23 ديسمبر، 2024 5:47 ص

هتاف الذاكرة ..وتساؤلات الحاضر

هتاف الذاكرة ..وتساؤلات الحاضر

كنت اقف على رصيف الشارع في مدينتي بعد السقوط اراقب الأحداث تخالجني العواطف وتتنقل بي مابين الفرح والحزن ، فرح التخلص من براثن النظام الدكتاتوري الدموي و حزن احتلال بلدي ، كان هذا بعد سقوط نظام البعث و احتلال العراق في 2003 .

في حينها جاءت سيارة بيك آب تحمل صور للسيد الشهيد الصدر الاول محمد باقر الصدر رضوان الله عليه وقام افراد يعتلون سطحها بتوزيع تلك الصور على الماره ، وعندما علم الاخرون بتلك الصور تهافتوا عليها كتهافت العطشان على الماء وهم ينتزعون هذه الصور ويقبلوها ويحتضنوننها بشغف وحب كما تحتضن الام وليدها او الحبيب حبيبته بعد فراق طويل .

هنا نسأل ؛ هل هذا الحب و الاعتقاد كان نزعه آنيه تحكمها العاطفة ام انه اعتقاد راسخ في الانفس والقلوب لا يغيره الزمان والمكان ، وهل ان ذاك الجيل قبل 2003 لم يستطيع ان ينقل هذا الحب و الاعتقاد للجيل الذي جاء بعد 2003 ،ام ان العولمة و تاثيرها عبر وسائلها الاعلامية و ادواتها مما يسمى (وسائل التواصل الاجتماعي) والانفتاح على العالم الافتراضي الذي حصل بعد 2003 كان له التأثير الاكبر على ترسيخ اعتقادات ونموها لدى جيل لم يعيش حالة الانغلاق الاعلامي والثقافي الذي كان يمارس على الجيل الذي قبله _جيل ماقبل 2003_ بحيث ان الغزو الثقافي والفكري العولمي اصبح هو المتحكم في ادارة التفكير و زرع الاعتقادات و نمو متبتيات لم يكن لها وجود قبل هذا العام (2003) ؟
ام ان الفاعل السياسي واللاعب الرئيسي في ادارة الحكم والسلطة بعد 2003 والذي استخدم الاعتقاد الديني كوسيلة للوصول للحكم و الرئاسة لم يستطيع ان يلبي متطلبات هذا الحكم في ادارة السلطة والمجتمع _سواء كان هذا الاخفاق ذاتي_شخصي في الفاعل السياسي ام طارئ_ خارجي (اقليمي او دولي ) هدفه تعطيل دور الاعتقاد الديني _السياسي في ادارة الحكم واثبات فشله ( افشال النظرية الإسلامية في ادارة الحكم )_ وهي نظرية ادعى تطبيقها بهتاناً المتصدي او قل اتهم بتطبيقها _ وتحميل النظرية الاسلامية والدين هذا الفشل مما سبب ردة فعل عكسية لدى جيل ما بعد 2003 او حتى لدى البعض من جيل ماقبل 2003 هذا البعض الذي لم تترسخ في معتقداته و ثقافته الا قشور العاطفة التي تترنح في داخله كترنح (السكران ) فتأخذه يميناً تاره وشمالاً تارة أخرى .

وتبقى التساؤلات و تبقى (هل ) تتنقل هنا وهناك في افكار المهموم بالشأن العام والباحث عن اجابات بين الانقاض الفكرية التي تسببها العولمة وهجماتها التي لا يقل خطرها عن الهجمات النووية فتزيح جيل باكملة وتجعله في طي النسيان .