17 نوفمبر، 2024 5:17 م
Search
Close this search box.

هجرة العراقيين

بعد ان اعلنت السيده ميركل, المستشارة الالمانية,استعداد المانيا لاستقبال اللاجئين, خاصة القادمون من الاوطان التى تعيش حالة الحرب الاهلية, وبشكل خاص السوريون والعراقيون, فتحت ابوب الامل لمئات الالاف من السوريين والعراقيين للوصول الى اوربا/ المانيا, على امل ان يعيشوا بامان وفى مجتمع يوفر لهم الحد الادنى من الحياة الكريمة, هذه الكرامة والامان التى فقدوها لسنين طويلة وقادمة فى اوطانهم. اخذت تتصاعد اصوات بعض النخب العراقية المتنفذة فى رسم صوة كارثية عن ما تفرزه هجرة الشباب العراقى,على مستقبل البلد ومشاريع التنمية. حتى ان الفليسوف السيد وزير الخارجية, قدم بسرعة خاطفة قرأته لابعاد المؤامرة المدبرة على العراق وافراغه من كفاءته الشبابية. ووتكونت اللجان الوزارية لدرس الموضوع وخلق الشروط الملائمة لعلاجها وكأن هجرة العراقيين وليدة الساعة. وصدرت اراء مثقفى السلطان وخدمه من ان الهجرة قرار خاطىء متسرع لامبرر له, وكأن العطالة فى صفوف الشباب والخريجين لاوجود لها والشعب العراقى يعيش فى بحبوحة موارد النفط وتطور مشاريع الكهرباء والصناعة ومشاريع التنمية الجبارة والتى تشمل كل الحقول قد تعطلت عن العمل بسبب النقص الهائل فى الايدى العاملة العراقية!!! وليس بسبب الفساد المستشرى والسرقات المليونية, دون رقابة وعقوبات, قد ادت الى افلاس الدولة الهلامية الفاسدة, والتى, بكل تأكيد كما هى علية, لاخيار لها الا ان ترهن مستقبل الشعب العراقى وتبيع ثرواته مقدما وتقيدة بقروض بالمليارات للبنك الدولى وصندوق النقد الدولى وبنك قطر المركزى, والبنك الاسلامى فى السعودية, كما تنوى عرض سندات حكومية قدرها 10 مليار دولار وسوف يقوم البنك الالمانى وبنك بى جى مورغان بالمساعدة, على هذا كله فان الشركات الاجنبية العاملة فى استخراج النفط تطالب بـ”مستحقاتها” الى تقدر بـ، 30 مليار دولار.

كانت اولى موجات هجرة العرقيين الكبيرة فى بداية الحرب العراقية/ الايرانية والتى تم فيها تسفير اعداد كبيرة من الشيعة والاكراد الفيليين بشكل مخطط له مسبقا, ومنذ 1980 لم تنقطع موجات هجرة العراقيين, وكان حديث العراقيين

اثناء سنين الحصارالمجرم 1991- 2003 يدور بشكل عام حول امكانيات الهجرة, كيف والى اين, الشروط, المستلزمات؟. وكان يعترف باللاجئين العراقيين فى الدول التى يلجؤن اليها, وذلك لمعرفة العالم باوضاع العراق وديكتانورية صدام حسين. فى السنين 2003- 2015 لم تنقطع تطلعات العراقيين للهجرة, وذلك لعدم تحسن ملموس فى الاوضاع المادية والاجتماعية, والان اصبحت النظرة حول اللاجئين العراقيين ايجابية ثانية وذلك لان دول اللجؤعلى علم بالاوضاع البائسة والامن المفقود والانفجارات المستمرة وعدم قدرة الحاكمين فى السيطرة على الارهاب. منذ بضعة سنين اندلعت الحرب الاهلية وتحتل عصابة داعش حاليا ثلث مساحة العراق تقريبا, والحرب الاهلية , كما يبدو, سوف تستمر لسنوات قادمة, يتخللها (الكروالفر) الاف الضحايا بالشباب العراقى ومليارات الدولارات للسلاح ولكن بدون حسم وبدون نتائج, اللهم استنزاف متواصل للخيرات البشرية والمادية, اما عن تفجير كدس سلاح وضربات جوية اصابة بضعة سيارات, واكتشاف مخزن لتجهيز الاحزمة الناسفة فهذه لا يمكن اعتبارها تقدم فى مسيرة المعركة ناهيك ان تكون انتصارات كما يحلو للحكام والناطقين الصحفيين ترويجها للشعب. كما يصرح ويتمنى الحكام فى بغداد منذ اكثر من سنة, هذه “ألصغائر” لا تنهى حربا اهلية.

