حين كتب أراغون في مقدمة ديوانه ( أسبانيا في القلب ) للشاعر بابلو نيرودا (ان الهدية التي يحملها هذا الديوان هي الرد البليغ للشعراء على اسطورة قاتمة تريد ان تجعل أورفيوس عاجزا عن الغناء في الجحيم وان تجعل الحروب والصراعات أقوى من عبقرية الانسان وان تجعل العندليب يصمت عندما تريد النسور ذلك )
فماهي الهدية التي يحملها ديوان الحطاب (بروفايل للريح رسم جانبي للمطر ) في العصر الذي سمي باكثر العصور اضطرابا وبمرحلة اكثر تدهورا وبالاحساس الجمعي بالفاجعة بضياع وطن
يتقدم الشاعر الفذ جواد الحطاب بديوانة ( بروفايل للريح … رسم جانبي للمطر ) بنصوصة المحسوبة بدقه مشاركا نصب الحرية لجواد سليم وكانه يبني نصبا معماريا حين لجا الى التعامل مع النصب كروح شاهدة للاحداث وهي تعصف بكل شيء ولانه الانساني بصورة هائلة جاء البروفايل كعمل متقن بضخامة حجم صانع الجواهر
لاأجراس في عنقه
هو … الثور السماوي
يرى ما لاتراه المدينة
تحت الضروع
يهُرب الرعاة
أصابع الديناميت
أدفعا لاشتباه العشب
صنع القدماء للثيران أجنحة ( ص 64)
وفي انحسار للذائقة الشعرية بفعل عوامل معروفة يدفع الحطاب بها نحو الرقي مستخدما” وسائطه التعبيرية فغدت المفرده همزة وصل وجسر تواصل مع أجزاء هذا النصب الشامخ وسحر المقاربات والتشبيهات القريبة
تبرعت ألامهات بصراخهن الى الحصان
فلا سلاسل تقييد الصهيل
من همسة الاف سنة
يتوشح بالحياة
شعفاته : ياماكان
وحوافره : الريح (ص 8 )
ان الحيوية للنص تنبع من صخب الصور وغنى المفردات ولانه يكتب بيد ثابتة يرتب اسماء ابواب بغداد لينتهي بباب الله الواسع
لبغداد اربعة ابواب
باب كلوذا
باب الظفرية
باب السلطان
وباب الطلسم
الان لبغداد باب واحد
باب الله
ولكي يكون الادب نوعا من العصيان الدائم نأى البروفايل ان يدخل في نفق التقليد فربح خصوصيته وتفرده فحمل الشجن العميق الذي تمثل في الموقف تجاه الوجود الانساني القلق فتلمس حقيقة التلازم بين الشعروالحياة المصابة بالهزائم
جثث نوافل
جثث غوافل
جثث زرقاء
جثث بنفسجية
جثث بلا جثث (ص 32)
ولان النصب هو جزء من الذاكرة الجمعية العراقية تنبثق النصوص مثل حركة في الاحشاء
ايتها المراة
لاترمي القشة التي التي كنستها من ساحة التحرير
فهي من ذريتي (ص43)
وفي روعة صياغة ينطلق بنا الحطاب حاملا النصب امانة تاريخية منطلقا من أخيلة كبيرة وموضوعات مبتكرة لأول مره في تاريخ الشعر وكان البروفايل وثيقة وقعها سليم والحطاب وكانهما ينحتان نصبا جديدا فلم يلجا الحطاب للرمز باعتباره اقوى اداة التلميح لكن انفرد بصياغتة والتي يكمن فيها السخط او التي تتجاوز السخط الى السخرية المره
لن نعيدك للمحارة ايتها اللؤلؤة
فلا وريث لافراحنا
نريد الحياة ان تكون تقليدا”
مافائدة النياشين على ملابس القتلى (ص46)
ولامفر من التفكير بالحرب المميتة التي زعزت كيان الانسان هنا فهبط الى اعماق التاريخ واستل نصوصه منه
بنهار مبتسم الكفين
عجنت رأئحة الجوري
: حناء
لحيطان المتحف الوطني
وتقيم في رقم الطين
بروفات تنقيب عن الآتين ) ص 52
الشيء المؤكد ان هدية الحطاب للشعر هو بذلك التفرد والصياغات ووحدة القصد ولان الناس ناس وطنه حمل البروفايل انتفاضة عبقريته فكان له هذا المجد الشعري