مرت عملية اضعاف البلدان بمراحل مختلفة على مر التاريخ, فكانت بدايتها بالاحتلال العسكري المباشر, بعد ذلك اصبح عن طريق الاحتلال الاقتصادي, مرورا بالحصار الاقتصادي, وصلنا في السنوات الاخيرة اي التدمير عن طريق الاعلام, وذلك بزرع افكار غريبة عن المجتمع وعاداته وتقاليده.
لكن يبقى هناك الاسلوب الاقوى والانجح, والذي يؤدي الدور المطلوب منه ويظهر كأنه سير طبيعي للواقع المعاش بعيدا عن اي تأثير خارجي, وهذا اسلوب استخدم لاسقاط دول كبرى كان ينظر لها انها صلبة الى ابعد حد, هذا الاسلوب المخيف الذي لا ينتبه له اغلبية طبقات المجتمع, لكنه لا يخفى عن اصحاب الوعي الذين لو تكاتفوا بينهم لاستطاعوا ايقاف هذا الخطر المحدق بمجتمعاتهم, لانهم اصحاب تأثير وصناع لرأي العام.
هذا الاسلوب هو اسلوب “وضع الرجل الغير مناسب في المكان الغير مناسب”, وذلك وضع اشخاص في مكان مهم غير عارف بهذا العمل ولا يستطيع من خلال موقعه تقديم اي شئ لمجتمعه, ايضا انه غير قادر على تطوير موقعه وانما يساهم في تراجعه, وهذا الاسلوب ظهر جليلا وواضحلا في عملية اسقاط الاتحاد السوفيتي الذي اصبح (17) دولة بعد تفكك الاتحاد, و قوة هذا الاسلوب اكده اخر رئيس للاتحاد السوفيتي عندما سأل عن الطريقه الذي تم بها اسقاط الاتحاد داخليا, قال: “وضعت الرجل الغير مناسب في المكان الغير مناسب”.
ان ما يحدث في بلدنا من خلال اهمال كبير لطافات شبابية لو ستغلت بشكل الصحيح لكانت قادرة على الاخذ بيد العراق ليصبح من دول العالم المتقدم في جميع المجلات الا لم يصبح الدولة الاقوى, وذلك لما حباه الله به من ثروات في جميع المجالات, من ثروات العلمية و القوى البشرية والاقتصادية, لكن نرى هولاء الشباب يفترشون الطرقات للمطالبة بحقوقهم ولم يجدوا من يصغي اليهم بل يتم الاعتداء عليهم.
ان هذا الوضع الذي يعيش به الشباب لم يتم معالجته بشكل حقيقي وسريع سوف يؤدي الى نتائج كارثية على البلد, لانها سوف تؤدي الى افراغ البلد من طاقاته الشابة المبدعة الخلاقة القادرة على بناءه وتطويره وقيادته الى مواقع ريادية و مهمة.
يتم هذا الافراغ اما عن طريق هدر طاقات هؤلاء بمواقع لا يستطيعون بها الابداع, او هجرتهم الى خارج البلد لتستفيد منهم دول اخرى في نهضتها, او يتم من خلال هذا الاهمال قتل الطموح لدى الشباب وجعلهم افراد غير عاملين دورهم في الحياة هو قتل الوقت بشكل غير مفيد.