ان هذه الهجرة لها طعم خاص يمتزج بالخيبة والمرارة واليأس والدم, والعراق كوطن ودولة وتاريخ مهددة بالانهيار والتمزق, وذلك لان امالا كبيرة كانت معقودة على”المعارضة” التى رفعت شعارات العدالة والكرامة, ولكنها برزت كعصابة فاسدة اخذت من الدين غطاءا لنفوسها الضعيفة ومصالحها الشخصية بعيدا عن اى مسؤلية تجاه الشعب والوطن, حتى انها خلقت فجوة عميقة بين العرب العراقيين من السنة والشيعة سوف يتطلب ردمها واعادة اللحمة الوطنية والقومية جهودا كبيرة مخلصة لسنين قادمة.

ان حكام العراق الحاليين ليسوا مكترثين بهجرة مئات الالاف من العراقيين, وذلك لانها لاتمسهم من قريب او بعيد: الاقارب والاصدقاء ومن منتسبى الحزب والمجندين فى المليشيات وحملة الشهادات المزورة( 27 الف) فى اوضاع مادية مرفهة, انهم جميعا يشغلون مناصب جيدة فى الدولة, بالاضافة الى امكانيات سرقة المال العام التى قد اصبحت من “التقاليد الوظيفية”, اما عن الابناء والبنات والعائلة فهم جميها بعيدا عن الخطر اليومى الذى يعيشة العراقيون, انهم

يعيشون فى عمان ولندن وسويسرة ولبنان فى قصور وفيلل, ويحملون جوازات دبلوماسية تؤمن لهم السفر برفاهية وجيوب مثقلة بالعملة الصعبة الى كل بلاد الله الواسعة, يبذرون اموال الشعب بدون خجل وضمير. وعندما يظهر الحكام على شاشات التلفزيون, “الحالة المرضية المزمنة”, ويبدون حرصهم على الوطن والشعب, فهم يمارسون النفاق والخداع على اعلى مستوياته, وهذا الامر بقدر ما هو مؤلم ومهين بقدر ما يعبرعن عدم مبالاة الجماعات المتنفذة بمقدرات الشعب والبلد, لقد اصبحنا نحن العراقيون خبراء بما يدلى به سياسى الزمن الردىء, سياسيوا المحاصصه. انهم لايصلحون شيئا لعدم قدرتهم على الاصلاح والعمل والاحساس, وفاقد الشىء لايعطيه. ان الهجرة,الشباب وعوائل كاملة سوف تستمر ما دامت الاسباب مستمرة وطالما الحكام والسلاطين يعيشون احلام اليقظة ويتصارعون مع ايام القهر والحرمان التى تبقى مطبوعة فى العقل الباطن وتعبرعن محدودية الذات وعجزها.

ما عسى ان يفعل الشاب العاطل عن العمل, االخريج الذى قد وصل الى مرحلة بناء مستقبله الوظيفى, الاب والام الذين يعيشون حالة مستمرة من الخوف والقلق الى ان يعود الابناء والبنات الى البيت سالمين, وعامة الناس الذين يعيشون ارهاب المفخخات والاحزمة الناسفة التى يحملها مجرمين مجانين يتصورون, انهم سوف يتناولون العشاء مع النبى الكريم او مع احد الصحابة الكبار, يدخلون الجنة تلف حولهم الحوارى الحسناوات, وليس اخيرا عصابات الاجرام المنظم التى تهدد وتفرض الاتاوات على مزاجها دون ان تردعهم الدولة. ماذا يشجعهم على البقاء فى العراق, فى الوطن المسلوب؟؟ يقول الامام على “الفقر فى الوطن غربة والغنى فى الغربة وطن”, وقال ايضا ما معناه, اينما تجد عملا وتستطيع العيش, فهذا هو الوطن. فى النهاية ,” مجبرا اخاك لا بطل.” عندما تغلق ابواب الحاضر والمستقبل.

