الحكام العرب لا يحترمون الاعلاميين و لعل بعض الذين التصقوا بالسلطة فى كل زمان و مكان قد نالوا من خيراتها و من جبروتها و اذلالها و ذلها كل ذلك ايضا حسب حال الوقت و متطلبات السلطة و غرور السلطة ، ” الجورنالجى ” محمد حسنين هيكل و غيره كانوا من صحفى الثورة المصرية زمن الزعيم جمال عبد الناصر ، عاصروا جيل مجلس قيادة الثورة و حسبهم الجميع على ذلك العهد و بعد رحيل ” الريس ” جاء الدور عليهم لينبذهم النظام الجديد بل هناك من اعتبرهم من قوات الشد الى الوراء و من مساندى مراكز القوى و شاءت الصدف أن يتدخل ” أولاد الحلال ” لدى الرئيس ” المؤمن ” محمد أنور السادات ليأمر بحبس من كانوا يوما بيوت اسرار الثورة المصرية و بمجرد اغتيال بطل السلام و الحرب دارت الدوائر على اولاد الحلال ليتولى اخرون من ” اولاد الحلال ” ايضا نفس الدور القذر و يرمى بالسابقين و ربما اللاحقين فى السجون فى عهد ” بطل الضربة الاولى ” الفريق محمد حسنى مبارك ، فى عهد الاخوان ناصب الاعلاميون هؤلاء المشبوهين العداء و كانت هناك حربا مفتوحة بين نظام يصف الاعلاميين بإعلام العار و بين اعلام وجد نفسه فى الزاوية و علم أنه يجب عليه أن يتغذى بالإخوان قبل أن يتعشوا به كما يقال ، رغم صعود النظام الجديد و سقوط محمد مرسى لا تزال معركة المصير متواصلة .
لقد نقلنا للمتابع بعضا من تاريخ الاعلام المصرى على سبيل المثال لا الحصر و كان همنا أن نرى العلاقة بين الحاكم و اهل الصحافة و صناع الرأى لكن و بالتوازى نحن نبحث عن تشريح واقع الاعلاميين العرب الذى لم يتخلص اغلبهم من ذل السلطة و تذلله لها طوعا أو كرها ، ففى عصر الفضاء الافتراضى و بعد أن تحول العالم الى قرية صغيرة و بات الاعلام الورقى يعيش ايامه الاخيرة فمن المفروض أن يحاول هؤلاء الاذلاء الدائمين و المتقربين القارين للحكام و للبلاط أن يتخلصوا من هذا الحمل و هذا الخنوع الذى جعل المتابعين يستهزئون من كتاباتهم ذات الاتجاه الواحد ذلك أن الاصرار العجيب و المتعنت على الخنوع يجعل الكاتب مجرد ببغاء يستعمله الحاكم العربى و يتخلص منه كما يتخلص من المنديل الورقى و بكل المعانى فان الاعلامى العربى مطالب اليوم بأن يتفهم بمنتهى الوضوح و الصراحة أن عهد الرؤساء و الحكام مدى الحياة قد ولى و انتهى الى غير رجعة و حتى من تبقوا فى السلطة فى الدول الخليجية و فى المغرب الاقصى فالرياح القادمة لا محالة ستقوض عروشهم الى الابد و على الجميع اليوم أن يحضروا قوارب النجاة برؤوسهم قبل مجيء الطوفان خاصة و ان الشعوب العربية لم تعد تقبل اليوم استمرار الحال على ما هو عليه .
عندما حاصرت دول الخليج و جامعة الدول العربية سوريا اعلاميا و قطعت عنها ” البث ” فى بداية الحراك السورى تكفلت قناة ” الجزيرة ” القطرية ذات الميول المشتبه فيها بتضليل الشعوب العربية و اصطنعت بقوة الفوتوشوب و التضليل ثورة و ثوارا من العدم من المثير للانتباه انهم ” تحللوا ” مع الوقت و فقد الجميع أثرهم بعد أن نذروا انفسهم مقابل الاموال الخليجية النفطية الخيالية لتوجيه الرأى العام السورى و العربى الى وجهة ضالة ، مقابل القوة المالية و التقنية و ما اكتسبته القناة القطرية المشبوهة من خبرة منذ حرب الخليج و حرب افغانستان و ما خصص اليها من مخصصات لوجيستية و مالية من الدولة القطرية المشاركة فى المؤامرة على سوريا وجد النظام السورى نفسه معزولا اعلاميا فى بداية الحراك السورى بحيث شهدنا حالات من الترنح و فقدان التوازن لأداء القنوات السورية الحكومية الرسمية ، يعتقد كثير من المتابعين انه بقدر هشاشة الرد الاعلامى السورى و تواضعه فى البداية فان ذلك الاداء المرتبك و المتلعثم قد خدم النظام من حيث لا يشعر ابدا على اعتباره قد اعطى الانطباع للمراقبين و بالذات للواقفين على مسار المؤامرة القذرة بأن هذا النظام قد ترنح بصورة واضحة و بات سهلا للقطف بعد فترة قدرها هؤلاء بالأيام القليلة ان لم نقل بالساعات كما حدث مع الرئيس باراك أوباما و مع الرئيس التركى رجب اوردغان و مع الرئيس التونسى المؤقت و مع زعيم حركة النهضة الارهابية فى تونس راشد الغنوشى و زعيم الاخوان فى مصر محمد مرسى المعزول .
