يسجل التاريخ العراقي الحديث منذ العام 2003م و حتى اليوم أسوأ احداث يعيشها في عقوده المنصرمة ، إذ تعد سنين ما يسمى بالتغيير الديمقراطي! و بحسب باحثين و مختصين أبشع حقبة يمر بها العراق في تأريخه الحديث , والتي فاقت في فصولها هجوم المغول (التتر) على بغداد واحتلالها في عام 1258م ، و ما رافق ذلك الهجوم من قتل و تدمير و تخريب.
فالبلاد تعيش منذ الاحتلال الأمريكي – البريطاني قبل أثنا عشر عاما و دخول الأحزاب الإسلامية الحاكمة لها اليوم خلف دبابات وجنود ذلك الاحتلال ، فوضى عارمة و خلاقة أُرتكبت خلالها مجازر كبرى بحق الانسانية . قتلٌ و تهجير على الهوية و العرق والدين . وفساد مالي و إداري مُرعب سُرقت فيه حقوق الشعب لصالح الأحزاب الإسلاموية الذي تقاسمتهُ فيما بينها على مبدأ المحاصصة الحزبية.
و وسط هذا الواقع السياسي المُزري و المستقبل المجهول ، وبعد ان سجل العراق أكبر موجة نزوح و تهجير داخلي على اساس طائفي وعرقي في تأريخهِ خلال السنواتِ الديمقراطية! الماضية ، يشهد اليوم أيضا أكبر هجرة خارجية لشعبه إلى الدول الأوربية , طالباً اللجوء الانساني فيها , هربا من الموت و المستقبل القاتم .
و مزيدا على ما تقدم يمكن تلخيص دوافع هجرة العراقيين الكبرى الى اوربا اليوم , بأسباب اهما :
1_ استمرار و تمدد الارهاب الذي يضرب البلاد منذ أكثر من اثنا عشر عاما و احتلاله لمحافظات كبيرة كـ الموصل و صلاح الدين و الانبار وغيرها دون القضاء عليه .
2_تكريس الطائفية بين المحافظات والمناطق والمدن من قبل الاحزاب الاسلامية السياسية لتحقيق مكاسب بذلك اهمها اجتياز السباق الانتخابي .
3_ استشراء الفساد المالي و الاداري بجميع مفاصل ومؤسسات الحكومة الذي تقوده الاحزاب الكبرى بشرعية المحاصصة الحزبية و الطائفية .
4_ تردي واقع الخدمات و الامن المفقود مع تفشي ظاهر البطالة و شريحة العاطلين عن العمل من الخريجين وغيرهم .
5_ انتشار المجاميع المسلحة و الميليشيات , التي تفعل وتنفذ ما تشاء دون الخشية من الحكومة ومؤسساتها الامنية .
6_ انعدام روح المواطنة و الوطنية التي قضت عليها الاحزاب بأجنداتها الخارجية .
7_ الحرب المشتعلة و قوافل الشهداء المستمرة و الموت المجاني .
و هنا لا بُدَ ان نتألم على وطنٍ ضاع بسبب الاحزاب لنقول بحرقةٍ :
الوطن الذي ابصرناه على نار حرب مشتعلة ، لنحيا فيه مشاريع استشهادية بيد تجار الحروب و مغامريها . و الوطن الذي نعيش فيه مفتخرين و متبجحين بسراب حضارات اشورية و اكدية و سومرية و بابلية مضت قبل آلاف السنيين ، إذ لا وجود لأثرها في حاضرنا المُدمر . والوطن الذي لا يلبث أن يغادر انظار الغزاة و الطامعين و المستعمرين . و الوطن الذي يحكمنا في كل زمان تحت سمائه العملاء و الطارئون و الدجالون . و الوطن الذي يموت لأجله الفقراء فيحيا بدمائهم الدخلاء .
هل أصبح هذا الوطنُ عليلٌ حقاً ؟ .
ليتني أقدر على تركك كما الأخرون. لأستريح من عذاباتي منك . لكني أعلمُ سأموت ان اقدمتُ على ذلك ..