23 ديسمبر، 2024 12:00 م

هامة الشموخ والإباء تنحني أمام زينب الحوراء

هامة الشموخ والإباء تنحني أمام زينب الحوراء

أحببت صبرك في الطفوف مآثراً … يطري الضمير محاسناً ومفاخراً
الحوراء زينب “عليها السلام ” هالة من المجد، وقامة ثورية مناهضة لمظاهر أدلجة الدين والمتاجرة بمثالياته، بمقاييس الفكر والمفاهيم والقيم، قمعت بموروثها الفكري الحسيني الخالد خداع الخوار المارقة وأخضعت بخطابها الإعلامي المهيب قول عتاة حكمهم الداعشي البغيضن ليطرقوا بهاماتهم نحو الأرض ويطمسوا رؤوسهم في الرمال خشية ورهبة وإجلالاً ، ولمعرفة فضائلها وطيب معدنها وجوهر خلقها وعالمها القدسي يستوجب منا معرفة معاناتها بعد استشهاد أبيها الإمام علي بن أبي طالب ” عليه السلام ” وهمومها يوم الطف، وانشغالاتها بعد المصيبة الكبرى وقتل الحسين ” عليه السلام ” ومسؤوليتها الجسمية في الحفاظ على الأطفال والنساء ومن ثم حمل لواء ثورة الحسين الشهيد على يزيد الرعديد….

والإبحار في الينابيع التي كونت بحرها الفكري والإعلامي بحكم قربها من مدينة جدها المصطفى ” صلى الله عليه وآله وسلم ” وباب أبيها المرتضى ” عليه السلام ” ومعايشتها لأمها البتول ” عليه السلام ” التي إنقاد لها الجميع كما بين ذلك المرجع المحقق الصرخي الحسني في المحاضرة السابعة عشرة من بحث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول ” صلى الله عليه وآله وسلم “) حيث قال :

{{… ليس فقط عليّ عليه السلام قد انقاد لحكم ومواقف المرأة فاطمة “عليها السلام “، بل كل الصحابة والناس انقادوا للمرأة فاطمة “عليها السلام ” ولحكمِها ومواقِفِها إلى المستوى الذي بمجرد وفاتها انقلبت مواقفُهم كلّيا (أي 180 درجة)، فهل هذا انقياد لمرأة وانقياد لباطل؟! وهل هو تقية أو نفاق أو دين وحقّ وأخلاق؟!…}}…

فهي ابنة تلك المرأة القائدة فكيف وان لا تكون هي كأمها في مواقفها الفكرية والعلمية التي بني عليها بيت النبوة لبنة لبنة وكذلك معايشة الحوراء زينب لأخويها المجتبي وأبي الأحرار الحسين ” عليهما السلام ” فكانت بحق صوت الطف الهادر ودليلها الإعلامي كونها الأعرف والأعلم بتضاريس عالم الثورة الحسينية الخالدة، الذي هو بالضرورة عالمها الرسالي والجهادي فلطالما كتبت وخطبت وصرحت بمنجزها الثوري، الذي وقف عنده المؤرخون والباحثون المنصفون الموافقون والمخالفون طويلاً بعد إن اتخذت لنفسها منهجاً سامياً كشف عن مكنون روحها الأبية، بمضمون فكرها الفريد ومواقفها السرمدية، التي تنم عن رؤى ارتقت إلى أعلى درجات الحكمة والمعرفة, حتى انحنت لها هامة الشموخ والإباء.