كلنا يعلم الأزمة العالمية المفتعلة التي جاءت بالهبوط السريع لاسعار النفط حتى وصل سعر البرميل الى ٤٣ $ ، مما عده الخبراء النفطيين كارثة بكل المقاييس خصوصاً تلك الدول التي جل موازنتها السنوية هي على الموارد النفطية ، والتي العراق جزء من هذه الدول ، كونه تعرض الى دمار شامل في البنى التحتية مرة على يد حكومة البعث ، ومرة في حقبة حكومتين فاسدتين حولت العراق الى الدولة الام في الفساد واضحت من الدول المتقدمة في الفساد المستشري بين دوائر الدولة كافة ، خصوصا الأمنية منها وما تناقلته وسائل الاعلام عن تصريحات للدكتور العبادي بإعداد الفضائيين والأسماء الوهمية ، وما تلاه من خطوات جيدة عالجت حكومته بعض مكامن الخلل ، وجففت منابع الإرهاب الداخلي (الفساد) ، وربما تعد خطوات بطيئة ولكنها بالتأكيد وضعت العراق على السكة الصحيحة في معالجة تركة كبيرة من اكبر مافيات الفساد يرائسها مكتب رئيس الوزراء السابق والتي تقدر ب٢٠٠ مليار دولار طيلة الثمان سنوات العجاف .
الهبوط اللافت لاسعار النفط ربما يكون سلاح ذو حدين ، فمرة هو تحدي داخلي للسيد وزير النفط عادل عبد المهدي كون الأخير تسلم مهام وزارته في بادية الأزمة مما وصفه بعض المختصين بالفال السيء للسيد الوزير كما انه يفتح النار بوجه من رجال دولة القانون والدعوة خاصة لمحاولتهم استغلال هذا التراجع من اجل مهاجمة السياسية النفطية التي يتبعها الوزير في معالجة هذا الانخفاض من جانب ، والتهدئة والانتهاء من الاتفاق مع اقليم كردستان ، والذي هو الاخر ليس بجديد وإنما هو اتفاق قديم ولكن لم تكن الإرادة موجودة عن المالكي والشتهرستاني للتطبيق ، وتهدئة الأوضاع وعدم فتح جبهة جديدة مع أطراف يمكن كسب ثقتهم وتهدئته، وعدم تسليمهم لأجندات خارجية وتأثيرات سياسية تؤثر على وحدة العراق أرضاً وشعباً .
الامر الثاني في هذا الهبوط ، هو التحرك الخبيث للقوى العالمية خصوصا أميركا والتي تحاول جاهدة من كسر نفوذ روسيا وإيران ، والذي يمثل جبهة الممانعة فالمنطقة العربية والشرق الأوسط خصوصاً بعد الحرب الباردة التي وصلت الى حد المواجهة في سوريا اكثر من مرة ، كما ان روسيا وإيران سوف لن تسكت طويلاً على ما يحصل من استهداف لاقتصادها ، والذي نخشى ان يكون رد الفعل مدمر دون حسابات دقيقة للنتائج .
على الدول الممنتجة للنفط (اوبك ) التعاون وبسرعة مع ايران وروسيا وفنزويلا وغيرها من الدول التي تؤثر في الانتاج العالمي لإيجاد حلول ناجعة للازمة كايقاف ضخ النفط لحين عودة الأسعار الى الطبيعية ورد العقوبة على الدول المنتجة كالسعودية ، هذا من جانب دولي اما من جانب محلي فان أزمة هبوط الأسعار كانت مفيدة في وضع العراق على جادة الاقتصاد العراقي على السكة ، كما ان هناك دولاً نفوسها بحجم العراق ومساحاتها كذلك ولاتوجد فيها نفط ومع ذلك تعيش بحالة طبيعية وميزانيتها ١٠٪ من ميزانية العراق ، كما يجب على الحكومة المركزية التعاقد فوراً مع الشركات العالمية من احل استثمار الغاز المهدور الذي يكلف ملايين الدولارات ، وهذا هو مطلب المرجعية الدينية في خطبتها الاخيرة من على منبر الجمعة .
ضرورة ايجاد حزمة من الضرائب على الرئاسات الثلاث والبرلمانيين والوكلاء والمدراء العاميين وجميع الدرجات الخاصة ، دون المساس باصحاب الدخل المحدود ، وضرورة العمل بالتعرفة الجمركية وزيادة الضرائب في بعض المنافذ ، بمعنى اخر ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص بجدية وبموجب خطط وبرامج مجربة على الأقل لسحب جزء مت كادر الدولة والذي وصل الى ارقام مهولة بلا انتاج مما شكل ضغط كبير على الموازنة ،واستثمار الهدوء الممتاز في المنطقة الجنوبية والوسطى وإنشاء المشاريع الاستثمارية من مصانع كبيرة واستراتيجية والسباق مع الزمن من اجل ذلك ، خصوصاً اذا علمنا ان شرطة ميسان أعلنت قبل ايام انها لم تتعرض لخرق أمني طيلة العام الماضي ، وهذا يعني انها مهيأة تماماً لمشاريع كبيرة تخدم المحافظة ، كما في السماوة والناصرية والديوانية والنجف الأشرف .
كما يجب العمل بمحورين فيما يخص استثمار عامل الزمن واللحظة وهي الان متوفرة لتفعيل الخصخصة ، والعمل بفريق مؤسساتي يخدم الملف النفطي ، كما يجب التاكيد على ضرورة عقد الندوات والمؤتمرات للخروج بقراءة واعية عن الأزمة والوقوف بوجه هذا التدهور الكبير في اسعار النفط ، وإيجاد الحلو الناجعة للازمة ، لان الوضع الاقتصادي لايتحمل مثل هكذا نكسات ونكبات اضرت كثيرا ببنية العراق الاقتصادية وحتى السياسية ، خصوصاً مع النهب الكبير لاموال الدولة والتي امتلئت البنوك الخليجية واللبنانية والإماراتية من سياسي الصدفة وسراق المال العام ، وتعود أموال البلد الى خزانته الحكومية والبدء فوراً بحملة كبرى نسميها ” قصم الظهر ” مرة للفساد المستشري في دوائر الدولة ومرة الارهاب الداعشي وعودة مدننا العزيزة من سيطرتهم الى حاضنتهم الام .