22 أبريل، 2024 10:02 م
Search
Close this search box.

هادي الربيعي.. الطائر الغريب

Facebook
Twitter
LinkedIn

في شارع “الاوقاف” ببعقوبة، أوائل السبعينات، كان بيت شاعرنا هادي الربيعي، منه واليه يتسلل بكرة وأصيلا، وحين كنت أراه يتملكني شعور عارم بالفخر لان مدينتنا الوديعة فيها أساتذة يكتبون ويطبعون وينشرون، ثم تتصدر المكتبات القليلة كتبهم، وتتلألأ في الجرائد والمجلات أسماؤهم، فهذا محي الدين زنكنه وذاك حسين الجليلي وهنا خليل المعاضيدي وهاهو هادي الربيعي الذي كنا نحفظ مقاطع من قصائد ديوانه (أغاني الطائر الاخضر الغريب) ونراه عيانا فنفرح أحمد صفر صديقي وأنا.

كان بيته مقابل بيت صديقي أهل أحمد، وكنا كلانا طلابا في الاعدادية المركزية، وغالبا ماكنت أقف بباب أهل صديقي صباحا وظهرا وعصرا ومساءً بانتظار أحمد أو شقيقيه الصديقين الحميمين جمال والراحل محمد، فكانت وقفاتي المستديمة تتيح لي رؤية الشاعر الربيعي ولكم حلمت أن أتعرف عليه لأقرأ بحضرته ما أكتب، كنت أتمنى فحسب، ويوم اقتربت من تحقيق امنيتي فاذا بي أسمع ـ أواسط 1976 ـ أن شاعرنا الموظف بدائرة البريد قد نقل ـ الاصح أبعد أو نفي ـ مع موظفين مماثلين، منهم عز الدين الخالدي، الى كربلاء لاسباب سياسية.

وبعد سنتين أو ثلاثة دخل العراق برمته في قبو الظلم والظلام والاستبداد والحروب والاحزان والموت اليومي والحصار والفقر القاتم والقمع الرهيب، فما استطعت لقاء شاعري الا لمرتين أو ثلاث في ستوديو (الامل) وهو مكان عمل الفنان والكاتب صباح الانباري، ومكان لقاءات مثقفي بعقوبة، اذ كان شاعرنا يأتي لمعاودة أهله وزيارة مدينته فيعرج على الاستوديو/التجمع، وكنت ـ فضلا عن هذه اللقاءات ـ أتابع ما ينشر وما يطبع.

وكان صديقي ورفيقي ومعلمي الكبابجي (فرمان) يحكي لي عن شاعرنا عندما كنت أحط رحالي عنده في أماسي (العنافصة) المنيرة، كان يتحدث لي عن اثنين: شاعرنا الربيعي والمطرب جعفر حسن، اذ كانت علاقته وثيقة بهما وبنخبة مثقفي وسياسيي المدينة، فكان يسرد اباء هادي الربيعي وكيف صار، وهو عامل البناء، موظفا واعلاميا وشاعرا معروفا، فيؤكد أن العرفان كله للحزب الذي ربى ويربي.

وتروح الايام وتجيء، ويدعوني (نادي الكتاب) في خريف 2010 الى جلسة على قاعة نقابة المعلمين بكربلاء، فيتملكني الشعور العارم بالفخر ذاته بل أكثر حين أخبروني أن شاعرنا الربيعي سيقدم الجلسة، وكانت جلسة رائعة لأن الشاعر هادي الربيعي يجلس على منصتها، ولاني كنت أشاهد فلما واقعيا امتد من سبعينيات شارع الاوقاف ببعقوبة ولما يزل.

الان اقتنعت تماما أنه هو الطائر الاخضر الغريب، وقد استشرف هو مشواره عندما أصدر الديوان منذ 1968 وحتى أغانيه التي رست على ورم سرطاني في الكبد، بالضبط تحت جيبه الذي يحمل فيه هوية اتحاد الادباء، ولكن أبا علاء لم يقتله المرض اللعين، بل الاهمال الحكومي مع سبق الاصرار.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب