19 ديسمبر، 2024 12:22 ص

هجرتك طيور السنونو يابغداد

هجرتك طيور السنونو يابغداد

منذ الأزل ولغاية الآن ونحن نعلم أن بغداد تتعرض لأبشع هجمة شرسة وكيف تتكالب عليها الأيدي المستعمرة وتحاك ضدها المؤامرات ، وكيف استباحت سيادتها ودم شعبها على أيدي جبابرة اليوم وتجار حروب الدم.
بغداد اليوم يعتليها الخجل من شدة ما أصابها من وجع وألم أمام مرأى ومسمع أهلها الذين لا حول لهم ولا قوة سوى أنهم عراقيون أولا،وثانيا أمام العالم اجمع، حزينة شوارعها مظلمة، باتت اليوم ساحة للمجرمين والسراق والقتلة، ليلها موحش مخيف ليس كما كانت تتعالى فيه أصوات وضحكات المحبين والعاشقين، وكلما أردنا أن نكتب عنك يا حبيبتي وعن أحوالك ألا واصطدمت الكلمات بسؤال محير وبدون جدوى من كتاباتنا عليك ويرجع صداه علينا ،لأن الأحوال هي هي ولا تحمل بين ثناياها أي نور بنهاية النفق المظلم كما وصفوه ساستنا،معشوقتي أنا كلما انظر إليك والى هذا الوطن الجريح المليء بخيرات لا تعد ولا تحصى، ألا وارتد علي البصر حسيراً متحسراً من هول ما يكنزه هذا الواقع المريض من مفارقات وتناقضات يستحيل العيش فيها او التعايش معها.
بغداد يا عروس الدنيا آيتها العاشقة والمعشوقة بجنون العاشقين ويا شهقة المحبين، بغداد يشهد الله عندما ينطق لساني باسمك وحروفك وبلا أرادة تخرج دمعتي الحارقة لتنزل على وجنتي وكأنها دما مستباحا بما فرضته الظروف علينا، بغداد يا معبودتي رغم بساطة كلماتي وتواضع مفرداتي أقول لك، أنا لست بشاعر ولا بكاتب لخواطر الشوق والحنين أنما أنا ابنك البسيط ولدت فيك ومن رحمكِ وبداخلكِ، أنا ابنك يا بغداد اعذريني على كلامي لأنه لا يحوي القافيات،أنا متواضع حد البساطة لأني لا احوي بداخلي كلمات تعبر عن حبي لكن احوي ما لا يحويه أي قلب في العالم اتجاه حبك النادر، بغداد يا عمري يا مدينة الأمجاد يا سارية ستبقى أحضانك لأولادك قلعة حامية،أيتها المستحمة بمياه دجلة يا وسادة المتعبين ويا حلم الحالمين،يوما ما سأرقد تحت ترابك لكن موتي هذا هو ولادة يا ملاكِ، اَه يابغداد انتهكوا قدسية جمالك دنسوا حرماتك أراقوا دم أبنائك والجناةُ أحفادك، وستدوي مآذن العراق يا بغداد  بصوت واحد لتصدح وتقول الله اكبر والمستعان بالله الواحد الواحد وسحقا لمروجي الطائفية، أطفالك اليوم يترنحون على شظايا الجوع يقتسمون الخبز والموت في آن واحد، بغداد صبرا فبعد كل ظلام مخيف فجر جميل.
عاصمتي الجميلة حتى كتاب غينيس تجاهلك وتناسى أن يسطر أرقامه القياسية لك، لشعب حطم الرقم القياسي في عدد الشهداء والأرامل والأيتام والثكالى والمساكين،غينيس ربما تجاهل او تناسى بأن هذا الوطن السعيد يملك رقما لا ينافسه احد بين الدول الأخرى في عدد الحكومات المشلولة التي تعاقبت على تسيير شؤون شعبه، عدد وزرائها فاق وزراء باقي الحكومات،غينيس لماذا لا تنقب عن معدلات الأمية والبؤس في مجتمعنا؟ لتسجله ضمن كتابك وهي أرقام بشهادة الحكومة ومنظمات المجتمع المدني،لقد رفضت يا غينيس ان تكون شاهدا معنا وعلينا على ما أصاب بغدادي، هل تعلم يا غينيس ان عدد المغتربين والمهجرين قد فاق الملايين وهم يعيشون بوضع أنساني صعب لأنهم لا يملكون حق العمل والتنقل، سأخبرك  يا غينيس بشيء مذل ومهين أنهم لا يملكون حتى نقود  تذكرة بطاقة السفر لكي يعودوا لوطنهم أما يكفيك هذا حتى تذكره بكتابك أم أرقامنا أصبحت نشازا في موسوعتك،ساستنا اليوم يا غينيس متربعين على عروشهم الفاخرة ورواتبهم المهولة وأرصدتهم في البنوك الغربية مستوفاة من قوت شعبي،وقد تقطعت بنا السبل في أيجاد حل لأنفسنا،ساستنا اليوم غارقين في عسل التسلط الدنيوي من ينقذ المهاجرين والمغتربين الى بر الأمان يا غينيس؟وكأنهم ايتام تتلقفهم أيادي اللئام تعبث بهم كيفما تشاء وكأنهم في إقامة جبرية.
بغداد في كل نبضة من نبضات قلبي شهيقا وزفيرا تناديك، أوعدك يا بغداد ستشرق شمسك من جديد وسيبزغ فجرك الرائع وستعودين كما كنت شامخة،ودموعي تنهمر على صدري من شدة فرحي بمكانتك المعروفة وسينفجر قلبي لك شوقا،ارفع يدي أمامك وأنادي فداك أمي وأبي وعمري،سأحميك بروحي حتى لو كنت على فراش الموت،يا وطني يا حاضن لأعز شعب واطهر دماء قسما يا وطني لن ابخل عليك بقطرة دم مني ولن تغلى عليك.
يؤلمنا جرحك يا بغداد ويوجعنا أكثر وجع الجار المتربص على بساط الدين،انت كالبلور والألماس لكن الأيادي التي تناولتك لا علم لها انك مدينة الحب والسلام وعلي الكرار،يا قلعة الأسود،نعم هجرتك طيور السنونو ونامت مع ساعات الغروب وضحكات الأطفال وحب الأرض،لكن سترجعين يا بغداد لمجدك الاول  وسترجع حبيبتي المغتربة لأحضاني الدافئة بعد غربة سنين عنك ،وهاهم الراحلون من الخوف يعدون الرحال للعود لكِ ولا اهلكِ ولأحضانك الدافئة ،ياأم الأوطان ياحبيبتي بغداد .
[email protected]