعروفة … “إظهر يلمهدي وصفيهه”..