23 ديسمبر، 2024 4:11 م

عندما تمر أي امة بمعاناة، تبحث عن أمم عانت مثلها، لتسخر تجربتها في التخلص من المعاناة، أيا كان نوعها، الشعب العراقي مر بمرحلة؛ لم يشهد لها التاريخ مثيل، أبان فترة تسلط البعث ألصدامي، فقد كانت أكثرية الشعب من الشيعة والكورد وكثير من السنة، تخضع لظلم وتهميش فئة قليلة، لا يمكن أن تحسب لمذهب أو قومية، كونها تخضع لمصالح وأجندة لا تمثل بأي شكل من الإشكال الشعب العراقي.

هناك من أبناء السنة ممن عانوا من ظلم، نظام البعث ألصدامي، كعشائر الحبور والعبيد والبو فهد والبونمر، وأيضا أسرة الدكتور الشهيد راجي التكريتي، وغيرها من العشائر السنية، نلاحظ أنها غابت بشكل أو أخر عن العملية السياسية، ولم يكن من أبنائها شخص مؤثر؛ يمكن أن يمثل أهل السنة، بالاستناد إلى الوضع السياسي الجديد في العراق.

أن معظم القيادات السنية الحالية، لها ارتباطات مشبوهة مع النظام البائد ومع المجاميع الإرهابية، مما سهل استغفال أبناء السنة، لتكون مناطقهم حواضن للإرهاب، وأبناء معظمهم أدوات بيديه، لكن نلاحظ أن القلة القليلة من أبناء العشائر التي اشرنا إليها، موجودين ضمن هذه المجاميع، ومناطقهم لا تشكل حواضن رئيسة وكبيرة لها، بالقياس لمناطق أخرى بنفس المحافظة، يضاف لهؤلاء شخصيات ظهرت بعد التغيير، فهمت المعادلة الجديدة وتعاملت معها، كان يمكن للشيعة والكورد، تأهيل هذه الشخصيات لتشاركهم في العملية السياسية، لتشكل فريق منسجم يشترك بنفس الهم، متفق على جرائم النظام البائد، ومخلفاته الخطيرة في العراق وعلى كل المستويات والنواحي، ومتفق على أهمية بناء دولة تستند إلى أسس من العدالة، بين كل المكونات حسب نسبة تواجدها في البلد.

أن اغلب ممثلي الطائفة السنية الحاليين لا يؤمنوا بها إلى حد كبير، ومعظمهم يحمل أجندة خارجية كما أثبتت التجربة، كون معظمهم لا يمثلون أي ثقل في مناطقهم وعشائرهم، لذا فهم يتعكزون على الطائفية والإسناد الخارجي لغرض بقائهم في الساحة، هذا الحال ينطبق بشكل كبير على رجال الدين الدخلاء، فمعظمهم من رجال مخابرات النظام السابق وأجهزته القمعية، وارتدوا لباس العلماء بلا علم ولا تدين، وأيضا شيوخ العشائر هم الآخرين دخلاء على المشيخة ولا يمثلون إلا أنفسهم أو بعض المنحرفين.

قد أفرزت المواجهات مع داعش اليوم، بين ممثلي السنة الحقيقيين، ممن عاشوا معاناة أبناء منطقهم، وانخرطوا في القتال لغرض تحريرهم، وبين الأدعياء والدخلاء، ممن سكنوا العواصم المجاورة أو المنطقة الخضراء، وأصبحوا أبواق تعمل على التشكيك، وإبقاء النزعة الطائفية سائدة.

أصبح إلزاما على النخب السياسية من الشيعة والكورد، تأهيل أصحاب الثقل في الساحة السنية، ليكونوا ممثلين حقيقيين لهذه الساحة، وتحقيق طموحات أبنائها، أما الاستمرار مع الساسة الحاليين؛ فلا يمكن أن يضع نهاية لمشاكل العراق، ولا يحقق الوئام بين مكوناته طال الزمن أو قصر، فمنذ انطلاق العملية السياسية لليوم؛ لم تتقدم خطوة للأمام بسبب عرقلة هؤلاء لها، فليس لديهم واجب إلا العرقلة، واختلاق الخلافات، بكل قرار يراد اتخاذه من النشيد الوطني إلى القوانين المصيرية والمهمة، كقانون الأحزاب والمحكمة الاتحادية وسواها…