لا يخفى ما تعرض له الشعب الكوردي من مآسي وويلات على أيدي جلاوزة النظام البائد حتى إستمرت الحكومات المتعاقبة بعد تحرير العراق في إنتهاج ذات السياسة وعدم الإعتراف بالحقوق المشروعة للكورد وأذكر على سبيل المثال لا الحصر ما رافق أحداث السادس عشر من أكتوبر الماضي من تجاوزات تعسفية يندى لها الجبين , بعد أن تعمدت حكومة بغداد مع سبق الإصرار والترصد في خرق أكثر من خمسين مادة من بنود الدستور العراقي بالرغم من كتابته بأياديهم والتصويت عليه من قبل الشعب العراقي , حيث يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض وفقاً لأمزجتهم السياسية وإنتهاجهم سياسة التهميش والإقصاء وعدم القبول بالآخر ونسف مبدأ الشراكة السياسية والتوازن والتوافق بين الفرقاء السياسيين المشاركين في تشكيل الكابينة الوزارية , لكن بعد أربع سنوات عجاف ذاق فيها الشعب الكوردستاني الأمرين نتيجة للركود الإقتصادي ونقص في السيولة النقدية بسبب عدم تخصيص الموازنة السنوية كإستحقاق دستوري وقطع رواتب الموظفين وقوات البيشمركة منذ عام 2014 وإنخفاض سعر النفط في الأسواق العالمية , ومما زاد في الطين بلة بعد فرض الحصارالإقتصادي المفتعل من قبل حكومة بغداد بحجة فرض سلطة القانون في كركوك والمناطق المتنازع عليها , حيث كان الأعداء يستهدفون التطور والتقدم والأمان الحاصل في إقليم كوردستان .
وفي حفل وضع حجر الأساس لمشروع طريق 150 الإستراتيجي في أربيل أعلن السيد نيجيرفان البارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان بإستئناف عملية الإعمار وإنعاش الإقتصاد في إقليم كوردستان وأكد سيادته قائلاً ( نشكر صمودكم أربع سنوات وستعود أيام الرفاه والإعمار وشارفنا على تجاوز الأيام الصعبة وسنمضي بإتجاه مستقبل أفضل لكوردستان ) وأضاف سيادته في حفل الحملة الإنتخابية لقائمة الحزب الديمقراطي الكوردستاني قائلاً ( بعد خمس سنوات من مقارعة الإرهاب والضغوط الإقتصادية والسياسية أصبحنا على مشارف تجاوز الأيام الصعبة والعودة الى مسارنا الحقيقي ) , نعم إنها البشرى , لقد أخذت عجلة البناء والإعمار بالدوران بأيادي نزيهة وأمينة وحريصة على مستقبل الكورد , وبذلك ستزدهر كوردستان وستضاهي عواصم الدول المتقدمة بل ستنافسها من أجل تقديم أفضل الخدمات للمواطنين الذين تحملوا الظلم والتهميش والإقصاء لسنوات خلت تحت نير الإستبداد والدكتاتورية المقيتة , في الوقت الذي تعاني فيه غالبية محافظات العراق من الإهمال ومن نقص وسوء في الخدمات نتيجة إستشراء الفساد في مؤسسات الدولة كافة دون إستثناء , وفي هذا السياق يمكن الإستشهاد بحديث نبوي شريف ( كلكم راع وكلكم مسؤؤول عن رعيته ) فأين الراعي وأين الرعية ؟ في دولة غنية بمواردها النفطية حيث تقدر موازنتها السنوية لبناء دولة بحالها , لكن للأسف غابت الرقابة الإدارية وتغلبت المصلحة الشخصية للمسؤول على المصلحة العامة للبلد حتى عاثوا في الأرض الفساد وعطشت البصرة الفيحاء في بلاد الرافدين والمطلة على شط العرب بالرغم من تخصيص وصرف مليارات الدولارات على مشاريع وهمية دون وازع ولا رادع .
لقد رفع الحزب الديمقراطي الكوردستاني في حملته الإنتخابية شعار من أجل بناء كوردستان قوي , لأن قوة كوردستان من قوة الحزب معتمدين بذلك على القاعدة الجماهيرية الواسعة التي يحظى بها للحصول على أكبرعدد من المقاعد النيابية بما يتناسب وتأريخ الحزب النضالي وحجم التضحيات التي قدمها كقرابين من أجل الحرية والأستقلال , حيث صنف كأول حزب سياسي على مستوى العراق يخوض بمفرده الإنتخابات النيابية للبرلمان العراقي وخاب ظن المفترين بعد أن راهنوا على نهايته .
نعم إنها القيادة الناجحة التي يتميز بها السيد نيجيرفان البارزاني والتي تمكن من خلالها تجاوز المحنة والأزمة المفتعلة من قبل الشوفينيين بفضل دبلوماسيته الذكية وحنكته السياسية كونه قد نهل من مبادىء الحزب وتخرج من المدرسة النضالية التي أرسى دعائمها الأب الروحي للكورد الملا مصطفى البارزاني ليتفانى من أجل مصلحة الكورد وكوردستان .