ان الهجرة واللجؤ, التوجه نحو الغربة, ليست عملية سهلة وبسيطة, والشخص الذى يصل الى بلد اللجؤ سوف لا يجد الارض مفروشة بالسجاد الاحمر, وسوف يحتاج ربما الى بضعة اشهر حتى يتم اتخاذ القرار بشأنه ويعترف به كلاجىء, وعند هذا الاعتراف يتمتع بقوانين الرعايا الاجتماعية(التأمين الصحى, الاقامة وحق العمل, ايجارالسكن والمصروف الشخصى – حوالى 400 يورو شهريا),

ان هذه القوانين تؤمن الحد الادنى للحياة وهى قوانين قد شرعت للضعفاء وذوى الدخل المحدود من الشعب الالمانى.

ان التغيير الذى حدث مع الوقفة الشجاعة للمستشارة الالمانية السيدة ميركل قد افرزت حالة جديدة فى الموقف والسلوك العام لدى الالمان, الاستعداد, بدون تحفض, لفتح الحدود واستقبال اللاجئين من السوريين والعراقيين, بشكل خاص لوجود حرب اهلية مدمرة واللاجئون يهربون حفاضا على حياتهم اولا. ان السيدة ميركل عبرت عن موقف انسانى فريد لم يتخذه اى مسؤل سياسى المانى مسبقا, وكان هذا الموقف مفاجئة كبيرة للجميع , خاصة وان حزب الخضر وحزب اليسار واحد اجنحة الحزب الاشتراكى الديمقراطى المتالف فى الحكومة قد ناشد بأتخاذ اجراءات جدية امام الكوارث الانسانية التى تحدت فى البحر المتوسط وعلى سواحل ايطاليا واليونان منذ سنتين, بالاضافة الى حركات اليمين الجديدة القديمة والقريبة جدا من الاحزاب والتكتلات النازية التى تنادى بطرد الاجانب وتعادى الاسلام, والتى قامت بتهديد واعتداءات مباشرة وغير مباشرة متكررة ضد اللاجئين.

منذ سنين تصل اعداد كبيرة من اللاجئين والمهاجرين من مختلف الجنسيات الى المانيا اكثر من بقية الدول الاوربيه الاخرى, ولكن نسبة الذين يتم الاعترف بهم كلاجئين هى نسبيا الاصغر بين الدول الاوربية, وكان الموقف الحكومى (الحزبين المسيحيين الحاكميين) بين الرفض والتحفظ,, اما موقف وسائل الاتصال الجماهيرية فقد كان بشكل عام يمثاتل موقف الحكومة وفى حالات كثيرة الرافض بشكل قطعى ويجتهد فى تقديم الحجج والمبررات والتسميات لتبريرهذا الموقف, ولكن كان لابد من الالتزام بالمعاهدة الدولية الموقعة من قبل المانيا حول اللاجئين. لم تطرح المانيا برامج جديدة لاندماج اللاجئين والمهاجرين الا فى السنين الاخيرة والذى سجل نجاحا وقبولا,ومع ذلك لم تكن فرص التعليم والعمل لهم والاجانب بشكل عام مشجعة وتطرح فرصا معقولة فى تطوير الامكانيات العملية فى وصول الاجانب واللاجئين الى تعليم متقدم مهنى او اكاديمى واخذت شكوى من جهات دولية متعددة حول فرص التعليم والاندماج.

مازالت وسائل الاتصال الجماهيرية تنقل وقائع يوميات رحلة اللاجئين بشكل مفصل يوميا, وقد كانت صور ومناظر مروعة لما يعيشة اللاجئون , وقد كانت

صورة الطفل الغريق مؤثرة جدا,الذى دفع السيدة ميركل الى موقفها الشجاع, وعندما بدأت موجات النقد على “هذا العمل المستعجل الذى لم يتم مناقشته مع الولايات”, فقد اكدت المستشاره”اننا نستطيع, We can”. بالتأكيد ان المانيا تستطيع استيعاب افواج اللاجئين بالرغم من التكاليف الكبيرة, ان المانيا دولة على درجة عالية من التنظيم, وهى اكبر اقتصاد فى اوربا, وسجل الميزان التجارى لعام 2014 فائضا قدره 230 مليار يورو, وهى ايضا واحدة من اغنى دول العالم وتستطيع تقديم الكثير. الا ان المانيا, لايمكن ان تتحمل جميع افواج اللاجئين لوحدها , خاصة وهى عضوا فاعلا فى الاتحاد الاوربى, وعلى دول الاتحاد ان تفتح حدودها وابوابها لقبول نسبة من اللاجئين وفقا لما يحددة اجتماع مجلس وزراء الاتحاد الاوربى القادم.

ان دول الاتحاد الاوربى تعلم جيدا ان الاوضاع الكارثية فى سورية والعراق وليبيا هى نتيجة منطقية لسياسة الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والتى تقوم على مشاريع اعادة ترسيم هذه المناطق بما يتفق مع المصالح الستراتيجية والمتغيرات الجيوبوليتيك التى حصلت بعد الحرب العالمية الثانية. اننا نسطر هذه الكلمات بسهولة,الا انها تعنى بنفس الوقت, ان ما انجزته هذه الشعوب خلال حوالى 100 عام, جهود وتعب ومعاناة والصراع من اجل حياة كريمة, المدارس,المستشفيات, الشوارع المعامل ومقومات الحياة الكثيرة قد انتهت الى حطام الى خرائب, هل يمكن تقدير قيمة جهود هذه الشعوب وما تم تخريبه وتهديمه فى هذه البلدان بالاموال, بالدولار او اليورو. ان العملية لم تنتهى بعد, اين المنطق والعقل ان تبدا الشعوب عملية البناء من الصفر. كان لهؤلاء اللاجيئون وطن واصدقاء وعوائل, واليوم قد اختزلوا الى لاجئين, هل سيجدون وطنا جديدا, هل سينجحوا ويتاقلموا فى مجتمعاتهم الجديده.؟ قبل موقف السيدة المستشارة مركيل كان اختراق الحصن الاوربى العتيد نوعا من البطولة, يلزم مغامرت وتضحيات وتكاليف باهضة, وحتى بعد الوصول الى بلد اللجؤ هذا لايعنى ان اللاجىء قد وصل الى برالامان وحياته سوف تاخذ مسارا معقولا.

الاستغراب, غير مبرر ولاتوجد اسباب تدعوا الى ترك “سويسرة” الشرق الادنى بجمال طبيعتها والامن السائد فيها واوضاع الاجتماعية والاقتصادية المرفهة للسكان, بالاضافة الى الابوا ب المفتوحة لمستقبل امين. لقداصبحت ظاهرة الهجرة منذ بداية التمانينات من القرن القرن الماضى, مع انطلاق حرب الخليج الاولى واصبح الموضوع الرئيسى الذى يتداوله للعراقيون, ولم تنقطع الهجرة منذ 2003 والى يومنا هذا. ان الامر لايدعوا الى الحيرة والغرابة, خاصة وان الاوضاع الاجتماعية / الاقتصادية منذ 2003 فى تردى مستمر فى جميع مرافق الحياة, وفى الوقت الذى تخرج الجامعات والكليات العراقية الالاف الخريجيين, لا يجد الخريج فرصة عمل الا من لهم الاحباب والاقارب وينتمون الى الاجزاب الطائفية السياسية والميليشيات المسلحة, هذا بالاضافة الى عدم وجود حركة بناء وتعمير , ناهيك عن المعامل والمصانع المعطلة, الحكومية والاهلية. ماعسى ان يعمل الشباب المعطل والذى فقد الثقة فى مستقبل فى ظل سياسة النخب المتنفذة, وما هو امر رب الاسرة الذى يهدد احد ابنائه بالخطف اذا لم يدفعوا الاتاوات الكبيرة, وموقف الام وقلقها على الاولاد والبنات الى ان يرجعوا سالمين الى البيت ثانية , اوالامل ان لا تنفجر قنبلة موقوتة وانتحارى مجنون مهووس بتناول العشاء مع النبى الكريم او الصحابة الابرار. ان العراقيين, عدا سكنة المنطقة الخضراء واصحاب الحمايات العسكرية مهددون بحياتهم لان احداث الارهاب يمكن ان تكون يوميا وفى كل مكان.

من خطر هجرة الشباب العراقى الى اوربا ال هذا لموقف الشجاع للسيده ميركل, بالرغم من التحفظات و الشكوك التى كا يعلن عنها وما زال الى حدما مصرا عليها, الحزب الرديف فى قضايا الهجرة واللجؤ, الا انها فرضت العقل والمنطق بعدما اصبحت الماسى والكوارث التى تحل بطالبى اللجؤ فى الوصول الى اوربا من قضايا الساعة التى تشغل وسائل الاتصال الجماهيرية, بشكل مفصل الى الاوربيين, واصبح مفردات مثل عصابات التهريب, مندوسا, جزيرة كريت, الحدود الهنغارية وموقف الحكومة الهنغارية,عدم توفر روح التضامن من قبل عددا من دول الاتحاد الاوربى

أحدث المقالات