لعل ما أنجزه الاعلاميون السوريون بمرور الوقت يمثل اعجازا يجب أن يتمعن فيه الجميع بالدراسة و التحليل و لعل قناة ” الاخبارية السورية ” قد تفوقت على الجميع فى سوريا فى قدرتها على التأقلم رغم ما تعرضت اليه من تدمير و قتل لعديد كوادرها و لعل برامجها التحليلية التى استقطبت كبار المفكرين و المثقفين و السياسيين السوريين و العرب قد شكلت مفاجأة من العيار الثقيل سواء على مستوى قدرة المحاورين فى القناة او على مستوى النزاهة و العمق و الابتعاد عن الثرثرة و الغوغائية التى مارسها الاعلام المصرى سنة 1967 و تبين ضررها الفاجع بعد انقشاع يوم 6 جوان من نفس تلك السنة المشئومة ، ايضا كان لدور قناة العالم الايرانية و بالذات الاعلامى الكبير حسين مرتضى دورا لامعا فى تعرية واقع ” الثورة السورية القذرة ” و من تشكل وراءها طبعا و بالذات من قطاع الطرق الخليجيين و الغربيين و الصهاينة ، فى نظر المتابعين شكلت قناة ” الميادين ” رافعة مهمة للإعلاميين العرب الاحرار الذين يهتمون بمتابعة القضايا العربية المهمة و على رأسها طبعا القضية الفلسطينية و اسناد المقاومة فى عناوينها السورية و اللبنانية و الايرانية و العربية ، بطبيعة الحال لا يمكن تجاهل دور قناة ” المنار ” لسان حال حزب الله اللبنانى و ما قدمه الاعلاميون فيها من تضحيات جسام بلغت حد الاستشهاد فى ساحات المعارك سواء فى سوريا أو لبنان او العراق .
لقد انهزم الاخوان فى مصر و فى كل الدول العربية و انكسرت شوكتهم و تبين للجميع مدى كراهيتهم و حقدهم على الاسلام و المسلمين و مدى تشابك مصالحهم الفئوية الضيقة مع مصالح الجهات الاجنبية الصهيونية المتآمرة على القضايا العربية و لكن الجميع يعلمون مدى ما صرفته هذه الجماعات الارهابية من اموال نفطية ملوثة بدماء المسلمين كل ذلك لتمكين بعض أدواتها من الاعلاميين الفاسدين من أسباب اطلاق حملاتهم المسعورة على الشعوب العربية الرافضة لمنوال هذا الحكم اللاهوتى البغيض و قد شاهدنا بعض الاعلاميين يتفوقون فى فن نشر الباطل و التضليل و النفاق مرتدين لبوس الفضيلة المنافقة معتدين بالطول و العرف على التفسير الصحيح للآيات القرآنية متجاهلين تسامح الاسلام و متشبثين بسياسة فرق تسد التى دمرت سوريا و العراق و ليبيا و مصر تدميرا مرعبا يؤكد مدى تعلق هؤلاء الاعلاميين الفاسدين بالمال الفاسد و استعدادهم اللامشروط لخدمة المشاريع الصهيونية ، هذا الاعلام البائس السقيم هو أحد الاسلحة المدمرة التى تستعملها اسرائيل بالواسطة لتنفيذ بقية مشروع الفوضى الخلاقة و لعل من يطالع بعض كتابات كبار الاعلاميين فى دول الخليج و لبنان و بريطانيا يدرك اسباب نشر وزارة الخارجية الصهيونية لقائمة كتاب العار العرب الذين قدموا خدمات جليلة للمشروع الصهيونى و لتكريس الواقع الصهيونى الغادر فى فلسطين ، بالنهاية هناك اقلام و هناك اقلام و هناك نضال و هناك خيانة و هناك عروبة و هناك صهاينة عرب .