17 نوفمبر، 2024 11:16 ص
Search
Close this search box.

نينوى .. طائر الحب

نينوى .. طائر الحب

فتح عينيه محدقاً بالظلام خلف القضبان، انه الفجر لا احد مستيقظ، راح يتناول حبات الدخن القليلة المتبقية، ثم اخذ يرفرف جناحيه بسرعة و يقوم بتنظيف نفسه، استيقظ رفيقاه ايضاً و بدأو يصرخون مصدرين صوتهم الحاد، صوت مزعج جداً، هكذا يظن سجانهم لأنه لا يفهم لغتهم، لا يشعر بهم، لا يهم فلن يشعر ابداً حتى ان فهم لغتهم.

يدعوه الناس طائر الحب لكن مالكه يسميه نينوى يعيش داخل قفص معدني مع انبار و صلاح الدين في منزل ومشتمل يسكنه ثلاثة اشقاء “سن و شيع و كرد” هوايتهم المفضلة تربية الحيوانات الاليفة، كل واحد منهم لديه قفص طيور حب خاص به، يقيم كرد بالمشتمل، و شيع يشغل الطابق الاول من البيت الرئيسي اما سن فقد حاز على الطابق الثاني، الاخير هو صاحب نينوى و صديقيه لم يكن مؤيداً لفكرة تربيتهم في البداية لولا ان تملكت الغيرة اولاده من ابناء عمهم شيع فوافق بعد الحاح طويل، عندما اشترى طيوره كان عددهم اربعة، الرابع “كركوك” اهداه الى كرد تعويضاً عن الكتاكيت التي اكلتها قطته قبل سنوات و السرير القديم الذي اعاره اياه.

سن متعجرف يحب التباهي يظن انه يعرف كل شيء عن كل شيء، كثيراً ما يشكو من اهمال شيع لنظافة قفص طيوره رغم انه لم ينظف قفص نينوى سوى مرتين، بالمرة الثانية اراد تنظيف القفص في الحمام و كان السطل مليئاً بالماء الساخن، عندما فتح الباب قفز ثلاثتهم خارجه و سقطو بالسطل فهرع لاخراجهم قبل ان يموتو غرقاً و سمطاً، و يسخر من بخل شيع كيف انه يرفض وضع الكرفس كي تتغذى عليه طيوره لفترة مؤقتة اذا كان الدخن نافداً، رغم ذلك لا يضع سن الطعام لنينوى و شريكيه الا حين يشعر انهم سيموتون غداً ان لم يطعمهم قليلاً.

اصعب ايام نينوى داخل هذا المنزل عندما كبر مولود سن و بدأ يمشي اصبح يضايق الطيور و يرعبهم، تارة يضرب القفص و تارة اخرى يهزه بقوة او يدخل عصا طويلة و يحركها بسرعة ليضربهم و يفزعهم، شاهدته والدته ذات مرة فاخبرت زوجها الذي لم يلق بالاً لها زاعماً ان ولده يستخدم العصا للحراسة يخيف بها القطط الضالة و لن يزعج نينوى و صاحبيه ابداً.

مر وقت طويل منذ وضع سن الغطاء، قطعة قماش يغطي بها القفص لتسكت طيوره و تتوقف عن اصدار اي صوت، اين اصحاب المنزل؟ من سيرفع الغطاء؟ مر يوم كامل و لا احد رفعه، يبدو ان سن و زوجته على خلاف و قد رحلت عن المنزل و هو مشغول بحل المشكلة.

نينوى و انبار و صلاح الدين ينتظرون، هل سيتذكرهم سن؟ ام انهم سيظلون تحت الغطاء لا يرون شيئاً و لا احد يراهم؟ اتمنى ان يتذكرهم احد ما قبل فوات الاوان.

أحدث المقالات